نشأته وبداياته المهنية
ولد ألكسندر تيجانيتش في 13 ديسمبر 1949 في جيلد فيليكي، وهي قرية صغيرة تقع في منطقة بانات في صربيا. درس الصحافة في جامعة بلغراد، وسرعان ما أظهر شغفه بالكلمة المكتوبة والمروية. بدأت مسيرته المهنية في أواخر السبعينيات في صحيفة “دنيفنيك” اليومية في نوفي ساد، حيث عمل كمراسل ومحرر. سرعان ما لفت انتباه رؤسائه بمهاراته الصحفية المتميزة وقدرته على تحليل الأحداث وتقديمها بطريقة جذابة ومثيرة للاهتمام.
في الثمانينيات، انتقل تيجانيتش إلى بلغراد، حيث عمل في عدد من الصحف والمجلات البارزة، بما في ذلك “نين” و”إنترفيو”. خلال هذه الفترة، اكتسب سمعة طيبة كصحفي استقصائي جريء لا يخشى الخوض في القضايا الحساسة وكشف الحقائق المخفية. كما بدأ في كتابة المقالات السياسية والاجتماعية التي تعكس رؤيته النقدية للواقع اليوغوسلافي في ذلك الوقت.
التحول السياسي والإعلامي في التسعينيات
شهدت التسعينيات تحولات كبيرة في المشهد السياسي والإعلامي في يوغوسلافيا، حيث تفككت البلاد واندلعت الحروب العرقية. لعبت وسائل الإعلام دورًا حاسمًا في هذه الأحداث، حيث استخدمت كأداة للدعاية والتعبئة السياسية. كان تيجانيتش من بين الصحفيين الذين انتقدوا بشدة استخدام وسائل الإعلام لنشر الكراهية والعنف، ودعا إلى الحفاظ على قيم التسامح والتعددية الثقافية.
خلال هذه الفترة، عمل تيجانيتش في عدد من وسائل الإعلام المستقلة، بما في ذلك محطة “بي92” الإذاعية والتلفزيونية، التي كانت تعتبر منبراً للمعارضة الديمقراطية. كما شارك في تأسيس عدد من المنظمات غير الحكومية التي تهدف إلى تعزيز حرية الإعلام وحماية حقوق الصحفيين.
في عام 1994، شغل تيجانيتش منصب وزير الإعلام في حكومة ميركو مارجانوفيتش، وهي خطوة أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الإعلامية. انتقد البعض قراره بالانضمام إلى الحكومة التي كانت تعتبر مقربة من الرئيس سلوبودان ميلوسيفيتش، بينما دافع آخرون عنه بحجة أنه كان يسعى إلى التأثير على السياسة الإعلامية من الداخل.
العمل في هيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية (RTS)
في عام 2004، تم تعيين ألكسندر تيجانيتش مديرًا عامًا لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية (RTS)، وهي المؤسسة الإعلامية العامة الرئيسية في البلاد. كان هذا التعيين بمثابة نقطة تحول في مسيرته المهنية، حيث أتيحت له الفرصة لتطبيق رؤيته للإعلام العام على نطاق واسع.
خلال فترة ولايته، قام تيجانيتش بإصلاحات شاملة في هيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية، بهدف تحويلها إلى مؤسسة إعلامية حديثة ومستقلة وموثوقة. قام بتحديث البنية التحتية التكنولوجية، وتطوير البرامج والمحتوى، وتعزيز الشفافية والمساءلة. كما سعى إلى استعادة ثقة الجمهور في هيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية، التي كانت قد تضررت بشدة خلال فترة التسعينيات.
أطلق تيجانيتش عددًا من البرامج الجديدة والمبتكرة التي لاقت استحسان الجمهور، بما في ذلك البرامج الإخبارية والسياسية والترفيهية والثقافية. كما أولى اهتمامًا خاصًا بتغطية الأحداث الهامة في صربيا والعالم، وضمان تقديم المعلومات بشكل دقيق وموضوعي.
على الرغم من جهوده، واجه تيجانيتش العديد من التحديات خلال فترة ولايته، بما في ذلك الضغوط السياسية والمالية، والانتقادات من مختلف الأطراف. ومع ذلك، فقد تمكن من الحفاظ على استقلالية هيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية والدفاع عن مصالحها.
أسلوبه الصحفي وآراؤه
اشتهر ألكسندر تيجانيتش بأسلوبه الصحفي الجريء والصريح، وآرائه النقدية والمثيرة للجدل. كان لا يتردد في التعبير عن وجهات نظره بصراحة ووضوح، حتى لو كانت تتعارض مع التيار السائد. كما كان يتمتع بحس فكاهي رفيع وقدرة على السخرية من الأحداث والشخصيات السياسية.
كان تيجانيتش يؤمن بأهمية حرية التعبير والدور الحيوي الذي تلعبه وسائل الإعلام في المجتمع الديمقراطي. كان يرى أن الصحافة يجب أن تكون مستقلة وموضوعية ومنفتحة على جميع الآراء، وأن تسعى إلى كشف الحقائق ومحاسبة المسؤولين.
كما كان تيجانيتش منتقدًا للفساد وسوء الإدارة في صربيا، ودعا إلى إصلاح النظام السياسي والاقتصادي. كان يؤمن بأهمية بناء دولة قانون قوية تحترم حقوق الإنسان وتحمي مصالح المواطنين.
وفاته وإرثه
توفي ألكسندر تيجانيتش في 28 أكتوبر 2013 عن عمر يناهز 63 عامًا. صدمت وفاته المفاجئة الأوساط الإعلامية والسياسية في صربيا، وأثارت موجة من الحزن والتقدير. أشاد العديد من الصحفيين والسياسيين والمثقفين بإسهاماته في تطوير الإعلام الصربي والدفاع عن حرية التعبير.
ترك تيجانيتش إرثًا كبيرًا في الإعلام الصربي، حيث ألهم العديد من الصحفيين الشباب وحفزهم على العمل بجدية وإخلاص. كما ساهم في رفع مستوى الوعي العام بأهمية حرية الإعلام والدور الحيوي الذي تلعبه في المجتمع الديمقراطي.
لا يزال ألكسندر تيجانيتش يعتبر شخصية بارزة ومؤثرة في تاريخ الإعلام الصربي، وسيظل اسمه مرتبطًا بالصحافة الجريئة والصريحة والنقدية.
الجوائز والتكريمات
- جائزة “ستانا توماشيفيتش” للصحافة الاستقصائية
- جائزة “ديسان ماكسيموفيتش” للإبداع الصحفي
- جائزة “راديفوي ماركوفيتش” للإسهام في تطوير الإعلام الصربي
خاتمة
كان ألكسندر تيجانيتش صحفيًا صربيًا متميزًا ومديرًا عامًا لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية، اشتهر بآرائه الصريحة وأسلوبه الجريء. لعب دورًا هامًا في تطوير الإعلام الصربي والدفاع عن حرية التعبير. على الرغم من الجدل الذي أحاط ببعض قراراته، إلا أنه ترك إرثًا كبيرًا في الإعلام الصربي وسيظل اسمه مرتبطًا بالصحافة الجريئة والصريحة.