خلفية العملية
في أواخر السبعينيات، تصاعدت حرب الحدود الجنوب أفريقية. كانت سوابو، وهي حركة تحرير تسعى إلى إنهاء حكم جنوب أفريقيا لناميبيا (التي كانت تعرف آنذاك بجنوب غرب أفريقيا)، تشن هجمات متزايدة من قواعد في أنغولا وزامبيا. ردت قوة الدفاع الجنوب أفريقية (SADF) بغارات متزايدة عبر الحدود.
كانت حكومة جنوب أفريقيا مصممة على احتواء سوابو ومنعها من الحصول على موطئ قدم قوي في ناميبيا. كانت تعتقد أن سوابو مدعومة من قبل الاتحاد السوفيتي وكوبا، وأن هزيمة سوابو ستكون ضربة كبيرة للشيوعية في المنطقة.
في عام 1978، خططت قوة الدفاع الجنوب أفريقية لعملية واسعة النطاق ضد معسكرات سوابو في أنغولا. أطلق على العملية اسم “برويلوف”، وهو اسم أفريكانسي يعني “الزفاف”. كان الهدف من الاسم هو خداع سوابو وإقناعها بأن العملية كانت مجرد مناورة تدريبية.
التخطيط للعملية
تضمنت خطة عملية برويلوف إرسال قوة كبيرة من الجنود والمركبات المدرعة إلى أنغولا. كان من المقرر أن تهاجم القوة عددًا من معسكرات سوابو، بهدف تدمير البنية التحتية لسوابو وقتل أكبر عدد ممكن من المقاتلين. كان من المقرر أن تدعم العملية غارات جوية من قبل سلاح الجو الجنوب أفريقي.
تم التخطيط للعملية بعناية فائقة. تم تدريب الجنود بشكل مكثف، وتم تزويدهم بأحدث المعدات. تم جمع معلومات استخبارية مفصلة حول معسكرات سوابو.
كان قائد العملية هو الجنرال كونستانت فيلجون، الذي كان يتمتع بسمعة طيبة باعتباره أحد أفضل القادة العسكريين في جنوب أفريقيا. كان فيلجون واثقًا من أن العملية ستنجح.
إلغاء العملية
قبل أيام قليلة من الموعد المقرر لتنفيذ العملية، تم إلغاؤها بأمر من رئيس الوزراء الجنوب أفريقي بيتر ويليم بوتا. كان بوتا قلقًا من أن العملية قد تؤدي إلى رد فعل عنيف دولي، وأنها قد تضر بجهود جنوب أفريقيا لتحسين علاقاتها مع الدول الأفريقية الأخرى.
كان فيلجون غاضبًا من إلغاء العملية. كان يعتقد أن بوتا كان يرتكب خطأ فادحًا، وأن إلغاء العملية سيشجع سوابو على تصعيد هجماتها.
على الرغم من إلغاء العملية، استمرت قوة الدفاع الجنوب أفريقية في شن غارات عبر الحدود ضد معسكرات سوابو في أنغولا. ومع ذلك، لم تكن هذه الغارات بنفس نطاق عملية برويلوف المخطط لها.
النتائج
كان لإلغاء عملية برويلوف عدد من النتائج الهامة:
- تصعيد حرب الحدود: شعر سوابو بالتشجيع بسبب إلغاء العملية، وصعدت هجماتها على ناميبيا.
- زيادة التدخل الكوبي: ردت كوبا بإرسال المزيد من القوات إلى أنغولا لدعم سوابو.
- تدهور العلاقات بين جنوب أفريقيا والدول الأفريقية الأخرى: أدى إلغاء العملية إلى تدهور العلاقات بين جنوب أفريقيا والدول الأفريقية الأخرى.
يعتقد العديد من المؤرخين أن إلغاء عملية برويلوف كان خطأ فادحًا من قبل حكومة جنوب أفريقيا. يعتقدون أن العملية كان يمكن أن تلحق ضررًا كبيرًا بسوابو، وأنها كان يمكن أن تؤدي إلى نتيجة مختلفة لحرب الحدود.
