حياته المبكرة وتعليمه
ولد كول هاريس في فانكوفر، كولومبيا البريطانية، ونشأ في بيئة أكاديمية، حيث كان والده أستاذًا في جامعة كولومبيا البريطانية. أظهر هاريس شغفًا مبكرًا بالجغرافيا والتاريخ، وسعى إلى تعليمه في هذا المجال. حصل على درجة البكالوريوس في الآداب من جامعة كولومبيا البريطانية عام 1957، ثم تابع دراساته العليا في جامعة ويسكونسن ماديسون، حيث حصل على درجة الماجستير في عام 1959 والدكتوراه في عام 1964. كان لسنواته في جامعة ويسكونسن ماديسون تأثير كبير على تطوره الفكري، حيث درس على يد جغرافيين بارزين مثل أندرو هيل كلارك.
مسيرته الأكاديمية
بعد حصوله على الدكتوراه، انضم هاريس إلى هيئة التدريس في قسم الجغرافيا بجامعة كولومبيا البريطانية عام 1964، حيث أمضى معظم حياته المهنية. ارتقى في الرتب الأكاديمية ليصبح أستاذًا متفرغًا، وشغل مناصب إدارية مختلفة، بما في ذلك رئيس قسم الجغرافيا. تميزت مسيرة هاريس الأكاديمية بالتزامه بالتدريس والبحث والخدمة للمجتمع الأكاديمي. قام بتدريس مجموعة واسعة من الدورات في الجغرافيا التاريخية، والجغرافيا الحضرية، والجغرافيا الثقافية، وأشرف على العديد من طلاب الدراسات العليا الذين أصبحوا فيما بعد باحثين وقادة بارزين في مجالاتهم.
أبحاثه وإسهاماته
تركزت أبحاث كول هاريس على الجغرافيا التاريخية لكندا، مع التركيز بشكل خاص على العمليات التي شكلت المشهد الكندي وتأثيرها على المجتمعات المختلفة. كان رائدًا في استخدام الأساليب الجغرافية التاريخية لفهم تطور الاستيطان الأوروبي في كندا، وعلاقات السكان الأصليين والأوروبيين، والتغيرات البيئية بمرور الوقت. من بين أبرز إسهاماته:
- دراسة الاستيطان الأوروبي: قام هاريس بتحليل دقيق لعملية الاستيطان الأوروبي في كندا، مع التركيز على تأثيرها على المجتمعات الأصلية والبيئة. استكشف الطرق التي أعاد بها المستوطنون الأوروبيون تشكيل المشهد الكندي، وقدم رؤى قيمة حول التفاعلات المعقدة بين المستوطنين والسكان الأصليين.
- التحولات البيئية: درس هاريس التحولات البيئية التي حدثت في كندا نتيجة للاستيطان الأوروبي والأنشطة الاقتصادية المختلفة. قام بتحليل تأثير قطع الأشجار والزراعة والتصنيع على الغابات والأراضي الرطبة والأنهار، وقدم فهمًا أعمق للعلاقة بين الإنسان والبيئة في السياق الكندي.
- علاقات السكان الأصليين والأوروبيين: لعب هاريس دورًا حاسمًا في فهم علاقات السكان الأصليين والأوروبيين في كندا. قام بتحليل العمليات التاريخية التي شكلت هذه العلاقات، بما في ذلك الاستعمار والاستيعاب والمقاومة. ساهمت أبحاثه في تعزيز فهم أعمق للتحديات التي تواجهها مجتمعات السكان الأصليين في كندا.
- “الاستيطان والمدينة الكندية”: يعتبر هذا العمل الرائد الذي نُشر عام 1966، دراسة كلاسيكية في الجغرافيا التاريخية الكندية. يحلل الكتاب تطور الاستيطان وأنماط الاستيطان في كندا منذ الحقبة الاستعمارية حتى أوائل القرن العشرين. يدرس هاريس كيف شكلت العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية تطور المدن والمناطق الريفية في كندا.
- “القرية في كولومبيا البريطانية”: يمثل هذا الكتاب، الذي نُشر عام 1977، دراسة متعمقة لتطور القرى الصغيرة في كولومبيا البريطانية. يستكشف هاريس كيف تغيرت هذه القرى بمرور الوقت استجابةً للتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، وكيف حافظت على هويتها الفريدة.
الجوائز والتكريمات
تقديرًا لإسهاماته البارزة في الجغرافيا، حصل كول هاريس على العديد من الجوائز والتكريمات، بما في ذلك:
- زمالة الجمعية الملكية الكندية.
- جائزة الإنجاز المتميز من جمعية الجغرافيين الكنديين.
- جائزة ماريون و. بلومفيلد من الجمعية الجغرافية الأمريكية.
- الدكتوراه الفخرية من جامعة لافال.
إرثه وتأثيره
ترك كول هاريس إرثًا دائمًا في مجال الجغرافيا التاريخية. ألهمت أبحاثه وكتاباته أجيالًا من الجغرافيين والمؤرخين وغيرهم من العلماء. ساهمت رؤاه في فهم أعمق لتطور المشهد الكندي، وعلاقات السكان الأصليين والأوروبيين، والتغيرات البيئية بمرور الوقت. سيظل عمله ذا صلة لسنوات عديدة قادمة، وسيستمر في إلهام الباحثين والطلاب المهتمين بالجغرافيا التاريخية لكندا.
خاتمة
كان كول هاريس شخصية بارزة في مجال الجغرافيا التاريخية الكندية. من خلال أبحاثه الرائدة وتدريسه المتميز، ساهم بشكل كبير في فهمنا لتطور المشهد الكندي وعلاقات السكان الأصليين والأوروبيين. سيظل إرثه دائمًا، وسيستمر في إلهام الأجيال القادمة من الجغرافيين والمؤرخين.