مقدمة
ريندل سيباستيان “باس” بيز (بالإنجليزية: Rendel Sebastian “Bas” Pease) زميل الجمعية الملكية (2 نوفمبر 1922 – 17 أكتوبر 2004) كان عالم فيزياء بريطانيًا عارض بشدة الأسلحة النووية. اشتهر بيز بعمله الرائد في مجال أبحاث الاندماج النووي، وبدوره القيادي في تطوير برنامج الأسلحة النووية البريطانية خلال فترة الحرب الباردة. بالإضافة إلى ذلك، كان له دور هام في تأسيس المعهد البريطاني لفيزياء البلازما.
نشأته وتعليمه
ولد باس بيز في 2 نوفمبر 1922، وتلقى تعليمه في مدرسة وينتشيستر وكلية الثالوث، كامبريدج. خلال الحرب العالمية الثانية، عمل في قسم أبحاث العمليات بالبحرية الملكية، حيث اكتسب خبرة قيمة في مجال التحليل العلمي واتخاذ القرارات الاستراتيجية. بعد الحرب، عاد إلى كامبريدج لإكمال دراسته في الفيزياء، وحصل على درجة الدكتوراه في عام 1950.
مسيرته المهنية في مجال الأسلحة النووية
في بداية الخمسينيات من القرن الماضي، انضم بيز إلى مؤسسة أبحاث الطاقة الذرية في هارويل، حيث شارك في تطوير برنامج الأسلحة النووية البريطانية. عمل في البداية على تصميم المفاعلات النووية، ثم انتقل للعمل على تطوير الرؤوس الحربية النووية. لعب بيز دورًا حاسمًا في تطوير أول قنبلة هيدروجينية بريطانية، والتي تم اختبارها بنجاح في عام 1957.
على الرغم من مشاركته في تطوير الأسلحة النووية، إلا أن بيز كان قلقًا بشأن مخاطرها. في عام 1960، استقال من منصبه في مؤسسة أبحاث الطاقة الذرية، وعبر عن معارضته الشديدة للانتشار النووي. أصبح بيز من أبرز الأصوات المنتقدة لسياسات التسلح النووي، ودعا إلى نزع السلاح النووي الكامل.
أبحاث الاندماج النووي
بعد استقالته من مؤسسة أبحاث الطاقة الذرية، كرس بيز جهوده لأبحاث الاندماج النووي. انضم إلى مختبر كولهام، وهو مركز أبحاث الاندماج النووي الرئيسي في المملكة المتحدة. ترأس بيز مختبر كولهام من عام 1968 إلى عام 1981، وخلال فترة ولايته، حقق المختبر تقدمًا كبيرًا في فهم فيزياء البلازما وتطوير تقنيات الاندماج النووي.
يعتبر الاندماج النووي عملية واعدة لإنتاج الطاقة النظيفة والمستدامة. تهدف أبحاث الاندماج النووي إلى تطوير مفاعل اندماج نووي يمكنه إنتاج الطاقة عن طريق دمج نوى ذرات الهيدروجين، مما ينتج كميات هائلة من الطاقة. كان بيز من المؤمنين بشدة بإمكانات الاندماج النووي، وعمل بلا كلل لتعزيز هذا المجال.
- مفهوم الاندماج النووي: عملية يتم فيها دمج نواتين ذريتين خفيفتين لتكوين نواة أثقل، مع إطلاق كمية كبيرة من الطاقة. هذه العملية هي التي تغذي الشمس والنجوم الأخرى.
- أهمية أبحاث الاندماج النووي: يهدف إلى تطوير مصدر طاقة نظيف ومستدام وآمن، حيث لا ينتج نفايات مشعة طويلة الأجل ولا يطلق غازات دفيئة.
- مختبر كولهام: مركز أبحاث الاندماج النووي الرئيسي في المملكة المتحدة، حيث قاد بيز الأبحاث والتطوير في هذا المجال لسنوات عديدة.
