مقدمة
صرة الشرج هي مصطلح تشريحي يشير إلى مجموعة من العضلات الدائرية التي تتحكم في فتحة الشرج. تلعب هذه العضلات دورًا حيويًا في عملية التبرز وتنظيمها، حيث تسمح لنا بالتحكم في إخراج الفضلات الصلبة والسائلة. تتكون صرة الشرج من جزأين رئيسيين: العضلة العاصرة الشرجية الداخلية والعضلة العاصرة الشرجية الخارجية. تعمل هاتان العضلتان بتناغم للحفاظ على الإغلاق المحكم للشرج ومنع التسرب اللاإرادي.
العضلة العاصرة الشرجية الداخلية (Sphincter Ani Internus Muscle)
العضلة العاصرة الشرجية الداخلية هي عضلة لا إرادية تتكون من ألياف عضلية ملساء. هذا يعني أنها تعمل تلقائيًا دون تدخل واعٍ منا. تمتد هذه العضلة من الجزء السفلي من المستقيم إلى فتحة الشرج، وتلعب دورًا حاسمًا في الحفاظ على الإغلاق التلقائي للشرج في معظم الأوقات.
الوظيفة: الوظيفة الرئيسية للعضلة العاصرة الشرجية الداخلية هي الحفاظ على ضغط الراحة في الشرج، مما يمنع التسرب اللاإرادي للغازات والسوائل والبراز. عندما يمتلئ المستقيم بالبراز، تتمدد جدرانه، مما يؤدي إلى استرخاء العضلة العاصرة الشرجية الداخلية بشكل انعكاسي. هذا الاسترخاء يسمح للشخص بالشعور بالحاجة إلى التبرز.
الأهمية السريرية: يمكن أن يؤدي تلف أو ضعف العضلة العاصرة الشرجية الداخلية إلى سلس البراز، وهو فقدان السيطرة على حركة الأمعاء. يمكن أن يحدث هذا بسبب الإصابة أثناء الولادة، أو الجراحة، أو الأمراض العصبية.
العضلة العاصرة الشرجية الخارجية (Sphincter Ani Externus Muscle)
العضلة العاصرة الشرجية الخارجية هي عضلة إرادية تتكون من ألياف عضلية مخططة. هذا يعني أننا نستطيع التحكم في تقلصها واسترخائها بوعي. تحيط هذه العضلة بالعضلة العاصرة الشرجية الداخلية وتمتد إلى أبعد منها.
الوظيفة: الوظيفة الرئيسية للعضلة العاصرة الشرجية الخارجية هي توفير تحكم إضافي في عملية التبرز. عندما نشعر بالحاجة إلى التبرز، يمكننا استخدام العضلة العاصرة الشرجية الخارجية لتأخير أو منع التبرز حتى نصل إلى مكان مناسب. هذه العضلة مهمة أيضًا في الحفاظ على الإغلاق المحكم للشرج أثناء الأنشطة التي تزيد الضغط داخل البطن، مثل السعال أو العطس أو الرفع.
الأجزاء: يمكن تقسيم العضلة العاصرة الشرجية الخارجية إلى ثلاثة أجزاء:
- الجزء العميق: يقع هذا الجزء الأعمق من العضلة مباشرةً حول القناة الشرجية.
- الجزء السطحي: يقع هذا الجزء بين الجزء العميق والجلد المحيط بالشرج.
- الجزء تحت الجلد: يقع هذا الجزء مباشرةً تحت الجلد حول فتحة الشرج.
الأهمية السريرية: يمكن أن يؤدي تلف أو ضعف العضلة العاصرة الشرجية الخارجية أيضًا إلى سلس البراز. يمكن أن يحدث هذا بسبب الإصابة أثناء الولادة، أو الجراحة، أو الأمراض العصبية. غالبًا ما يتضمن علاج سلس البراز تقوية العضلة العاصرة الشرجية الخارجية من خلال تمارين كيجل.
كيف تعمل صرة الشرج معًا؟
تعمل العضلتان العاصرتان الشرجيتان الداخلية والخارجية بتناغم للحفاظ على السيطرة على حركة الأمعاء. تعمل العضلة العاصرة الشرجية الداخلية تلقائيًا للحفاظ على الإغلاق المحكم للشرج في معظم الأوقات. عندما يمتلئ المستقيم بالبراز، ترسل المستقبلات الحسية إشارات إلى الدماغ. إذا كان الوقت والمكان مناسبين للتبرز، يمكننا الاسترخاء بوعي في العضلة العاصرة الشرجية الخارجية للسماح للبراز بالمرور. إذا لم يكن الوقت والمكان مناسبين، يمكننا استخدام العضلة العاصرة الشرجية الخارجية لتقويض إشارات الاسترخاء مؤقتًا وتأخير التبرز.
عملية التبرز: عند التبرز، تحدث سلسلة من الأحداث المتناسقة:
- يزداد الضغط داخل المستقيم بسبب انقباض عضلات جدار الأمعاء الغليظة.
- تسترخي العضلة العاصرة الشرجية الداخلية بشكل انعكاسي استجابةً لزيادة الضغط.
- نسترخي بوعي في العضلة العاصرة الشرجية الخارجية.
