خلفية تاريخية
في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، شهدت تايلاند (المعروفة آنذاك باسم سيام) فترة من الإصلاحات الإدارية الشاملة. كان الملك شولالونغكورن (راما الخامس) حريصًا على تحديث البلاد وتوحيدها، وتقليل سلطة الزعماء المحليين، وإنشاء نظام حكم مركزي أكثر كفاءة. كان أحد الجوانب الرئيسية لهذه الإصلاحات هو إنشاء نظام مونتون في عام 1892. تم تجميع الموينج (المدن أو المقاطعات) في مونتون، والتي كانت تدار من قبل مفوضين معينين من قبل الحكومة المركزية في بانكوك.
ومع ذلك، سرعان ما أصبح من الواضح أن بعض المونتون كانت كبيرة جدًا بحيث يصعب إدارتها بفعالية. في عام 1908، تم اتخاذ قرار بتقسيم ثلاثة من المونتون الأكبر إلى وحدات فرعية أصغر تسمى بوريون. كانت المونتون الثلاثة المعنية هي:
- مونتون ناخون تشاي سي
- مونتون راتشابوري
- مونتون براشينبوري
تم اختيار هذه المونتون على وجه التحديد بسبب حجمها الكبير وتعقيداتها الإدارية، مما استدعى الحاجة إلى مستوى وسيط من الإدارة.
الغرض من البوريون
كان الغرض الرئيسي من إنشاء البوريون هو تحسين الكفاءة الإدارية وتقريب الحكومة من الشعب. من خلال تجميع العديد من الموينج معًا في وحدة واحدة، كان من المفترض أن يكون من الأسهل تنسيق السياسات وتنفيذها، وجمع الضرائب، والحفاظ على القانون والنظام. كما كان يُنظر إلى البوريون على أنها وسيلة لتدريب المسؤولين المحليين وإعدادهم لمناصب أعلى في الحكومة.
وبعبارة أخرى، كانت البوريون بمثابة حلقة وصل بين الحكومة المركزية في بانكوك والمسؤولين المحليين في الموينج. لقد وفروا مستوى من الإدارة أكثر استجابة للاحتياجات المحلية، مع الحفاظ على السيطرة المركزية على السياسات والتمويل.
هيكل البوريون
كان يرأس كل بوريون مسؤول يُعرف باسم “ناي أمفو بوريون” (นายอำเภอ บริเวณ). كان هذا المسؤول مسؤولاً عن الإدارة العامة للبوريون، بما في ذلك جمع الضرائب والحفاظ على القانون والنظام وتنسيق الخدمات الحكومية. كان ناي أمفو بوريون مسؤولاً أمام المفوض السامي للمونتون المعني.
تم تقسيم كل بوريون إلى عدد من الموينج، والتي كانت تدار من قبل مسؤوليها المحليين. احتفظ هؤلاء المسؤولون المحليون بسلطة كبيرة على شؤونهم الخاصة، ولكنهم كانوا يخضعون لسلطة ناي أمفو بوريون.
بشكل عام، كان هيكل البوريون مصممًا لتحقيق التوازن بين الحاجة إلى السيطرة المركزية والحاجة إلى الاستجابة المحلية. لقد سمح للحكومة المركزية بممارسة سلطة أكبر على المناطق النائية، مع توفير مستوى من الإدارة كان أكثر استجابة لاحتياجات الشعب.
البوريون في مونتون ناخون تشاي سي
تم تقسيم مونتون ناخون تشاي سي إلى أربعة بوريون:
- بوريون ناخون تشاي سي
- بوريون ساموت ساخون
- بوريون راتشابوري الغربية
- بوريون كانشانابوري
غطت هذه البوريون منطقة واسعة من وسط تايلاند، بما في ذلك المناطق الحضرية والريفية. لعبت دورًا مهمًا في تطوير المنطقة، وخاصة في مجالات الزراعة والتجارة.
البوريون في مونتون راتشابوري
تم تقسيم مونتون راتشابوري إلى ثلاثة بوريون:
- بوريون راتشابوري
- بوريون بيتشبوري
- بوريون براشواب خيرى خان
كانت هذه البوريون تقع في الغالب في المناطق الساحلية في جنوب تايلاند. كانت مهمة لتطوير صناعة صيد الأسماك والسياحة في المنطقة.
البوريون في مونتون براشينبوري
تم تقسيم مونتون براشينبوري إلى بوريونين:
- بوريون براشينبوري
- بوريون ناخون نايوك
كانت هذه البوريون تقع في المناطق الشرقية من تايلاند. لعبت دورًا مهمًا في تطوير الزراعة والتجارة في المنطقة، وخاصة تجارة الأخشاب.
إلغاء البوريون
على الرغم من أن البوريون أثبتت أنها ناجحة إلى حد ما في تحقيق أهدافها، إلا أنها ألغيت في عام 1915. كان هناك عدد من الأسباب لهذا القرار. أولاً، كانت البوريون مكلفة للغاية للإدارة. ثانيًا، كانت البوريون غالبًا ما تتداخل مع سلطة المونتون. ثالثًا، شعرت الحكومة المركزية أن المونتون أصبحت الآن قوية بما يكفي لإدارة شؤونها الخاصة دون الحاجة إلى مستوى وسيط من الإدارة.
عند إلغاء البوريون، تم دمج الموينج التي كانت تشكلها مرة أخرى في المونتون الأصلية. ومع ذلك، تركت البوريون إرثًا دائمًا على الإدارة التايلاندية. لقد أظهروا قيمة الإدارة اللامركزية ومهدوا الطريق لتطوير نظام المقاطعات والأقاليم الحالي في تايلاند.
أهمية البوريون
على الرغم من أن البوريون لم تدم طويلاً، إلا أنها تمثل تجربة مهمة في تاريخ الإدارة التايلاندية. لقد أظهروا قيمة الإدارة اللامركزية ومهدوا الطريق لتطوير نظام المقاطعات والأقاليم الحالي في تايلاند. كما أنها توفر لنا نظرة ثاقبة للتحديات التي واجهتها الحكومة التايلاندية في تحديث وتوحيد البلاد في أوائل القرن العشرين.
علاوة على ذلك، فإن دراسة البوريون تساعدنا على فهم التطور الإداري لتايلاند وكيف تطورت هياكل الحكم لتلبية الاحتياجات المتغيرة للمجتمع. إنها تذكير بأن التنظيم الإداري ليس ثابتًا ولكنه يتطور باستمرار للتكيف مع الظروف الجديدة.
خاتمة
كانت البوريون تقسيمات إدارية فرعية قصيرة الأجل في تايلاند في أوائل القرن العشرين. تم إنشاؤها لتحسين الكفاءة الإدارية وتقريب الحكومة من الشعب. على الرغم من أنها ألغيت في عام 1915، إلا أنها تركت إرثًا دائمًا على الإدارة التايلاندية ومهدت الطريق لتطوير نظام المقاطعات والأقاليم الحالي. إن دراسة البوريون توفر لنا نظرة ثاقبة للتحديات التي واجهتها الحكومة التايلاندية في تحديث وتوحيد البلاد، وتذكرنا بأهمية التكيف المستمر في التنظيم الإداري.