مساهماته في فيزياء البلازما
بالإضافة إلى عمله في مجال الاندماج النووي، كان بيز رائدًا في مجال فيزياء البلازما. ساهم بشكل كبير في فهم سلوك البلازما، وهي حالة المادة التي تتكون من غاز متأين شديد الحرارة. تستخدم البلازما في مجموعة واسعة من التطبيقات، بما في ذلك أبحاث الاندماج النووي، وتصنيع أشباه الموصلات، والإضاءة.
كان بيز من أوائل العلماء الذين أدركوا أهمية فيزياء البلازما، وعمل على تطوير هذا المجال في المملكة المتحدة. أسس المعهد البريطاني لفيزياء البلازما، والذي أصبح مركزًا رائدًا للبحث والتدريب في هذا المجال. نشر بيز العديد من الأوراق البحثية والمقالات حول فيزياء البلازما، وأثر بشكل كبير على الجيل القادم من علماء البلازما.
معارضته للأسلحة النووية
على الرغم من مشاركته في تطوير الأسلحة النووية، إلا أن بيز كان من أشد المعارضين لها. بعد استقالته من مؤسسة أبحاث الطاقة الذرية، أصبح من أبرز الأصوات المنتقدة لسياسات التسلح النووي، ودعا إلى نزع السلاح النووي الكامل. جادل بيز بأن الأسلحة النووية تشكل تهديدًا وجوديًا للبشرية، وأن استخدامها لا يمكن تبريره أبدًا.
شارك بيز في العديد من الحركات والمنظمات المناهضة للأسلحة النووية، وعمل بلا كلل لرفع مستوى الوعي العام بمخاطر الأسلحة النووية. كتب العديد من المقالات والكتب حول هذا الموضوع، وألقى العديد من المحاضرات والمداخلات في المؤتمرات الدولية. كان بيز مدافعًا قويًا عن السلام والأمن العالميين، ويعتقد أن الدبلوماسية والحوار هما أفضل السبل لحل النزاعات الدولية.
- مخاطر الأسلحة النووية: تشكل تهديدًا وجوديًا للبشرية، ويمكن أن تؤدي إلى دمار شامل وتلوث بيئي طويل الأجل.
- الدعوة إلى نزع السلاح النووي: موقف يدعو إلى التخلص الكامل من الأسلحة النووية في جميع أنحاء العالم.
- السلام والأمن العالميين: هدف يسعى إلى تحقيق عالم خالٍ من الحرب والعنف، حيث يتم حل النزاعات الدولية بالوسائل السلمية.
جوائزه وتكريمه
تقديراً لإسهاماته العلمية والتقنية، حصل باس بيز على العديد من الجوائز والتكريمات، بما في ذلك:
- زمالة الجمعية الملكية (FRS)
- جائزة غوثري من معهد الفيزياء
حياته الشخصية
تزوج باس بيز من أوليف ميكليم في عام 1947 وأنجبا أربعة أطفال. كان لديه اهتمامات واسعة تتراوح من الموسيقى الكلاسيكية إلى المشي لمسافات طويلة. كان معروفًا بذكائه الحاد وروحه المرحة وتفانيه في القضايا التي يؤمن بها.
وفاته وإرثه
توفي باس بيز في 17 أكتوبر 2004 عن عمر يناهز 81 عامًا. ترك وراءه إرثًا كبيرًا في مجال الفيزياء، وفي مجال السلام والأمن العالميين. سيظل بيز في الذاكرة باعتباره عالمًا لامعًا ومدافعًا قويًا عن عالم خالٍ من الأسلحة النووية.
خاتمة
كان باس بيز شخصية بارزة في مجال الفيزياء، حيث قدم مساهمات كبيرة في أبحاث الاندماج النووي وفيزياء البلازما. بالإضافة إلى ذلك، كان مدافعًا قويًا عن السلام والأمن العالميين، وعارض بشدة الأسلحة النووية. سيظل إرثه يلهم الأجيال القادمة من العلماء وصناع السياسات.