نظام المقاطعات الكبيرة
تم إنشاء نظام المقاطعات الكبيرة بهدف تنظيم الإدارة المحلية والسيطرة عليها بشكل فعال. كانت المقاطعات الكبيرة بمثابة وحدات إدارية وسياسية، وكان يرأس كل منها حاكم كبير (Veliki Župan) يعينه رئيس الدولة الكرواتية، أنتي بافليتش. كان الحاكم الكبير مسؤولاً عن تنفيذ سياسات الحكومة المركزية في المقاطعة، والحفاظ على القانون والنظام، وإدارة الشؤون المحلية.
كانت المقاطعات الكبيرة تتألف من عدة مناطق (Kotari)، وهي وحدات إدارية أصغر. كانت المناطق بدورها مقسمة إلى بلديات. كان هذا الهيكل الهرمي يهدف إلى تسهيل الإدارة الفعالة والمركزية للدولة.
تغير عدد المقاطعات الكبيرة وتكوينها مع مرور الوقت، حيث أعيد تنظيم الحدود الإدارية عدة مرات خلال فترة وجود دولة كرواتيا المستقلة. يعكس هذا التغيير المستمر محاولات الحكومة للتكيف مع الظروف المتغيرة على الأرض، مثل التطورات العسكرية والاحتياجات الإدارية.
أهداف التقسيم الإداري
كان الهدف الرئيسي من إنشاء هذا النظام الإداري هو توطيد سلطة الحكومة المركزية في جميع أنحاء أراضي دولة كرواتيا المستقلة. كان نظام المقاطعات الكبيرة يهدف إلى:
- ضمان تنفيذ سياسات الحكومة بشكل فعال على المستوى المحلي.
- مراقبة السكان المحليين والسيطرة عليهم.
- تعبئة الموارد لدعم المجهود الحربي.
- قمع المعارضة وأي نشاط معادٍ للدولة.
قائمة المقاطعات الكبيرة
فيما يلي قائمة بالمقاطعات الكبيرة لدولة كرواتيا المستقلة، مع ملاحظة أن هذه القائمة قد لا تكون شاملة تمامًا بسبب التغييرات المتكررة في الحدود الإدارية:
- بارانيا (Baranja): تقع في منطقة بارانيا التاريخية.
- بيوغوريه (Bilogora): تقع في منطقة بيوغوريه.
- بريبيتش (Bribir): تقع في منطقة بريبيتش.
- دوبرافا (Dubrava): تقع في منطقة دوبرافا.
- غاتسكا (Gacka): تقع في منطقة غاتسكا.
- هوم (Hum): تقع في منطقة هوم.
- ليكا (Lika): تقع في منطقة ليكا.
- لاسفا (Lašva): تقع في منطقة لاسفا.
- ليفاتش (Levač): تقع في منطقة ليفاتش.
- مارينا (Marina): تقع في منطقة مارينا.
- بليفا و راما (Pliva i Rama): تقع في مناطق بليفا وراما.
- سانسكا (Sana): تقع في منطقة سانسكا.
- أوسورا (Usora): تقع في منطقة أوسورا.
- فرباس (Vrbas): تقع في منطقة فرباس.
- فوكو (Vuka): تقع في منطقة فوكو.
- زاجوريه (Zagorje): تقع في منطقة زاجوريه.
بالإضافة إلى هذه المقاطعات الكبيرة، كانت هناك وحدات إدارية أخرى ذات وضع خاص، مثل:
- زغرب (Zagreb): كانت تتمتع بوضع خاص كعاصمة للدولة.
- دوبروفنيك (Dubrovnik): كانت تتمتع بوضع خاص بسبب أهميتها التاريخية والثقافية.
الحياة في المقاطعات الكبيرة
كانت الحياة في المقاطعات الكبيرة خلال فترة وجود دولة كرواتيا المستقلة صعبة للغاية. كانت الحرب العالمية الثانية مستعرة، وكانت الدولة تعاني من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي. عانى السكان المدنيون من نقص الغذاء والدواء والموارد الأساسية الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، تعرضوا للعنف والاضطهاد من قبل النظام الحاكم.
