نشأته وتعليمه
ولد بلاتون ليفشين في قرية تشاشنيكوفو بالقرب من موسكو في عائلة كاهن فقير. تلقى اسمه عند الولادة بيوتر. في عام 1748، التحق بالسيمينار السلافي اليوناني اللاتيني في دير زايكونوستباسكي في موسكو. كان طالبًا متميزًا، وسرعان ما لفت انتباه رئيس الأساقفة بلاتون مالينوفسكي، الذي أصبح راعيًا له. بتشجيع من مالينوفسكي، درس ليفشين الأدب والبلاغة والفلسفة واللاهوت. أظهر موهبة خاصة في الخطابة والكتابة، وسرعان ما أصبح معروفًا بأسلوبه البليغ والمقنع.
في عام 1757، تخرج ليفشين من السيمينار وعُين مدرسًا للغة اليونانية فيه. في عام 1758، رُسم راهبًا وأخذ اسم بلاتون، تكريما لراعيه مالينوفسكي. في عام 1761، عُين واعظًا في دير الثالوث المقدس سيرجيوس، وهو أحد أهم المراكز الدينية في روسيا. هناك، اكتسب بلاتون شهرة واسعة كواعظ موهوب ومفكر لاهوتي. تميزت عظاته بالوضوح والبلاغة والأهمية الاجتماعية، مما جعله يحظى بشعبية كبيرة بين مختلف شرائح المجتمع.
مسيرته الكنسية
بدأت مسيرة بلاتون الكنسية في الصعود بسرعة. في عام 1763، استدعته الإمبراطورة كاترين الثانية إلى سانت بطرسبرغ وعينته واعظًا للقصر. كانت كاترين الثانية معجبة بذكائه وفصاحته ومعرفته الواسعة، وسرعان ما أصبح بلاتون مستشارًا مقربًا لها في الشؤون الدينية. لعب دورًا هامًا في تنفيذ الإصلاحات الكنسية التي قامت بها كاترين الثانية، والتي هدفت إلى تحديث الكنيسة الروسية وجعلها أكثر توافقًا مع مبادئ التنوير.
في عام 1766، رُسم بلاتون أسقفًا لتفير. في عام 1770، نُقل إلى أبرشية موسكو، وفي عام 1775، رُقي إلى منصب مطران موسكو. كان مطران موسكو هو أعلى منصب كنسي في روسيا بعد البطريرك، وكان بلاتون يتمتع بنفوذ كبير في الكنيسة والدولة.
إصلاحاته ومساهماته
خلال فترة ولايته كمطران لموسكو، قام بلاتون بالعديد من الإصلاحات والمساهمات الهامة. كان مؤيدًا قويًا للتعليم، وأسس العديد من المدارس والمعاهد الدينية الجديدة. قام بتحديث نظام التعليم اللاهوتي، وأدخل مناهج جديدة تركز على الفلسفة والعلوم والتاريخ. كما شجع ترجمة النصوص الدينية إلى اللغة الروسية، مما جعلها في متناول جمهور أوسع.
لعب بلاتون دورًا هامًا في تطوير اللاهوت الروسي. كتب العديد من الأعمال اللاهوتية الهامة، بما في ذلك “التعليم المسيحي الأرثوذكسي” و “مجموعة عظات”. أكد في كتاباته على أهمية العقل والأخلاق في الحياة الدينية، وحاول التوفيق بين الإيمان والعقل. كان له تأثير كبير على جيل كامل من اللاهوتيين والقساوسة الروس.
كان بلاتون أيضًا شخصية عامة بارزة. كان معروفًا بعمله الخيري، وقدم الدعم المالي للفقراء والمحتاجين. كان أيضًا مدافعًا قويًا عن حقوق الإنسان، ودعا إلى إلغاء العبودية وتحسين ظروف الفلاحين. كان له تأثير كبير على المجتمع الروسي، وكان يحظى باحترام كبير من قبل مختلف شرائح المجتمع.
موقفه من الغزو الفرنسي
عندما غزا نابليون روسيا في عام 1812، لعب بلاتون دورًا حاسمًا في حشد الشعب الروسي للدفاع عن وطنه. ألقى العديد من الخطب النارية التي دعت الروس إلى القتال ضد الغزاة الفرنسيين. تبرع بجزء كبير من ثروته الخاصة لدعم المجهود الحربي. بفضل جهوده، تمكنت الكنيسة الروسية من جمع الأموال والموارد اللازمة لدعم الجيش الروسي.
أمر بلاتون بإخراج الأيقونات المقدسة من الكنائس وحملها في شوارع موسكو لحشد الدعم الشعبي. كما شجع القساوسة على الانضمام إلى الميليشيات الشعبية والمشاركة في القتال ضد الفرنسيين. لعب دورًا هامًا في رفع الروح المعنوية للشعب الروسي خلال فترة الغزو.
عندما دخل الجيش الفرنسي موسكو، رفض بلاتون مغادرة المدينة. بقي في دير الثالوث المقدس سيرجيوس، حيث استمر في تقديم الدعم الروحي للمدافعين عن المدينة. بعد أن تمكن الجيش الروسي من إخراج الفرنسيين من موسكو، عاد بلاتون إلى المدينة واستأنف مهامه كمطران.
وفاته وإرثه
توفي بلاتون ليفشين في 11 نوفمبر 1812، بعد فترة وجيزة من نهاية الحرب الوطنية عام 1812. دُفن في دير الثالوث المقدس سيرجيوس. ترك وراءه إرثًا كبيرًا كمصلح كنسي، ولاهوتي بارز، وشخصية عامة مؤثرة. يُعتبر أحد أهم الشخصيات في تاريخ الكنيسة الروسية.
يُذكر بلاتون ليفشين لمساهماته العديدة في تطوير التعليم اللاهوتي، ودعمه للعلوم والفنون، وعمله الخيري، ودفاعه عن حقوق الإنسان. كما يُذكر لدوره الحاسم في حشد الشعب الروسي للدفاع عن وطنه خلال فترة الغزو الفرنسي.
خاتمة
كان بلاتون ليفشين شخصية بارزة في تاريخ الكنيسة الروسية. بصفته مطرانًا لموسكو، لعب دورًا حاسمًا في تحديث الكنيسة وتطوير التعليم اللاهوتي. كان أيضًا شخصية عامة مؤثرة، ومدافعًا قويًا عن حقوق الإنسان. خلال الغزو الفرنسي لروسيا، حشد الشعب الروسي للدفاع عن وطنه. ترك بلاتون ليفشين إرثًا كبيرًا كمصلح كنسي، ولاهوتي بارز، وشخصية عامة مؤثرة.