مقدمة
الديكون، أو حاملة المدفع إيه إي سي مارك 1 (AEC Mk I Gun Carrier, Deacon)، هي مركبة قتال مدرعة بريطانية الصنع استخدمت خلال الحرب العالمية الثانية. تمثل الديكون محاولة بريطانية عاجلة لسد النقص في المدفعية ذاتية الحركة في المراحل الأولى من الحرب، وذلك عن طريق تركيب مدفع ميداني كبير على هيكل شاحنة تجارية. على الرغم من بساطتها واعتمادها على مكونات مدنية، إلا أن الديكون لعبت دورًا هامًا في شمال إفريقيا، حيث قدمت دعمًا ناريًا قيمًا للقوات البريطانية وقوات الكومنولث.
التصميم والتطوير
مع اندلاع الحرب العالمية الثانية، واجهت القوات البريطانية نقصًا حادًا في المدفعية ذاتية الحركة القادرة على مواكبة تقدم الدبابات. كانت الحلول الموجودة مكلفة ومعقدة، مما استدعى البحث عن حلول بديلة سريعة ورخيصة. ظهرت فكرة تركيب مدفع ميداني على هيكل شاحنة تجارية كحل واعد، مما أدى إلى تطوير الديكون.
تم تصميم الديكون عن طريق تركيب مدفع أوردنانس سريع الإطلاق عيار 25 رطلاً (Ordnance QF 25-pounder) على هيكل شاحنة إيه إي سي ماتادور (AEC Matador) ذات الدفع الرباعي. تم وضع المدفع في صندوق قتالي مفتوح من الأعلى ومدرع جزئيًا، مما يوفر بعض الحماية للطاقم من نيران الأسلحة الصغيرة وشظايا القذائف. كان الصندوق القتالي يقع في منتصف الشاحنة، مع وجود المحرك والمقصورة الأمامية في المقدمة.
على الرغم من أن الديكون لم تكن مركبة مدرعة بالكامل، إلا أنها كانت تتمتع بقدرة جيدة على الحركة وقادرة على مواكبة الوحدات المدرعة الأخرى. كما أن بساطة تصميمها سمحت بإنتاجها بأعداد كبيرة نسبياً في وقت قصير.
المواصفات الفنية
- الوزن: حوالي 12 طنًا
- الطول: 6.25 متر
- العرض: 2.5 متر
- الارتفاع: 2.8 متر
- الطاقم: 6 أفراد (قائد، مدفعي، مساعد مدفعي، سائق، وراميان للذخيرة)
- التسليح الرئيسي: مدفع أوردنانس سريع الإطلاق عيار 25 رطلاً
- التسليح الثانوي: لا يوجد
- المحرك: محرك ديزل إيه إي سي سعة 7.7 لتر
- القوة: 95 حصان
- السرعة القصوى: 50 كم/ساعة
- المدى: 250 كم
الخدمة القتالية
دخلت الديكون الخدمة في عام 1942، وتم استخدامها بشكل رئيسي في حملة شمال إفريقيا. كانت الديكون بمثابة إضافة قيمة للقوات البريطانية، حيث قدمت دعمًا ناريًا متحركًا وموثوقًا به. شاركت الديكون في العديد من المعارك الهامة، بما في ذلك معركة العلمين الثانية.
على الرغم من أنها كانت عرضة لنيران المدفعية المضادة بسبب دروعها الخفيفة، إلا أن الديكون أثبتت فعاليتها في قمع مواقع العدو وتدمير المركبات المدرعة الخفيفة. كما أنها كانت قادرة على التحرك بسرعة لتغيير المواقع وتجنب الهجمات.
بعد انتهاء حملة شمال إفريقيا، تم استبدال الديكون تدريجياً بمركبات مدفعية ذاتية الحركة أكثر تطوراً، مثل مدفع القس بريست (Priest) الأمريكي. ومع ذلك، ظلت الديكون في الخدمة بأعداد محدودة حتى نهاية الحرب.
المميزات والعيوب
المميزات:
- بساطة التصميم وسهولة الإنتاج
- قدرة جيدة على الحركة
- تكلفة منخفضة نسبياً
- دعم ناري فعال
العيوب:
- دروع خفيفة تجعلها عرضة لنيران المدفعية المضادة
- صندوق قتالي مفتوح من الأعلى يعرض الطاقم للخطر
- اعتمادها على مكونات مدنية قد يؤثر على الموثوقية
الإرث
على الرغم من كونها حلاً مؤقتًا، إلا أن الديكون تركت بصمة واضحة في تاريخ المدفعية ذاتية الحركة. أظهرت الديكون إمكانية تحويل الشاحنات التجارية إلى منصات مدفعية فعالة، ومهدت الطريق لتطوير مركبات أكثر تطوراً في المستقبل. كما أنها تذكرنا بالقدرة البريطانية على الابتكار والتكيف في مواجهة التحديات.
نماذج أخرى مشابهة
بالإضافة إلى الديكون، تم تطوير العديد من المركبات المماثلة خلال الحرب العالمية الثانية، بهدف توفير مدفعية ذاتية الحركة سريعة وسهلة الإنتاج. من بين هذه المركبات:
- مارمون-هيرينغتون مارك الثالث إيه إيه-1 (Marmon-Herrington Mk III AA-1): مركبة جنوب أفريقية مضادة للطائرات، تعتمد على هيكل شاحنة مارمون-هيرينغتون.
- مدفع بورتيه (Porte gun): عبارة عن مدفع مضاد للدبابات من عيار 2 رطل مثبت على شاحنة خفيفة.
الديكون في المتاحف
يمكن العثور على عدد قليل من مركبات الديكون المتبقية في المتاحف حول العالم. من بين هذه المتاحف:
- متحف بوفينغتون للدبابات في المملكة المتحدة
- متحف سلاح المدفعية الملكي في المملكة المتحدة
خاتمة
كانت الديكون، حاملة المدفع إيه إي سي مارك 1، حلاً مبتكرًا وضروريًا لسد النقص في المدفعية ذاتية الحركة لدى القوات البريطانية خلال الحرب العالمية الثانية. على الرغم من أنها لم تكن مثالية، إلا أنها قدمت دعمًا ناريًا قيمًا وساعدت في تحقيق النصر في شمال إفريقيا. تظل الديكون مثالًا على القدرة على الابتكار والتكيف في مواجهة التحديات، وتستحق مكانتها في تاريخ المركبات القتالية المدرعة.