على الرغم من أنها لم تنفذ قط، إلا أن عملية برويلوف تظل حدثًا مهمًا في تاريخ حرب الحدود الجنوب أفريقية. إنها تذكير بتعقيدات الحرب، وبأهمية التخطيط الدقيق والقيادة القوية.
تحليل إضافي
يمكن النظر إلى إلغاء عملية برويلوف من عدة زوايا. من الناحية العسكرية، كان فيلجون يعتقد بقوة أن العملية ستنجح وستضعف بشكل كبير قدرة سوابو على شن هجمات. من الناحية السياسية، كان بوتا يخشى العواقب الدولية المحتملة لعملية واسعة النطاق داخل أنغولا، خاصةً مع وجود قوات كوبية وسوفيتية تقدم الدعم لسوابو وحكومة أنغولا.
كان قرار بوتا يعكس التوازن الدقيق الذي كانت حكومة جنوب أفريقيا تحاول تحقيقه: احتواء التهديد المتزايد من سوابو مع تجنب عزلة دولية أعمق. ومع ذلك، أدى إلغاء العملية إلى إحباط كبير داخل الجيش الجنوب أفريقي، الذي شعر بأن الفرصة قد ضاعت لإلحاق هزيمة حاسمة بسوابو.
علاوة على ذلك، فإن قرار الإلغاء قد يكون ساهم في تصورات بأن الحكومة الجنوب أفريقية كانت تفتقر إلى الإرادة السياسية لمتابعة استراتيجية عسكرية حاسمة. أدى ذلك في النهاية إلى زيادة الثقة لدى سوابو وحلفائها، مما أدى إلى تصعيد الصراع في السنوات اللاحقة.
في نهاية المطاف، يظل قرار إلغاء عملية برويلوف نقطة خلافية في تاريخ حرب الحدود الجنوب أفريقية. يرى البعض أنه قرار حكيم أدى إلى تجنب عواقب دولية وخيمة، بينما يرى آخرون أنه فرصة ضائعة لتحقيق نصر حاسم.
أهمية العملية في السياق الأوسع
تعتبر عملية برويلوف جزءًا من سلسلة العمليات العسكرية التي قامت بها قوة الدفاع الجنوب أفريقية في أنغولا خلال حرب الحدود. كانت هذه العمليات تهدف إلى قمع سوابو ومنعها من استخدام أنغولا كقاعدة لشن هجمات على ناميبيا. شملت عمليات أخرى عملية سافانا وعملية رينبو وعملية أسكاري.
تُظهر هذه العمليات التدخل العسكري المتزايد لجنوب أفريقيا في المنطقة، وتأثير الحرب الباردة على الصراعات الإقليمية. كان الدعم السوفيتي والكوبي لسوابو وحكومة أنغولا عاملاً حاسماً في إطالة أمد الحرب وتعقيدها. في المقابل، تلقت جنوب أفريقيا دعمًا سريًا من دول غربية معينة كانت قلقة بشأن انتشار الشيوعية في أفريقيا الجنوبية.
تُعتبر حرب الحدود الجنوب أفريقية صراعًا معقدًا ومتعدد الأوجه، حيث تداخلت فيه المصالح السياسية والأيديولوجية والعسكرية. تعتبر عملية برويلوف مثالًا على التحديات التي واجهتها جميع الأطراف المتورطة في الصراع، والقرارات الصعبة التي كان يتعين اتخاذها في ظل ظروف متغيرة باستمرار.
خاتمة
كانت عملية برويلوف عملية عسكرية مخططة من قبل قوة الدفاع الجنوب أفريقية في عام 1978 ضد معسكرات سوابو في أنغولا. تم إلغاء العملية قبل وقت قصير من تنفيذها بسبب مخاوف سياسية. كان لإلغاء العملية عدد من النتائج الهامة، بما في ذلك تصعيد حرب الحدود وزيادة التدخل الكوبي وتدهور العلاقات بين جنوب أفريقيا والدول الأفريقية الأخرى. على الرغم من أنها لم تنفذ قط، إلا أن عملية برويلوف تظل حدثًا مهمًا في تاريخ حرب الحدود الجنوب أفريقية.