- تنقبض عضلات البطن للمساعدة في دفع البراز إلى الخارج.
الأمراض والحالات المتعلقة بصرة الشرج
يمكن أن تصيب صرة الشرج العديد من الأمراض والحالات، مما يؤثر على وظيفتها وقدرتها على التحكم في حركة الأمعاء. من بين هذه الحالات:
- سلس البراز: كما ذكرنا سابقًا، هو فقدان السيطرة على حركة الأمعاء. يمكن أن يكون سببه تلف العضلة العاصرة الشرجية، أو مشاكل في الأعصاب التي تتحكم في العضلات، أو الإمساك المزمن، أو الإسهال المزمن، أو حالات أخرى.
- البواسير: هي أوردة منتفخة في الشرج والمستقيم السفلي. يمكن أن تسبب الألم والحكة والنزيف.
- الشق الشرجي: هو تمزق صغير في بطانة الشرج. يمكن أن يسبب الألم والنزيف، خاصة أثناء التبرز.
- الناسور الشرجي: هو قناة غير طبيعية تربط بين الشرج أو المستقيم وسطح الجلد بالقرب من الشرج. غالبًا ما يكون ناتجًا عن عدوى في الغدد الشرجية.
- تدلي المستقيم: هو حالة يبرز فيها المستقيم من خلال فتحة الشرج.
- التشنج الشرجي: هو ألم مفاجئ وحاد في الشرج ناتج عن تقلصات عضلات الشرج.
تشخيص مشاكل صرة الشرج
لتشخيص مشاكل صرة الشرج، قد يقوم الطبيب بإجراء فحص بدني، والذي قد يشمل فحصًا رقميًا للمستقيم. قد يطلب الطبيب أيضًا اختبارات أخرى، مثل:
- تنظير الشرج: هو فحص بصري للقناة الشرجية باستخدام منظار الشرج، وهو أنبوب رفيع مزود بضوء وكاميرا.
- تنظير المستقيم: هو فحص بصري للمستقيم باستخدام منظار المستقيم، وهو أنبوب أطول وأكثر مرونة من منظار الشرج.
- تصوير الشرج بالموجات فوق الصوتية: هو اختبار تصوير يستخدم الموجات الصوتية لإنشاء صور للعضلة العاصرة الشرجية والأنسجة المحيطة بها.
- دراسات وظائف الشرج: هذه الاختبارات تقيس قدرة العضلة العاصرة الشرجية على الانقباض والاسترخاء.
علاج مشاكل صرة الشرج
يعتمد علاج مشاكل صرة الشرج على السبب الكامن وراء المشكلة. قد يشمل العلاج:
- تغييرات في نمط الحياة: مثل زيادة تناول الألياف، وشرب الكثير من السوائل، وممارسة الرياضة بانتظام.
- الأدوية: مثل الملينات، أو الأدوية المضادة للإسهال، أو الكريمات الموضعية.
- تمارين كيجل: لتقوية العضلة العاصرة الشرجية.
- العلاج الطبيعي: لتعليم تقنيات لتحسين التحكم في حركة الأمعاء.
- الجراحة: في بعض الحالات، قد تكون الجراحة ضرورية لإصلاح تلف العضلة العاصرة الشرجية أو لعلاج حالات أخرى، مثل البواسير أو الشقوق الشرجية أو الناسور الشرجي أو تدلي المستقيم.
الوقاية من مشاكل صرة الشرج
على الرغم من أنه ليس من الممكن دائمًا منع مشاكل صرة الشرج، إلا أن هناك بعض الأشياء التي يمكنك القيام بها لتقليل خطر الإصابة بها، مثل:
- الحفاظ على نظام غذائي صحي غني بالألياف.
- شرب الكثير من السوائل.
- ممارسة الرياضة بانتظام.
- تجنب الإجهاد أثناء التبرز.
- معالجة الإمساك أو الإسهال المزمن.
- ممارسة تمارين كيجل بانتظام، خاصة بعد الولادة.
خاتمة
صرة الشرج هي مجموعة معقدة من العضلات التي تلعب دورًا حيويًا في التحكم في عملية التبرز. تتكون من العضلة العاصرة الشرجية الداخلية اللاإرادية والعضلة العاصرة الشرجية الخارجية الإرادية، واللتان تعملان بتناغم للحفاظ على الإغلاق المحكم للشرج ومنع التسرب اللاإرادي. يمكن أن يؤدي تلف أو ضعف أي من هاتين العضلتين إلى مشاكل في التحكم في الأمعاء، مثل سلس البراز. تتوفر مجموعة متنوعة من العلاجات لمشاكل صرة الشرج، بما في ذلك تغييرات نمط الحياة والأدوية والتمارين والعلاج الطبيعي والجراحة. يمكن اتخاذ خطوات وقائية لتقليل خطر الإصابة بمشاكل صرة الشرج.
المراجع
- National Center for Biotechnology Information (NCBI) – Sphincter of Oddi Dysfunction
- Mayo Clinic – Fecal Incontinence
- American Society of Colon and Rectal Surgeons (ASCRS) – Anorectal Abscess/Fistula
- National Institute of Diabetes and Digestive and Kidney Diseases (NIDDK) – Bowel Control Problems (Fecal Incontinence)