حياته المبكرة وتعليمه
ولد جويل ماندلستام في جنوب أفريقيا عام 1919. تلقى تعليمه المبكر في جنوب أفريقيا قبل أن ينتقل إلى إنجلترا لمتابعة تعليمه العالي. حصل على درجة البكالوريوس في الكيمياء من جامعة ويتواترسراند في جوهانسبرغ، ثم حصل على درجة الدكتوراه في علم الأحياء الدقيقة من جامعة أكسفورد تحت إشراف السير سيريل نورمان هينشلوود، وهو عالم كيمياء فيزيائية وبيولوجيا بارز.
مسيرته الأكاديمية
بعد حصوله على الدكتوراه، أمضى ماندلستام معظم حياته المهنية في جامعة أكسفورد. بدأ كمحاضر، ثم ترقى ليصبح قارئًا وأخيرًا أستاذًا في علم الأحياء الدقيقة. كان رئيسًا لقسم الكيمياء الحيوية في الجامعة. كان له تأثير كبير على العديد من الطلاب والباحثين الذين عملوا معه، وأشرف على العديد من طلاب الدكتوراه الذين أصبحوا قادة في مجال علم الأحياء الدقيقة.
أبحاثه وإسهاماته العلمية
تركزت أبحاث ماندلستام على فهم التنظيم الأيضي في البكتيريا، وخاصةً آليات التحكم في تخليق الإنزيمات. كان من أوائل الباحثين الذين أظهروا أن البكتيريا يمكنها التكيف مع التغيرات في البيئة من خلال تنظيم التعبير الجيني. كان له دور فعال في تطوير مفهوم “التنظيم الأيضي” وكيف تكيّف الكائنات الحية الدقيقة عملياتها الخلوية استجابةً لظروف النمو المتغيرة.
تشمل بعض المساهمات الرئيسية لماندلستام:
- دراسة تخليق الإنزيمات التكيفي: أوضح ماندلستام كيف يمكن للبكتيريا أن تنتج إنزيمات محددة فقط عند وجود الركيزة المناسبة. أظهر أن هذا التكيف يتم من خلال تنظيم التعبير الجيني.
- تحديد مسارات التمثيل الغذائي الجديدة: اكتشف ماندلستام مسارات جديدة للتمثيل الغذائي في البكتيريا، مما ساهم في فهم أعمق لقدرات البكتيريا الأيضية المتنوعة.
- دراسة دور الـmRNA في تخليق البروتين: كان ماندلستام من أوائل الباحثين الذين درسوا دور الـmRNA (الحمض النووي الريبوزي الرسول) في تخليق البروتين في البكتيريا.
- التحقيق في تنظيم دورة حمض الستريك: قدم ماندلستام رؤى مهمة حول كيفية تنظيم دورة حمض الستريك، وهي مسار أيضي مركزي في البكتيريا.
- تطوير تقنيات جديدة لدراسة علم الأحياء الدقيقة: قام ماندلستام بتطوير تقنيات جديدة لدراسة علم الأحياء الدقيقة، بما في ذلك طرق لزراعة البكتيريا ودراسة نشاط الإنزيمات.
نشر ماندلستام أكثر من 100 ورقة بحثية في مجلات علمية رائدة. كان كتابه “نمو الكائنات الحية الدقيقة” (Growth of the bacterial cell)، الذي شارك في تأليفه مع جون داوسون، نصًا أساسيًا لطلاب علم الأحياء الدقيقة لسنوات عديدة. يعتبر هذا الكتاب مرجعًا شاملاً لنمو البكتيريا والفسيولوجيا.
التكريمات والجوائز
تم تكريم ماندلستام لعمله الرائد في علم الأحياء الدقيقة بالعديد من الجوائز والأوسمة. حصل على زمالة الجمعية الملكية (FRS) في عام 1971، وهي واحدة من أرفع الجوائز التي يمكن أن يحصل عليها عالم بريطاني. كما حصل على ميدالية ليوفينهوك من الجمعية الملكية الهولندية للعلوم والفنون، وهي جائزة مرموقة في مجال علم الأحياء الدقيقة. كان عضوًا في العديد من الجمعيات العلمية المرموقة، بما في ذلك جمعية علم الأحياء الدقيقة العامة وجمعية الكيمياء الحيوية.
تأثيره على علم الأحياء الدقيقة
كان لماندلستام تأثير عميق على مجال علم الأحياء الدقيقة. ساهم عمله في فهمنا لعمليات التكيف الميكروبي وتنظيم التمثيل الغذائي وتخليق البروتين. ألهم العديد من الطلاب والباحثين لمتابعة وظائف في علم الأحياء الدقيقة، ولا يزال عمله ذا صلة اليوم. إن إرثه كعالم رائد ومعلم متميز سيستمر في إلهام الأجيال القادمة من علماء الأحياء الدقيقة.
حياته الشخصية
كان ماندلستام شخصًا متواضعًا ومتفانيًا في عمله. كان يتمتع بشخصية لطيفة ومرحة، وكان محبوبًا من قبل زملائه وطلابه. كان لديه اهتمام كبير بالموسيقى والفن والأدب. كان متزوجًا ولديه أطفال.
وفاته
توفي جويل ماندلستام في 20 ديسمبر 2008 عن عمر يناهز 89 عامًا. ترك وراءه إرثًا علميًا كبيرًا، وستظل مساهماته في علم الأحياء الدقيقة موضع تقدير لسنوات عديدة قادمة.
خاتمة
كان جويل ماندلستام عالم أحياء دقيقة بريطانيًا بارزًا، وأستاذًا في جامعة أكسفورد. اشتهر بأبحاثه الرائدة في مجال التنظيم الأيضي ونمو البكتيريا، وله مساهمات كبيرة في فهمنا لعمليات التكيف الميكروبي. كان له تأثير عميق على مجال علم الأحياء الدقيقة، وألهم العديد من الطلاب والباحثين. سيبقى إرثه العلمي مصدر إلهام للأجيال القادمة.