التاريخ
يعود تاريخ زيلينوجورسك إلى الحقبة السوفيتية، وتحديدًا إلى منتصف الخمسينيات من القرن العشرين، عندما تقرر إنشاء مجمع صناعي نووي في هذه المنطقة. كانت المنطقة مختارة بعناية نظرًا لبعدها النسبي عن المراكز السكانية الكبرى، وتوافر الموارد المائية من نهر كان، والتضاريس التي تسهل إخفاء المنشآت الصناعية. تأسست المدينة في عام 1956 تحت اسم كراسنويارسك-45، وهو اسم رمزي كان شائعًا للمدن المغلقة في تلك الفترة. كان الهدف الرئيسي من إنشاء المدينة هو توفير القوى العاملة والخدمات اللازمة للمجمع الصناعي النووي.
خلال الحقبة السوفيتية، كانت زيلينوجورسك مدينة مزدهرة نسبيًا، حيث حظيت باهتمام خاص من الحكومة المركزية. تم توفير مستويات معيشة أعلى من المتوسط، وتوفرت فرص عمل جيدة، وخدمات اجتماعية متقدمة. كان سكان المدينة يتمتعون بامتيازات معينة تعوضهم عن القيود المفروضة على حركتهم وحريتهم في التواصل مع العالم الخارجي.
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991، واجهت زيلينوجورسك تحديات كبيرة. تراجعت الاستثمارات الحكومية، وارتفعت معدلات البطالة، وتدهورت البنية التحتية. ومع ذلك، تمكنت المدينة من التكيف مع الوضع الجديد، وذلك بفضل استمرار وجود المجمع الصناعي النووي، الذي ظل يوفر فرص عمل ودخلًا للمدينة. تم تغيير اسم المدينة رسميًا إلى زيلينوجورسك في عام 1994.
الوضع الإداري والبلدي
إداريًا، تعتبر زيلينوجورسك مدينة ذات أهمية إقليمية في كراي كراسنويارسك. وهي تشكل كيانًا بلدياً مستقلاً بذاته، يعرف باسم منطقة مدينة زيلينوجورسك. تخضع المدينة لإدارة مباشرة من حكومة كراي كراسنويارسك، وتتمتع بصلاحيات واسعة في إدارة شؤونها المحلية.
تتولى إدارة المدينة مسؤولية توفير الخدمات الأساسية للسكان، مثل التعليم والصحة والإسكان والنقل. كما تتولى مسؤولية الحفاظ على الأمن والنظام العام، وتطوير البنية التحتية، وجذب الاستثمارات. يتم انتخاب رئيس بلدية المدينة وأعضاء مجلس المدينة من قبل سكان المدينة.
الاقتصاد
يعتمد اقتصاد زيلينوجورسك بشكل كبير على المجمع الصناعي النووي، الذي يمثل المصدر الرئيسي لفرص العمل والدخل في المدينة. يعمل المجمع في تخصيب اليورانيوم وتصنيع الوقود النووي. بالإضافة إلى ذلك، توجد في المدينة بعض الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعمل في قطاعات مختلفة، مثل الصناعات الغذائية والتجارية والخدمات.
تسعى إدارة المدينة إلى تنويع الاقتصاد المحلي، وذلك من خلال جذب الاستثمارات في قطاعات جديدة، مثل السياحة والتكنولوجيا. تتوفر في المدينة بعض الإمكانيات السياحية، مثل المناظر الطبيعية الخلابة لنهر كان، وإمكانية ممارسة الرياضات المائية والصيد. كما تسعى المدينة إلى تطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات، وذلك من خلال إنشاء حاضنات للأعمال ودعم الشركات الناشئة.
السكان
وفقًا لتقديرات عام 2021، يبلغ عدد سكان زيلينوجورسك حوالي 52,395 نسمة. يتميز التركيب السكاني للمدينة بارتفاع نسبة الشباب، وذلك بسبب وجود عدد كبير من العاملين في المجمع الصناعي النووي. كما تتميز المدينة بتنوعها العرقي، حيث يعيش فيها ممثلون للعديد من القوميات المختلفة، مثل الروس والأوكرانيين والبيلاروسيين والتتار.
تعتبر زيلينوجورسك مدينة آمنة نسبيًا، حيث تنخفض فيها معدلات الجريمة مقارنة بالمدن الأخرى في روسيا. يعزى ذلك إلى القيود المفروضة على الدخول والخروج من المدينة، والوجود الأمني المكثف.
الثقافة والتعليم
تتوفر في زيلينوجورسك العديد من المؤسسات الثقافية والتعليمية، مثل المتاحف والمسارح والمكتبات والمدارس والكليات. يوجد في المدينة متحف التاريخ المحلي، الذي يعرض تاريخ المدينة والمنطقة المحيطة بها. كما يوجد في المدينة مسرح يقدم عروضًا مسرحية متنوعة. بالإضافة إلى ذلك، توجد في المدينة العديد من المدارس والكليات التي تقدم تعليمًا عالي الجودة.
تهتم إدارة المدينة بتطوير الثقافة والتعليم، وذلك من خلال دعم المؤسسات الثقافية والتعليمية، وتنظيم الفعاليات الثقافية والتعليمية، وتقديم المنح الدراسية للطلاب المتميزين.
القيود الأمنية
نظرًا لطبيعة زيلينوجورسك كمدينة مغلقة، تخضع المدينة لقيود أمنية صارمة. يتطلب الدخول إلى المدينة الحصول على تصريح خاص، ولا يسمح لغير المقيمين بالدخول إلا بتصريح رسمي. يتم تفتيش جميع الزائرين والمركبات عند مداخل المدينة. كما توجد قيود على التصوير والتسجيل في بعض المناطق.
تهدف هذه القيود الأمنية إلى حماية المجمع الصناعي النووي، ومنع وقوع أي حوادث أو هجمات إرهابية. على الرغم من هذه القيود، فإن سكان المدينة يعيشون حياة طبيعية نسبيًا، ويتمتعون بالعديد من الخدمات والمرافق.
المستقبل
تواجه زيلينوجورسك تحديات كبيرة في المستقبل، مثل الحاجة إلى تنويع الاقتصاد المحلي، وتحسين البنية التحتية، وتوفير فرص عمل جديدة. ومع ذلك، فإن المدينة لديها أيضًا العديد من الفرص، مثل إمكانية تطوير قطاع السياحة، وجذب الاستثمارات في قطاعات جديدة، والاستفادة من موقعها الاستراتيجي في قلب سيبيريا.
تسعى إدارة المدينة إلى تحقيق التنمية المستدامة، وذلك من خلال تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية وحماية البيئة. تهدف المدينة إلى أن تصبح مركزًا اقتصاديًا وثقافيًا وعلميًا رائدًا في منطقة كراسنويارسك كراي.
خاتمة
زيلينوجورسك هي مدينة فريدة من نوعها، تجمع بين طبيعة المدينة المغلقة والقيود الأمنية من جهة، وبين الحداثة والتطور والفرص الاقتصادية من جهة أخرى. تاريخها يعكس الحقبة السوفيتية وأهمية الصناعة النووية، بينما مستقبلها يكمن في التنويع الاقتصادي والتنمية المستدامة. تظل زيلينوجورسك مدينة ذات أهمية استراتيجية واقتصادية لروسيا، وتستمر في التطور والتكيف مع التغيرات العالمية.