مقدمة
فلاس ياكوفليفيتش تشوبار (بالأوكرانية: Влас Якович Чубар؛ 22 فبراير [بحسب التقويم القديم: 10 فبراير] 1891 – 26 فبراير 1939) كان ثوريًا بلشفيًا أوكرانيًا وسياسيًا سوفيتيًا بارزًا. لعب تشوبار دورًا محوريًا في السياسة السوفيتية خلال فترة صعود الاتحاد السوفيتي، وشغل مناصب قيادية في جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفيتية وفي الحكومة المركزية في موسكو. على الرغم من مسيرته السياسية اللامعة، انتهت حياة تشوبار بشكل مأساوي خلال التطهير الكبير في أواخر الثلاثينيات.
نشأته ومسيرته المبكرة
ولد فلاس تشوبار في قرية هاييفكا، محافظة بولتافا (تقع الآن في منطقة كريمنشوك، مقاطعة بولتافا، أوكرانيا) في عائلة فلاحية أوكرانية. انخرط في الحركة الثورية في وقت مبكر من حياته، وانضم إلى حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي (البلشفي) في عام 1907. كانت خلفيته الفلاحية وتفانيه في الأيديولوجية البلشفية عاملين رئيسيين في صعوده السريع في صفوف الحزب.
شارك تشوبار بنشاط في الأنشطة الثورية في منطقة دونباس الصناعية. درس في معهد سانت بطرسبرغ للفنون التطبيقية، حيث واصل نشاطه السياسي. بعد ثورة فبراير عام 1917، أصبح تشوبار شخصية بارزة في مجلس بتروغراد السوفيتي وأيد بحماس الاستيلاء البلشفي على السلطة في ثورة أكتوبر.
مسيرته السياسية في أوكرانيا الاشتراكية السوفيتية
بعد تأسيس جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفيتية، لعب تشوبار دورًا مهمًا في ترسيخ السلطة السوفيتية في أوكرانيا. شغل مناصب مختلفة في الحكومة الأوكرانية، بما في ذلك رئيس مجلس المفوضين الشعبيين (رئيس الوزراء) من عام 1923 إلى عام 1934. خلال فترة ولايته كرئيس للوزراء، أشرف تشوبار على تنفيذ سياسات مثل التجميع الزراعي والتصنيع، التي كان لها تأثير عميق على المجتمع الأوكراني.
التجميع الزراعي القسري: كان التجميع الزراعي القسري سياسة كارثية أدت إلى مجاعة واسعة النطاق في أوكرانيا في أوائل الثلاثينيات، والمعروفة باسم “هولودومور”. لعب تشوبار، بصفته رئيسًا للوزراء، دورًا في تنفيذ هذه السياسة، التي تضمنت مصادرة الأراضي الزراعية الخاصة ودمجها في مزارع جماعية. أدت هذه السياسة إلى مقاومة عنيفة من الفلاحين الأوكرانيين، وتم التعامل معها بقسوة من قبل السلطات السوفيتية. يرى العديد من المؤرخين أن “هولودومور” جريمة إبادة جماعية ارتكبها النظام السوفيتي ضد الشعب الأوكراني.
التصنيع: أشرف تشوبار أيضًا على جهود التصنيع في أوكرانيا، والتي تهدف إلى تحويل الجمهورية إلى مركز صناعي. تم بناء المصانع والمصانع، وتم تحويل الموارد إلى الصناعات الثقيلة. على الرغم من أن التصنيع أدى إلى النمو الاقتصادي، إلا أنه جاء على حساب الظروف المعيشية للعديد من الأوكرانيين، الذين عانوا من نقص الغذاء والإسكان والسلع الأساسية الأخرى.
مسيرته في الحكومة المركزية
في عام 1934، تم نقل تشوبار إلى موسكو، حيث شغل مناصب مختلفة في الحكومة المركزية. أصبح نائبًا لرئيس مجلس مفوضي الشعب في الاتحاد السوفيتي وعضوًا في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي لعموم الاتحاد (البلشفي). في موسكو، واصل تشوبار لعب دور بارز في صنع السياسات الاقتصادية والاجتماعية على مستوى الاتحاد.
دوره في صنع السياسات: كان تشوبار شخصية مؤثرة في الدوائر السياسية السوفيتية، وكان صوته مسموعًا في مناقشات السياسات الرئيسية. شارك في تطوير الخطط الخمسية التي وجهت التنمية الاقتصادية للاتحاد السوفيتي. على الرغم من منصبه الرفيع، كان تشوبار يعيش في ظل الشكوك المتزايدة مع اشتداد التطهير الكبير.
التطهير والإعدام
في عام 1938، خلال ذروة التطهير الكبير الذي أمر به جوزيف ستالين، تم اعتقال تشوبار بتهم كاذبة تتعلق بالأنشطة المناهضة للثورة. تم طرده من الحزب الشيوعي وحرمانه من جميع ألقابه ومناصبه. بعد محاكمة صورية قصيرة، أدين وحُكم عليه بالإعدام. تم إعدام فلاس تشوبار في 26 فبراير 1939.
إعادة الاعتبار: بعد وفاة ستالين في عام 1953، بدأت عملية إعادة الاعتبار لضحايا التطهير الكبير. تمت تبرئة فلاس تشوبار بعد وفاته في عام 1955، وأعيدت عضويته في الحزب الشيوعي. تم الاعتراف به كضحية للظلم الستاليني، وتم استعادة سمعته.
إرثه
يظل إرث فلاس تشوبار موضوعًا للجدل. يعتبره البعض شخصية مأساوية وقعت ضحية للقمع الستاليني. يرى البعض الآخر أنه يتحمل المسؤولية عن المعاناة التي تسبب فيها التجميع الزراعي القسري وسياسات أخرى تم تنفيذها خلال فترة ولايته كرئيس للوزراء في أوكرانيا. بغض النظر عن وجهة النظر، فإن حياة فلاس تشوبار تعكس التعقيدات والتناقضات في التاريخ السوفيتي.
- شخصية مثيرة للجدل: سواء كان بطلاً أم شريراً، يظل فلاس تشوبار شخصية مثيرة للجدل في التاريخ الأوكراني والسوفيتي. أدت مشاركته في الأحداث المأساوية مثل “هولودومور” إلى تلطيخ سمعته، في حين أن إعادة الاعتبار له بعد وفاته تشير إلى أن هناك وجهة نظر مختلفة حول دوره في التاريخ.
- رمز للعصر: تمثل حياة وموت فلاس تشوبار صعود وسقوط العديد من الثوار البلشفيين الذين صعدوا إلى السلطة في أعقاب ثورة أكتوبر. إنهم يذكروننا بالطبيعة المعقدة للتاريخ وبالعواقب الوخيمة التي يمكن أن تحدث عندما تصبح الأيديولوجية فوق الإنسانية.
خاتمة
كان فلاس ياكوفليفيتش تشوبار شخصية بارزة في السياسة السوفيتية، لعب دورًا رئيسيًا في كل من أوكرانيا الاشتراكية السوفيتية والحكومة المركزية في موسكو. صعوده السريع من خلفية فلاحية إلى مناصب عليا في الحزب الشيوعي يجسد الفرص التي أتيحت لأولئك الذين تبنوا الأيديولوجية البلشفية. ومع ذلك، فإن تورطه في سياسات كارثية مثل التجميع الزراعي القسري وتطهيره وإعدامه اللاحق يمثل تذكيرًا صارخًا بقسوة النظام الستاليني. يظل إرث تشوبار موضوعًا للجدل، مما يعكس التعقيدات والتناقضات في التاريخ السوفيتي.