حياته المبكرة وتعليمه
ولد علي شريعتمداري في مدينة شيراز بإيران في عام 1924. تلقى تعليمه الأولي في شيراز ثم انتقل إلى طهران لمواصلة تعليمه العالي. حصل على درجة البكالوريوس في الفلسفة والعلوم التربوية من جامعة طهران. بعد ذلك، سافر إلى الولايات المتحدة لمواصلة دراساته العليا، حيث حصل على درجة الماجستير والدكتوراه في التربية من جامعة ميشيغان.
مسيرته الأكاديمية
بعد عودته إلى إيران، انضم شريعتمداري إلى هيئة التدريس في جامعة طهران، حيث قام بتدريس الفلسفة والعلوم التربوية. شغل مناصب إدارية مختلفة في الجامعة، بما في ذلك عميد كلية التربية. كان له دور فعال في تطوير المناهج التعليمية في إيران، وساهم في تحديث أساليب التدريس. تميزت مسيرته الأكاديمية بالإسهامات القيمة في مجال التربية والفلسفة، حيث ترك بصمة واضحة في تطوير التعليم في إيران.
وزارة الثقافة
في عهد حكومة رئيس الوزراء مهدي بازركان بعد الثورة الإسلامية عام 1979، تم تعيين علي شريعتمداري وزيرًا للثقافة. خلال فترة توليه هذا المنصب، سعى إلى تطبيق سياسات ثقافية تعكس القيم الإسلامية وتدعم الثقافة الإيرانية الأصيلة. عمل على تعزيز الفنون والأدب والموسيقى التي تتماشى مع هذه القيم. ومع ذلك، لم تستمر فترة ولايته طويلًا، حيث استقال من منصبه بعد فترة وجيزة بسبب الخلافات السياسية.
مؤلفاته
ترك علي شريعتمداري إرثًا غنيًا من المؤلفات في مجال التربية والفلسفة. من بين أبرز أعماله:
- فلسفة التربية: يعتبر هذا الكتاب من أهم المؤلفات في مجال فلسفة التربية في العالم العربي، حيث يقدم تحليلًا شاملاً لأهم القضايا والمفاهيم المتعلقة بالتربية.
- علم النفس التربوي: يتناول هذا الكتاب الأسس النفسية للتعلم والتعليم، ويقدم رؤى قيمة للمعلمين والتربويين حول كيفية التعامل مع الطلاب وتلبية احتياجاتهم التعليمية.
- مقدمة في العلوم التربوية: يقدم هذا الكتاب مدخلًا شاملاً إلى مجال العلوم التربوية، ويغطي مختلف جوانب التربية، بما في ذلك المناهج والتدريس والإدارة التربوية.
- التربية والمجتمع: يستكشف هذا الكتاب العلاقة بين التربية والمجتمع، ويناقش كيف يمكن للتربية أن تساهم في بناء مجتمع أفضل.
بالإضافة إلى هذه الكتب، نشر شريعتمداري العديد من المقالات والأبحاث في المجلات العلمية المتخصصة. تعتبر مؤلفاته مرجعًا هامًا للباحثين والطلاب في مجال التربية والفلسفة.
أفكاره التربوية
تميزت أفكار علي شريعتمداري التربوية بالتركيز على أهمية القيم الأخلاقية والإسلامية في التعليم. كان يؤمن بأن التعليم يجب أن يهدف إلى تنمية شخصية الطالب بشكل متكامل، وليس فقط تزويده بالمعرفة والمهارات. كان يدعو إلى تطوير مناهج تعليمية تعزز الهوية الوطنية والقيم الإسلامية، وتشجع على التفكير النقدي والإبداع. كما كان يشدد على أهمية دور المعلم في العملية التعليمية، ويعتبره قدوة حسنة للطلاب.
من بين الأفكار التربوية الرئيسية التي دعا إليها شريعتمداري:
- التركيز على القيم الأخلاقية والإسلامية: كان يؤمن بأن التعليم يجب أن يهدف إلى غرس القيم الأخلاقية والإسلامية في نفوس الطلاب، مثل الصدق والأمانة والإخلاص والتعاون.
- تنمية شخصية الطالب بشكل متكامل: كان يدعو إلى تطوير مناهج تعليمية تهتم بتنمية جميع جوانب شخصية الطالب، بما في ذلك الجوانب العقلية والجسدية والاجتماعية والعاطفية.
- تشجيع التفكير النقدي والإبداع: كان يؤكد على أهمية تشجيع الطلاب على التفكير النقدي والإبداعي، وتنمية قدراتهم على حل المشكلات واتخاذ القرارات.
- تعزيز الهوية الوطنية والقيم الإسلامية: كان يدعو إلى تطوير مناهج تعليمية تعزز الهوية الوطنية والقيم الإسلامية، وتحافظ على التراث الثقافي الإيراني.
- تأهيل المعلمين: كان يشدد على أهمية تأهيل المعلمين وتزويدهم بالمهارات والمعرفة اللازمة للقيام بدورهم في العملية التعليمية.
جوائزه وتكريمه
حصل علي شريعتمداري على العديد من الجوائز والتكريمات تقديرًا لإسهاماته في مجال التربية والفلسفة. من بين هذه الجوائز:
- جائزة الدولة التقديرية في العلوم التربوية: حصل على هذه الجائزة من قبل الحكومة الإيرانية تقديرًا لإسهاماته البارزة في مجال التربية.
- جائزة أفضل كتاب في العلوم التربوية: حصل على هذه الجائزة عن كتابه “فلسفة التربية”.
- الدكتوراه الفخرية من جامعة طهران: منحته جامعة طهران الدكتوراه الفخرية تقديرًا لمسيرته الأكاديمية المتميزة.
بالإضافة إلى هذه الجوائز، تم تكريم شريعتمداري في العديد من المؤتمرات والندوات العلمية تقديرًا لإسهاماته في مجال التربية والفلسفة.
وفاته
توفي علي شريعتمداري في 9 يناير 2017 عن عمر يناهز 93 عامًا. ترك وراءه إرثًا غنيًا من المؤلفات والأفكار التربوية التي ستظل تلهم الأجيال القادمة من المعلمين والتربويين.
خاتمة
علي شريعتمداري كان أكاديميًا مرموقًا، وخبيرًا تربويًا متميزًا، وسياسيًا مثقفًا. ترك بصمة واضحة في مجال التربية والفلسفة في إيران والعالم العربي. ستظل أفكاره ومؤلفاته مرجعًا هامًا للباحثين والطلاب في مجال التربية والفلسفة. لقد كان شخصية مؤثرة ساهمت في تطوير التعليم وتعزيز القيم الأخلاقية والإسلامية في المجتمع.