منشأ الشريان ومساره
ينشأ الشريان الدرقي السفلي من الجذع الدرقي الرقبي، وهو فرع من الشريان تحت الترقوة (Subclavian artery). يرتفع الشريان الدرقي السفلي إلى الأعلى خلف غمد السباتي (Carotid sheath)، ثم ينحني بشكل وسطي ليصل إلى الجزء السفلي من الغدة الدرقية. غالبًا ما يمر خلف الشريان السباتي الأصلي (Common carotid artery) قبل أن يصل إلى الغدة الدرقية، ولكنه في بعض الحالات قد يمر أمامه. عند وصوله إلى الغدة الدرقية، يتفرع الشريان إلى عدة فروع صغيرة تخترق الغدة لتغذيتها.
فروع الشريان الدرقي السفلي
يتفرع من الشريان الدرقي السفلي عدة فروع جانبية قبل أن يصل إلى الغدة الدرقية، وتشمل هذه الفروع:
- الشريان الحنجري السفلي (Inferior laryngeal artery): يرافق هذا الشريان العصب الحنجري الراجع (Recurrent laryngeal nerve) ويزود عضلات الحنجرة والأغشية المخاطية بالدم. يعتبر الحفاظ على هذا الشريان والعصب الحنجري الراجع أمرًا بالغ الأهمية أثناء جراحات الغدة الدرقية لتجنب المضاعفات المتعلقة بالصوت والتنفس.
- الفروع المريئية (Esophageal branches): تزود هذه الفروع المريء بالدم.
- الفروع الرغامية (Tracheal branches): تزود هذه الفروع الرغامى (القصبة الهوائية) بالدم.
- الفروع البلعومية (Pharyngeal branches): تزود هذه الفروع البلعوم بالدم.
- الشريان الصاعد الرقبي (Ascending cervical artery): وهو فرع صغير يصعد على طول العضلات الوداجية ويزودها بالدم.
العلاقة مع العصب الحنجري الراجع
تعتبر العلاقة بين الشريان الدرقي السفلي والعصب الحنجري الراجع من أهم الاعتبارات التشريحية أثناء جراحة الغدة الدرقية. يمر العصب الحنجري الراجع بالقرب من الشريان الدرقي السفلي، وغالبًا ما يمر خلفه، ولكن قد يمر أمامه أو بين فروعه. يجب على الجراحين توخي الحذر الشديد لتجنب إصابة العصب الحنجري الراجع أثناء ربط أو قطع الشريان الدرقي السفلي، حيث أن إصابة هذا العصب قد تؤدي إلى بحة في الصوت أو صعوبة في التنفس.
الأهمية السريرية
يتمتع الشريان الدرقي السفلي بأهمية سريرية كبيرة، خاصة في الحالات التالية:
- جراحة الغدة الدرقية: أثناء استئصال الغدة الدرقية (Thyroidectomy) سواء كان جزئيًا أو كليًا، يجب على الجراحين تحديد الشريان الدرقي السفلي وربطه أو قطعه لتجنب النزيف. كما يجب عليهم الحفاظ على العصب الحنجري الراجع الذي يمر بالقرب من الشريان.
- تضخم الغدة الدرقية (Goiter): في حالات تضخم الغدة الدرقية الشديد، قد يصبح الشريان الدرقي السفلي متضخمًا وملتوياً، مما يزيد من صعوبة الجراحة.
- الأورام: يمكن أن تغزو الأورام التي تصيب الغدة الدرقية أو الأنسجة المجاورة الشريان الدرقي السفلي، مما يستدعي استئصاله مع الورم.
- التشخيص الإشعاعي: يمكن استخدام تصوير الأوعية الدموية (Angiography) أو التصوير المقطعي المحوسب (CT scan) لتقييم حالة الشريان الدرقي السفلي في حالات الشك بوجود انسداد أو تضيق.
التباينات التشريحية
يوجد بعض التباينات التشريحية المحتملة للشريان الدرقي السفلي، والتي يجب على الجراحين أن يكونوا على دراية بها. تشمل هذه التباينات:
- منشأ مختلف: في بعض الحالات النادرة، قد ينشأ الشريان الدرقي السفلي مباشرة من الشريان تحت الترقوة بدلاً من الجذع الدرقي الرقبي.
- مسار مختلف: قد يختلف مسار الشريان الدرقي السفلي بالنسبة للعصب الحنجري الراجع.
- غياب الشريان الدرقي السفلي: في حالات نادرة جدًا، قد يكون الشريان الدرقي السفلي غائبًا بشكل كامل، وفي هذه الحالة يتم تزويد الغدة الدرقية بالدم من الشريان الدرقي العلوي (Superior thyroid artery) والشريان الدرقي الأوسط (Thyroid ima artery) إذا كان موجودًا.
تقنيات التصوير الطبي
تلعب تقنيات التصوير الطبي دورًا حيويًا في تقييم الشريان الدرقي السفلي وتشخيص الأمراض المتعلقة به. تشمل هذه التقنيات:
- التصوير بالموجات فوق الصوتية (Ultrasound): يستخدم لتقييم تدفق الدم في الشريان الدرقي السفلي والكشف عن أي انسدادات أو تضيقات.
- التصوير المقطعي المحوسب (CT scan): يوفر صورًا تفصيلية للشريان الدرقي السفلي والأنسجة المحيطة به، مما يساعد في الكشف عن الأورام أو التشوهات الأخرى.
- التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): يوفر صورًا عالية الدقة للشريان الدرقي السفلي والأنسجة الرخوة المحيطة به، مما يساعد في التمييز بين الأنسجة المختلفة وتقييم مدى انتشار الأورام.
- تصوير الأوعية الدموية (Angiography): هو إجراء يتم فيه حقن صبغة في الشريان الدرقي السفلي ثم التقاط صور بالأشعة السينية، مما يسمح برؤية الشريان بشكل واضح وتقييم أي انسدادات أو تضيقات.
اعتبارات إضافية
فهم دقيق لتشريح الشريان الدرقي السفلي أمر بالغ الأهمية ليس فقط للجراحين، ولكن أيضًا لأخصائيي الأشعة وأطباء الغدد الصماء. التقييم السليم لهذا الشريان يساهم في:
- تخطيط العمليات الجراحية: يساعد في تحديد أفضل طريقة للوصول إلى الغدة الدرقية وتجنب إصابة الهياكل الحيوية المحيطة.
- تشخيص الأمراض: يساعد في الكشف عن الأمراض التي تؤثر على الغدة الدرقية والأوعية الدموية المحيطة بها.
- توجيه العلاج: يساعد في تحديد أفضل طريقة لعلاج الأمراض التي تصيب الغدة الدرقية والأوعية الدموية المحيطة بها.
خاتمة
الشريان الدرقي السفلي هو شريان حيوي يزود الغدة الدرقية والأنسجة المجاورة بالدم. يعتبر فهم تشريحه الدقيق وعلاقته بالهياكل المجاورة، وخاصة العصب الحنجري الراجع، أمرًا ضروريًا لتجنب المضاعفات أثناء جراحة الغدة الدرقية. تلعب تقنيات التصوير الطبي دورًا هامًا في تقييم الشريان الدرقي السفلي وتشخيص الأمراض المتعلقة به. إن المعرفة الشاملة بالشريان الدرقي السفلي تساهم في تحسين نتائج العلاج وتقليل المضاعفات.