مقدمة
يشير مصطلح “مثنية الإصبع الصغير القصيرة” (Flexor Digiti Minimi Brevis) إلى عضلتين منفصلتين ولكنهما تحملان نفس الاسم، وتقومان بوظائف مماثلة في موقعين مختلفين في الجسم. تلعب كلتا العضلتين دورًا مهمًا في حركة وثني الإصبع الصغير، سواء في اليد أو القدم. سنتناول في هذا المقال تفصيليًا هاتين العضلتين، مع التركيز على موقعهما، وتركيبهما، ووظائفهما، والأمراض أو الإصابات المحتملة التي قد تصيبهما.
مثنية الإصبع الصغير القصيرة في اليد (Flexor Digiti Minimi Brevis – Hand)
الموقع والتركيب: تقع عضلة مثنية الإصبع الصغير القصيرة في اليد في منطقة الراحة، وتحديدًا في الجزء الوحشي (الخارجي) من اليد. وهي جزء من مجموعة عضلات تسمى عضلات اليد الداخلية، التي تتحكم في حركات اليد والأصابع الدقيقة. تنشأ هذه العضلة من عظمة الخطاف (Hamate bone) والرباط الرسغي المستعرض (Transverse carpal ligament). ثم تمتد أليافها العضلية باتجاه الإصبع الصغير لتندمج في قاعدة السلامية القريبة للإصبع الصغير.
الوظيفة: الوظيفة الأساسية لعضلة مثنية الإصبع الصغير القصيرة في اليد هي ثني الإصبع الصغير عند المفصل المشطي السلامي (Metacarpophalangeal joint). بمعنى آخر، تساعد هذه العضلة في تقريب طرف الإصبع الصغير نحو راحة اليد. تلعب هذه الحركة دورًا مهمًا في الإمساك بالأشياء الصغيرة وإجراء الحركات الدقيقة باليد.
الأعصاب المغذية: يتم تعصيب عضلة مثنية الإصبع الصغير القصيرة في اليد بواسطة الفرع العميق من العصب الزندي (Ulnar nerve). هذا العصب مسؤول عن نقل الإشارات العصبية من الدماغ والحبل الشوكي إلى العضلة، مما يسمح لها بالانقباض والاسترخاء بشكل صحيح.
الأمراض والإصابات: على الرغم من أن الإصابات المباشرة لعضلة مثنية الإصبع الصغير القصيرة في اليد نادرة، إلا أنها قد تتأثر ببعض الحالات المرضية أو الإصابات التي تؤثر على العصب الزندي. على سبيل المثال:
- متلازمة النفق المرفقي (Cubital Tunnel Syndrome): تحدث هذه المتلازمة عندما يتم ضغط العصب الزندي في منطقة المرفق. يمكن أن يؤدي هذا الضغط إلى ضعف أو تنميل في اليد والأصابع، بما في ذلك الإصبع الصغير.
- إصابات العصب الزندي: يمكن أن تؤدي الجروح أو الكسور أو الضغوط الأخرى على العصب الزندي إلى تلف العصب وضعف العضلات التي يعصبها، بما في ذلك عضلة مثنية الإصبع الصغير القصيرة.
- التهاب الأوتار: على الرغم من أنه أقل شيوعًا، إلا أن التهاب الأوتار المحيطة بعضلة مثنية الإصبع الصغير القصيرة يمكن أن يسبب الألم والضعف.
التشخيص والعلاج: يعتمد تشخيص مشاكل عضلة مثنية الإصبع الصغير القصيرة في اليد على الفحص السريري وتقييم الأعراض. قد يطلب الطبيب إجراء دراسات توصيل عصبي (Nerve conduction studies) لتحديد ما إذا كان هناك أي تلف في العصب الزندي. يعتمد العلاج على السبب الكامن وراء المشكلة، وقد يشمل:
- العلاج الطبيعي: يمكن أن يساعد العلاج الطبيعي في تقوية عضلات اليد وتحسين نطاق الحركة.
- الأدوية: يمكن استخدام الأدوية المضادة للالتهابات غير الستيرويدية (NSAIDs) لتخفيف الألم والالتهاب.
- الحقن: في بعض الحالات، قد يتم حقن الكورتيكوستيرويدات (Corticosteroids) في المنطقة المصابة لتخفيف الالتهاب.
- الجراحة: في الحالات الشديدة من متلازمة النفق المرفقي أو إصابات العصب الزندي، قد تكون الجراحة ضرورية لتخفيف الضغط على العصب أو إصلاح التلف.
مثنية الإصبع الصغير القصيرة في القدم (Flexor Digiti Minimi Brevis Muscle – Foot)
الموقع والتركيب: تقع عضلة مثنية الإصبع الصغير القصيرة في القدم في الطبقة الوحشية (الخارجية) من عضلات باطن القدم. تنشأ هذه العضلة من قاعدة عظمة العقب (Calcaneus) واللفافة الأخمصية (Plantar fascia). تمتد أليافها العضلية على طول الجزء الوحشي من القدم لتندمج في قاعدة السلامية القريبة للإصبع الصغير في القدم.
