مقدمة
جون برادفورد (حوالي 1510 – 1555) كان مصلحًا إنجليزيًا بارزًا، وعضوًا في مجلس إدارة كاتدرائية القديس بولس، وأحد شهداء الحقبة الماريانية. اشتهر بوعظه المؤثر وكتاباته التي دافعت عن الإصلاح البروتستانتي. سُجن في برج لندن بسبب معتقداته الدينية، وفي النهاية أُعدم حرقًا بتهمة الهرطقة.
حياته المبكرة وتعليمه
ولد جون برادفورد في مانشستر، إنجلترا، حوالي عام 1510. تلقى تعليمه الأولي في مدرسة مانشستر للقواعد، حيث أظهر نبوغًا مبكرًا وإقبالًا على التعلم. بعد ذلك، التحق بجامعة كامبريدج، حيث درس القانون وعلم اللاهوت. خلال فترة وجوده في كامبريدج، تأثر برادفورد بأفكار الإصلاحيين البروتستانت، وبدأ يشكك في بعض تعاليم الكنيسة الكاثوليكية.
تحوله إلى البروتستانتية
كان تحول برادفورد إلى البروتستانتية تدريجيًا، لكنه أصبح أكثر وضوحًا بعد سماعه عظات الإصلاحيين البارزين مثل هيو لاتيمر ونيكولاس ريدلي. اقتنع برادفورد بصحة المبادئ البروتستانتية، وتبنى الإيمان الجديد بحماس. بدأ يعبر عن معتقداته علنًا، مما أثار انتباه السلطات الكنسية.
خدمته الدينية
بعد إكمال دراسته في كامبريدج، دخل برادفورد سلك الكهنوت وأصبح كاهنًا. تم تعيينه قسيسًا لأسقف لندن، نيكولاس ريدلي، الذي كان أيضًا مصلحًا ملتزمًا. تحت إشراف ريدلي، عمل برادفورد بجد في الوعظ والتعليم، ونشر الأفكار البروتستانتية في جميع أنحاء لندن والمناطق المحيطة بها.
كان برادفورد خطيبًا مؤثرًا، وكان معروفًا بأسلوبه الواضح والمباشر. كان قادرًا على التواصل مع الناس من جميع الخلفيات، وجذب أعدادًا كبيرة إلى عظاته. كما كان كاتبًا غزير الإنتاج، حيث أنتج العديد من الكتيبات والرسائل التي دافعت عن الإصلاح البروتستانتي.
من بين أبرز إنجازات برادفورد تعيينه عضوًا في مجلس إدارة كاتدرائية القديس بولس. كان هذا المنصب المرموق بمثابة اعتراف بموهبته والتزامه تجاه الكنيسة. ومع ذلك، لم يدم وقته في سانت بول طويلًا، حيث سرعان ما أصبح هدفًا لمعارضي الإصلاح.
السجن والمحاكمة
عندما تولت الملكة ماري تيودور الكاثوليكية العرش في عام 1553، بدأت حملة قمع عنيفة ضد البروتستانت. تم القبض على جون برادفورد وسجنه في برج لندن بتهمة الهرطقة. على الرغم من الضغوط الشديدة، رفض برادفورد التراجع عن معتقداته البروتستانتية.
خلال فترة سجنه، استمر برادفورد في الكتابة والوعظ، وتشجيع زملائه السجناء على الثبات في إيمانهم. كما كتب رسائل إلى أصدقائه ومؤيديه في الخارج، يحثهم على مواصلة قضية الإصلاح.
في عام 1555، حوكم جون برادفورد بتهمة الهرطقة وأدين. على الرغم من أنه مُنح فرصة للتراجع عن معتقداته، إلا أنه رفض بشكل قاطع. حُكم عليه بالإعدام حرقًا.
استشهاده
في 1 يوليو 1555، اقتيد جون برادفورد إلى ساحة سميثفيلد في لندن، حيث كان سيُعدم. وسط حشد كبير من المتفرجين، ظل برادفورد ثابتًا وشجاعًا. صلى من أجل إنجلترا ودعا الناس إلى التمسك بالإنجيل. ثم قُيد بالوتد وأُشعلت النيران. يقال أنه حتى في لحظاته الأخيرة، ظل برادفورد يصلي ويتشجع.
إرثه
أصبح استشهاد جون برادفورد رمزًا للمقاومة البروتستانتية ضد الاضطهاد الكاثوليكي. يعتبره البروتستانت شهيدًا، وتُروى قصته في العديد من الكتب والسير الذاتية. تُذكر كتاباته ووعظه لمساهمتهما في الإصلاح البروتستانتي في إنجلترا.
- التأثير على الإصلاح: لعبت كتابات جون برادفورد ووعظه دورًا حاسمًا في تعزيز الإصلاح البروتستانتي في إنجلترا. دافع بشدة عن الإيمان البروتستانتي، متحديًا التعاليم الكاثوليكية الراسخة.
- القدوة: بقي برادفورد ثابتًا في معتقداته حتى في مواجهة الموت، ليصبح مثالًا للشجاعة والإيمان للآخرين. إن استعداده للموت من أجل معتقداته ألهم العديد من البروتستانت خلال فترة الاضطهاد.
- الذكرى: يتم إحياء ذكرى جون برادفورد في الكنائس والمجتمعات البروتستانتية في جميع أنحاء العالم. يُنظر إليه على أنه شخصية مهمة في تاريخ الإصلاح البروتستانتي، ويستمر إرثه في إلهام المسيحيين اليوم.
تعاليمه اللاهوتية
كان جون برادفورد ملتزمًا بشدة باللاهوت البروتستانتي. كان يؤمن بسيادة الكتاب المقدس، والخلاص بالإيمان وحده، وكهنوت جميع المؤمنين. رفض التعاليم الكاثوليكية المتعلقة بالمطهر، والاستغفار، وقداسة القديسين.
أكد برادفورد على أهمية العيش المسيحي، وحث أتباعه على عيش حياة القداسة والبر. كان يعتقد أن الإيمان الحقيقي سينتج أعمالًا صالحة، وأن المسيحيين يجب أن يسعوا جاهدين لإرضاء الله في كل ما يفعلونه.
كتاباته
ترك جون برادفورد وراءه مجموعة كبيرة من الكتابات، بما في ذلك العظات والرسائل والكتيبات. تعكس كتاباته التزامه بالإصلاح البروتستانتي، ورغبته في تعليم الآخرين الحقائق الموجودة في الكتاب المقدس.
من بين أشهر أعمال برادفورد:
- رسائل: كتب برادفورد العديد من الرسائل إلى أصدقائه ومؤيديه خلال فترة سجنه. تحتوي هذه الرسائل على رؤى قيمة حول أفكاره ومعتقداته.
- العظات: كانت عظات برادفورد شائعة للغاية خلال حياته. تم جمع العديد من هذه العظات ونشرها بعد وفاته.
- الكتيبات: كتب برادفورد العديد من الكتيبات التي تدافع عن الإصلاح البروتستانتي وتنتقد التعاليم الكاثوليكية.
خاتمة
كان جون برادفورد مصلحًا إنجليزيًا بارزًا وشهيدًا للإيمان البروتستانتي. لعب دورًا مهمًا في نشر الإصلاح البروتستانتي في إنجلترا، وأصبح رمزًا للمقاومة ضد الاضطهاد الديني. تُذكر كتاباته ووعظه لالتزامها بالحقائق الموجودة في الكتاب المقدس، ويستمر إرثه في إلهام المسيحيين اليوم.