مقدمة
ليونارد جيفري فيذر (13 سبتمبر 1914 – 22 سبتمبر 1994) كان عازف بيانو جاز وملحن ومنتج وناقد موسيقي بريطاني المولد، أمريكي الجنسية. يعتبر فيذر شخصية بارزة في عالم موسيقى الجاز، حيث ساهم بشكل كبير في تطويرها وتوثيقها من خلال مؤلفاته ومقالاته وبرامجه الإذاعية. اشتهر بشكل خاص بـ “موسوعة الجاز” (The Encyclopedia of Jazz)، التي تعتبر مرجعًا أساسيًا للباحثين والموسيقيين وعشاق الجاز على حد سواء.
نشأته وبداياته
ولد ليونارد فيذر في لندن، إنجلترا، لعائلة يهودية. بدأ دراسة البيانو في سن مبكرة، وسرعان ما انجذب إلى موسيقى الجاز. تأثر بشكل خاص بفناني الجاز الأمريكيين الذين كان يستمع إليهم عبر التسجيلات والإذاعة. بدأ في الكتابة عن موسيقى الجاز في أواخر الثلاثينيات، وسرعان ما أصبح واحدًا من أبرز النقاد الموسيقيين في بريطانيا.
في عام 1939، انتقل فيذر إلى الولايات المتحدة، حيث استقر في نيويورك. هناك، انخرط في مشهد الجاز النابض بالحياة، وتعاون مع العديد من كبار الموسيقيين. عمل كمنتج تسجيلات، وكتب كلمات الأغاني، وقدم برامج إذاعية عن موسيقى الجاز.
موسوعة الجاز
تعتبر “موسوعة الجاز” (The Encyclopedia of Jazz) عملًا تاريخيًا لليونارد فيذر. نشرت الطبعة الأولى في عام 1955، وسرعان ما أصبحت مرجعًا قياسيًا في هذا المجال. احتوت الموسوعة على معلومات مفصلة عن حياة وإنجازات مئات من موسيقيي الجاز، بالإضافة إلى مقالات عن تاريخ وأنماط موسيقى الجاز. تم تحديث الموسوعة وتوسيعها عدة مرات، وظلت قيد الطباعة حتى بعد وفاة فيذر.
تتميز “موسوعة الجاز” بأسلوبها الشامل والدقيق، وباعتمادها على مصادر موثوقة. كما أنها تتضمن العديد من الصور الفوتوغرافية النادرة، وقوائم التسجيلات، والمراجع الأخرى التي تجعلها أداة لا تقدر بثمن للباحثين والطلاب وعشاق موسيقى الجاز.
مساهماته الأخرى
بالإضافة إلى “موسوعة الجاز”، قدم ليونارد فيذر العديد من المساهمات الأخرى الهامة في عالم موسيقى الجاز. كتب العديد من الكتب والمقالات عن موسيقى الجاز، وأنتج العديد من التسجيلات الهامة. كما قدم العديد من البرامج الإذاعية والتلفزيونية عن موسيقى الجاز، وشارك في العديد من المهرجانات الموسيقية.
- الإنتاج الموسيقي: أنتج فيذر العديد من الألبومات لكبار فناني الجاز، مما ساهم في التعريف بهم وترسيخ مكانتهم في عالم الموسيقى.
- الكتابة الصحفية: كتب فيذر مقالات نقدية وتقارير عن موسيقى الجاز في العديد من المجلات والصحف الرائدة، مما ساهم في نشر الوعي بهذه الموسيقى وتقييمها بشكل موضوعي.
- البرامج الإذاعية والتلفزيونية: قدم فيذر برامج إذاعية وتلفزيونية استضاف فيها العديد من فناني الجاز، مما أتاح للجمهور فرصة التعرف عليهم والاستماع إلى موسيقاهم.
كان ليونارد فيذر مدافعًا قويًا عن حقوق موسيقيي الجاز، وعمل بجد لتعزيز تقدير هذه الموسيقى في جميع أنحاء العالم.
أسلوبه النقدي
تميز ليونارد فيذر بأسلوبه النقدي الموضوعي والمستنير. كان يتمتع بمعرفة واسعة بتاريخ موسيقى الجاز وأنماطها المختلفة، وكان قادرًا على تقييم أداء الموسيقيين بشكل دقيق ومفصل. لم يتردد في التعبير عن آرائه الصريحة، حتى لو كانت تتعارض مع الآراء السائدة.
كان فيذر يؤمن بأهمية التنوع والابتكار في موسيقى الجاز، وشجع الموسيقيين على تجربة أساليب جديدة وتطوير مواهبهم. كما كان يدعم الموسيقيين الشباب، ويساعدهم على إيجاد فرص للظهور والتألق.
تكريمه وجوائزه
تقديرًا لإسهاماته الكبيرة في عالم موسيقى الجاز، حصل ليونارد فيذر على العديد من الجوائز والتكريمات. من بينها:
- جائزة NEA Jazz Masters من الصندوق الوطني للفنون في عام 1985.
- جائزة ASCAP Deems Taylor Award عن كتابه “The Jazz Years”.
- تكريم من قبل العديد من المهرجانات الموسيقية والمنظمات الثقافية.
لا تزال أعمال ليونارد فيذر تلهم عشاق موسيقى الجاز والموسيقيين في جميع أنحاء العالم. يعتبر إرثه جزءًا هامًا من تاريخ موسيقى الجاز.
حياته الشخصية
تزوج ليونارد فيذر من لوري فيذر، المغنية وكاتبة الأغاني، في عام 1945. استمر زواجهما حتى وفاته في عام 1994. كان لديهما ابنة واحدة، لوريلي فيذر.
كان فيذر شخصية محبوبة ومحترمة في مجتمع موسيقى الجاز. كان معروفًا بلطفه وكرمه وتفانيه في خدمة الموسيقى.
وفاته وإرثه
توفي ليونارد فيذر في 22 سبتمبر 1994 في لوس أنجلوس، كاليفورنيا، عن عمر يناهز 80 عامًا. ترك وراءه إرثًا غنيًا من الكتابات والتسجيلات والبرامج الإذاعية والتلفزيونية التي ساهمت في تطوير وتوثيق موسيقى الجاز.
تستمر “موسوعة الجاز” في أن تكون مرجعًا أساسيًا للباحثين والموسيقيين وعشاق الجاز على حد سواء. كما أن مقالاته وكتبه الأخرى لا تزال تحظى بتقدير كبير لقيمتها التاريخية والفنية.
خاتمة
كان ليونارد فيذر شخصية محورية في عالم موسيقى الجاز. بفضل عمله الدؤوب كناقد موسيقي، ومؤرخ، ومنتج، ومدافع عن حقوق الموسيقيين، ساهم في تشكيل وتطوير هذه الموسيقى العظيمة. لا يزال إرثه يتردد صداه في جميع أنحاء العالم، ويستمر في إلهام الأجيال القادمة من الموسيقيين والعشاق. تظل “موسوعة الجاز” شاهدًا على تفانيه ومعرفته الواسعة، ومرجعًا لا غنى عنه لكل من يهتم بموسيقى الجاز.