الوظيفة: الوظيفة الأساسية لعضلة مثنية الإصبع الصغير القصيرة في القدم هي ثني الإصبع الصغير عند المفصل المشطي السلامي (Metatarsophalangeal joint). تساعد هذه الحركة في ثبات القدم أثناء المشي والجري، وتساهم في دفع الجسم للأمام.
الأعصاب المغذية: يتم تعصيب عضلة مثنية الإصبع الصغير القصيرة في القدم بواسطة الفرع الوحشي من العصب الأخمصي الظهري (Lateral plantar nerve). هذا العصب هو فرع من العصب الظنبوبي (Tibial nerve) وهو مسؤول عن نقل الإشارات العصبية إلى العضلة.
الأمراض والإصابات: على الرغم من أن الإصابات المباشرة لعضلة مثنية الإصبع الصغير القصيرة في القدم أقل شيوعًا، إلا أنها قد تتأثر ببعض الحالات المرضية أو الإصابات التي تؤثر على القدم والكاحل. على سبيل المثال:
- التهاب اللفافة الأخمصية (Plantar Fasciitis): يمكن أن يؤدي التهاب اللفافة الأخمصية إلى الألم في الكعب وباطن القدم، مما قد يؤثر على وظيفة عضلات القدم الصغيرة، بما في ذلك عضلة مثنية الإصبع الصغير القصيرة.
- تشوهات القدم: يمكن أن تؤدي تشوهات القدم مثل القدم المسطحة (Flatfoot) أو القدم المقوسة (High arch) إلى تغيير توزيع الوزن على القدم، مما قد يؤثر على وظيفة عضلات القدم الصغيرة.
- إصابات الأعصاب: يمكن أن تؤدي إصابات الأعصاب التي تعصب عضلات القدم إلى ضعف أو شلل في العضلات، بما في ذلك عضلة مثنية الإصبع الصغير القصيرة.
- متلازمة النفق الرسغي (Tarsal Tunnel Syndrome): هي حالة يتم فيها ضغط العصب الظنبوبي الخلفي أثناء مروره عبر النفق الرسغي في الكاحل. يمكن أن يسبب هذا الضغط ألمًا وتنميلًا ووخزًا في القدم، وقد يؤثر أيضًا على وظيفة العضلات التي يعصبها العصب الظنبوبي، بما في ذلك مثنية الإصبع الصغير القصيرة.
التشخيص والعلاج: يعتمد تشخيص مشاكل عضلة مثنية الإصبع الصغير القصيرة في القدم على الفحص السريري وتقييم الأعراض. قد يطلب الطبيب إجراء صور بالأشعة السينية (X-rays) أو التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) لتقييم حالة العظام والأنسجة الرخوة في القدم. يعتمد العلاج على السبب الكامن وراء المشكلة، وقد يشمل:
- الراحة: تجنب الأنشطة التي تزيد من الألم.
- الثلج: وضع الثلج على المنطقة المصابة لمدة 15-20 دقيقة عدة مرات في اليوم.
- الأدوية: يمكن استخدام الأدوية المضادة للالتهابات غير الستيرويدية (NSAIDs) لتخفيف الألم والالتهاب.
- تمارين الإطالة والتقوية: يمكن أن تساعد تمارين الإطالة والتقوية في تحسين نطاق الحركة وتقوية عضلات القدم.
- دعم القوس (Arch supports): يمكن أن تساعد دعامات القوس في دعم القدم وتقليل الضغط على اللفافة الأخمصية وعضلات القدم.
- الحقن: في بعض الحالات، قد يتم حقن الكورتيكوستيرويدات (Corticosteroids) في المنطقة المصابة لتخفيف الالتهاب.
- الجراحة: في الحالات الشديدة التي لا تستجيب للعلاجات الأخرى، قد تكون الجراحة ضرورية لتخفيف الضغط على الأعصاب أو إصلاح التشوهات في القدم.
أهمية فهم الاختلافات
من المهم التفريق بين العضلتين اللتين تحملان الاسم نفسه، ولكنهما تعملان في موقعين مختلفين. فهم وظيفة كلتا العضلتين يساعد في تشخيص وعلاج المشاكل المتعلقة باليد والقدم بشكل أكثر دقة. سواء كانت الإصابة في اليد أو القدم، فإن معرفة دور مثنية الإصبع الصغير القصيرة يوجه العلاج نحو استعادة الوظيفة الطبيعية للإصبع الصغير.
خاتمة
تعتبر عضلة مثنية الإصبع الصغير القصيرة، سواء في اليد أو القدم، عضلة مهمة تلعب دورًا حيويًا في حركة ووظيفة الإصبع الصغير. على الرغم من أنها قد لا تكون عرضة للإصابات المباشرة بشكل متكرر، إلا أنها يمكن أن تتأثر بمجموعة متنوعة من الحالات المرضية والإصابات التي تؤثر على الأعصاب والأوتار والعظام المحيطة بها. فهم وظيفة هذه العضلة وكيفية تأثير الإصابات عليها أمر ضروري لتشخيص وعلاج المشاكل المتعلقة باليد والقدم بشكل فعال.