كانت المقاطعات الكبيرة مسرحًا للعديد من الفظائع التي ارتكبت ضد الأقليات العرقية والدينية، وخاصة الصرب واليهود والغجر. تم تجميع هؤلاء الأشخاص في معسكرات اعتقال، حيث تعرضوا للتعذيب والقتل. كما تم استهداف المعارضين السياسيين من قبل النظام الحاكم.
قامت حركة المقاومة اليوغوسلافية، بقيادة الحزبيين الشيوعيين، بشن حرب عصابات ضد قوات دولة كرواتيا المستقلة وقوات الاحتلال الألمانية. أدت هذه الحرب إلى مزيد من العنف وعدم الاستقرار في المقاطعات الكبيرة.
تأثير المقاطعات الكبيرة
لم يدم نظام المقاطعات الكبيرة طويلاً، حيث انهارت دولة كرواتيا المستقلة في عام 1945 مع نهاية الحرب العالمية الثانية. ومع ذلك، كان لهذا النظام الإداري تأثير كبير على تاريخ كرواتيا. فقد ساهم في ترسيخ فكرة الدولة الكرواتية المستقلة، على الرغم من طبيعتها العميلة والمثيرة للجدل.
كما أثر نظام المقاطعات الكبيرة على التطور الإداري اللاحق لكرواتيا. بعد الحرب، تم إلغاء المقاطعات الكبيرة، وتم استبدالها بنظام جديد من البلديات والمناطق. ومع ذلك، فإن فكرة التقسيم الإقليمي لكرواتيا إلى وحدات كبيرة لا تزال قائمة حتى اليوم.
التقسيمات الإدارية اللاحقة
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وتأسيس جمهورية يوغوسلافيا الاشتراكية الاتحادية، تم إلغاء نظام المقاطعات الكبيرة واستبداله بنظام جديد من المناطق والبلديات. تم تصميم هذا النظام الجديد ليكون أكثر مركزية وكفاءة، ولتعزيز الوحدة الوطنية في يوغوسلافيا.
بعد استقلال كرواتيا في عام 1991، تم إعادة تنظيم التقسيم الإداري للبلاد مرة أخرى. تم إنشاء نظام جديد من المقاطعات (Županije)، والتي تشبه إلى حد ما المقاطعات الكبيرة القديمة. ومع ذلك، فإن المقاطعات الحديثة تتمتع بسلطات أقل بكثير من المقاطعات الكبيرة، وهي تخضع لسيطرة الحكومة المركزية بشكل أكبر.
ميراث نظام المقاطعات الكبيرة
لا يزال نظام المقاطعات الكبيرة يمثل موضوعًا مثيرًا للجدل في كرواتيا. يرى البعض أنه كان مجرد أداة للنظام الفاشي، بينما يرى البعض الآخر أنه كان محاولة لإنشاء دولة كرواتية مستقلة. بغض النظر عن وجهة النظر، من المهم فهم تاريخ هذا النظام الإداري لفهم تاريخ كرواتيا بشكل كامل.
إن دراسة نظام المقاطعات الكبيرة لدولة كرواتيا المستقلة توفر لنا نظرة ثاقبة على تعقيدات الحرب العالمية الثانية في منطقة البلقان، وعلى التحديات التي واجهت كرواتيا في سعيها لتحقيق الاستقلال. كما أنها تذكرنا بأهمية الحفاظ على حقوق الإنسان والديمقراطية، وتجنب التطرف والعنف.
خاتمة
كانت المقاطعات الكبيرة أو المحافظات الكبرى التقسيمات الإقليمية الأساسية لدولة كرواتيا المستقلة خلال الحرب العالمية الثانية. تم إنشاء هذا النظام الإداري بهدف توطيد سلطة الحكومة المركزية والسيطرة على السكان المحليين. على الرغم من قصر مدة وجوده، كان لنظام المقاطعات الكبيرة تأثير كبير على تاريخ كرواتيا، ولا يزال يمثل موضوعًا مثيرًا للجدل حتى اليوم.