نشأته وتعليمه
ولد إبرهارد زانجر في كامن بألمانيا الغربية عام 1958. درس الجيولوجيا في جامعات زيورخ وبراون، وحصل على الدكتوراه من جامعة ستانفورد في عام 1988. ركزت أبحاثه المبكرة على التغيرات البيئية وتأثيرها على الحضارات القديمة، وهو ما قاده لاحقًا إلى الاهتمام بعلم الآثار.
أبحاثه ونظرياته
تشتهر أبحاث زانجر بتحديها المفاهيم التقليدية حول التاريخ القديم. يعتبر كتابه “أطلس القديم: وراء طروادة” (The Flood from Troy) الذي صدر عام 1992، نقطة تحول في مسيرته، حيث قدم فيه نظريته بأن طروادة كانت مدينة أكبر وأكثر أهمية مما كان يُعتقد سابقًا، وأنها كانت مركزًا تجاريًا وثقافيًا رئيسيًا في العصر البرونزي. يجادل زانجر بأن حرب طروادة، كما وصفتها الأساطير الإغريقية، قد تكون مستوحاة من صراع حقيقي بين تحالف من الممالك اليونانية وشعب طروادة للسيطرة على طرق التجارة.
يقترح زانجر أيضًا أن موقع طروادة الحقيقي ليس هو التل المعروف باسم حصارليك (Hisarlik) في تركيا، بل يقع في منطقة مختلفة، ربما على بعد بضعة كيلومترات جنوبًا. يعتمد في نظريته على تحليل للبيانات الجيولوجية والأثرية، بالإضافة إلى دراسة للنصوص القديمة، مثل الإلياذة لهوميروس.
بالإضافة إلى ذلك، يقترح زانجر أن الحضارات التي ازدهرت في غرب الأناضول خلال العصر البرونزي، والمعروفة باسم “لولوا” (Luwian)، لعبت دورًا حاسمًا في تاريخ منطقة بحر إيجه. يرى أن هذه الحضارات كانت متقدمة تقنيًا وثقافيًا، وأنها ربما أثرت على الحضارة المينوية في جزيرة كريت والحضارة الموكيانية في اليونان القارية. يدعم زانجر فكرة أن انهيار العصر البرونزي المتأخر، الذي شهد سقوط العديد من الحضارات في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، قد يكون مرتبطًا بكارثة طبيعية، مثل زلزال كبير أو تسونامي، أو ربما بسبب صراعات داخلية وهجرات جماعية.
مشروع “لولوا” (The Luwian Studies Project)
أسس زانجر مشروع “لولوا” (The Luwian Studies Project)، وهو مبادرة بحثية تهدف إلى دراسة تاريخ وثقافة شعوب لولوا في غرب الأناضول. يجمع المشروع علماء آثار ولغويين وجيولوجيين وغيرهم من الخبراء من جميع أنحاء العالم. يهدف المشروع إلى جمع وتحليل البيانات الأثرية والجيولوجية واللغوية المتعلقة بشعوب لولوا، بهدف إعادة بناء تاريخهم وثقافتهم.
يهدف مشروع “لولوا” إلى تحقيق عدة أهداف رئيسية، بما في ذلك:
- تحديد مواقع جديدة محتملة للمدن والمستوطنات اللولية.
- دراسة اللغة اللولية وفك رموز النقوش والنصوص اللولية.
- تحليل القطع الأثرية المكتشفة في المواقع اللولية.
- إجراء دراسات جيولوجية وبيئية لفهم البيئة التي عاش فيها شعب لولوا.
- نشر نتائج الأبحاث في منشورات علمية وعامة.
يعتمد مشروع “لولوا” على تمويل من مصادر خاصة وعامة، ويتعاون مع العديد من المؤسسات الأكاديمية والمتاحف في جميع أنحاء العالم.
انتقادات لنظرياته
لم تسلم نظريات زانجر من الانتقادات من قبل بعض العلماء الآخرين. يرى بعض النقاد أن نظرياته تستند إلى تفسيرات متضاربة للبيانات الأثرية والجيولوجية، وأنها تفتقر إلى الأدلة القوية لدعمها. يجادل البعض الآخر بأن زانجر يبالغ في تقدير أهمية الحضارات اللولية ودورها في تاريخ منطقة بحر إيجه. ومع ذلك، يدافع زانجر عن نظرياته، ويقول إنها تستند إلى تحليل دقيق للبيانات المتاحة، وأنها تقدم منظورًا جديدًا ومثيرًا للاهتمام للتاريخ القديم.
على الرغم من الانتقادات، حظيت أبحاث زانجر باهتمام واسع النطاق من قبل وسائل الإعلام والجمهور. ظهر في العديد من البرامج التلفزيونية والإذاعية، وكتب مقالات للعديد من الصحف والمجلات. أدت نظرياته إلى إثارة نقاش عام حول تاريخ طروادة والحضارات القديمة في منطقة بحر إيجه.
مساهماته في علم الآثار
على الرغم من الجدل المحيط بنظرياته، قدم زانجر مساهمات قيمة في علم الآثار. ساهم في تسليط الضوء على أهمية الحضارات التي ازدهرت في غرب الأناضول خلال العصر البرونزي، والتي غالبًا ما يتم تجاهلها في الدراسات التقليدية للتاريخ القديم. كما ساهم في تطوير أساليب جديدة لدراسة المواقع الأثرية، من خلال الجمع بين البيانات الجيولوجية والأثرية واللغوية.
بالإضافة إلى ذلك، ساهم زانجر في تعزيز الوعي العام بعلم الآثار وأهمية الحفاظ على المواقع الأثرية. من خلال كتاباته ومحاضراته ووسائل الإعلام، قام بتعريف جمهور واسع النطاق بتاريخ وثقافة الحضارات القديمة.
مجالات عمله الأخرى
بالإضافة إلى عمله كعالم آثار، يعمل زانجر أيضًا كمستشار اتصالات شركات. يقدم خدمات استشارية للشركات في مجالات الاتصالات المؤسسية والعلاقات العامة وإدارة الأزمات. يجمع بين خبرته في مجال العلوم وخبرته في مجال الاتصالات لمساعدة الشركات على التواصل بفعالية مع أصحاب المصلحة.
يعتقد زانجر أن مهارات الاتصال الفعال ضرورية للنجاح في عالم اليوم. يرى أن الشركات يجب أن تكون قادرة على التواصل بوضوح وشفافية مع عملائها وموظفيها ومساهميها والجمهور. يساعد الشركات على تطوير استراتيجيات اتصال فعالة وبناء علاقات قوية مع أصحاب المصلحة.
مؤلفاته
- “The Flood from Troy: Evidence of Earth-Surface Changes at the End of the Bronze Age” (1992)
- “Ein neuer Kampf um Troia. Archäologie in der Krise” (1994)
- “Bronzezeit – Tausend Jahre Europa” (2001)
- “Wo einst Troia lag. Auf den Spuren versunkener Küstenlandschaften” (2023)
خاتمة
إبرهارد زانجر هو شخصية بارزة في عالم الآثار وعلم الآثار الجيولوجي، معروف بنظرياته الجريئة والمثيرة للجدل حول طروادة وحضارات العصر البرونزي. على الرغم من الانتقادات التي واجهتها أبحاثه، فقد ساهم زانجر في توسيع فهمنا للتاريخ القديم ولعب دورًا في تعزيز الوعي العام بعلم الآثار. سواء كنت تتفق مع نظرياته أم لا، فمن المؤكد أن عمله قد أثار نقاشًا حيويًا حول تاريخ وثقافة الحضارات القديمة في منطقة بحر إيجه.