مقدمة
الإسكندر يانايوس (باليونانية: Ἀλέξανδρος Ἰανναῖος؛ بالعبرية: יהונתן ינאי) هو ثاني ملوك السلالة الحشمونية، حكم مملكة متنامية امتدت على معظم أراضي إسرائيل الحديثة تقريبًا. حكم من 103 قبل الميلاد حتى 76 قبل الميلاد، وتميز عهده بالتوسع العسكري والصراعات الداخلية العنيفة بين الفريسيين والصدوقيين.
الخلفية التاريخية
صعد الإسكندر يانايوس إلى السلطة بعد وفاة أخيه أرسطوبولس الأول. كان أرسطوبولس قد سجن والدته وإخوته، ثم أمر بقتل أخيه أنتيباجونوس. بعد وفاة أرسطوبولس، أطلقت أرملته، سالومي ألكسندرا، سراح الإسكندر وإخوته، وتزوجت من الإسكندر، الذي أصبح الملك التالي.
التوسع العسكري
تميز عهد الإسكندر يانايوس بالتوسع العسكري المستمر. قاد جيشه في العديد من الحملات الناجحة، واستولى على مناطق واسعة من الأراضي المحيطة باليهودية. شملت فتوحاته:
- احتلال السامرة: بعد حصار طويل، استولى يانايوس على السامرة ودمرها.
- السيطرة على منطقة الجليل: قام بتوسيع سيطرته على منطقة الجليل، مما أدى إلى زيادة عدد السكان اليهود في المنطقة.
- التوسع في شرق الأردن: قام بغزو أجزاء من شرق الأردن، بما في ذلك مناطق في جرش.
- السيطرة على المدن الساحلية: استولى على العديد من المدن الساحلية، بما في ذلك يافا وعكا.
هذه الفتوحات وسعت بشكل كبير أراضي المملكة الحشمونية وجعلت يانايوس حاكمًا قويًا ومؤثرًا في المنطقة.
الصراعات الداخلية
على الرغم من نجاحه العسكري، واجه الإسكندر يانايوس معارضة داخلية كبيرة من الفريسيين. كان الفريسيون حركة دينية وسياسية مؤثرة دعت إلى تفسير أكثر ليونة للشريعة اليهودية. اختلفوا مع يانايوس حول مجموعة متنوعة من القضايا، بما في ذلك دور الملك في الشؤون الدينية.
تفاقمت هذه الصراعات بسبب عدة عوامل:
- الخلافات الدينية: اختلف يانايوس والفريسيون حول تفسير الشريعة اليهودية وتطبيقها.
- السلطة السياسية: سعى الفريسيون إلى الحصول على المزيد من السلطة السياسية، وهو ما عارضه يانايوس.
- العلاقات مع العالم الهيلينستي: كان يانايوس أكثر انفتاحًا على الثقافة الهيلينستية من الفريسيين، الذين فضلوا الحفاظ على التقاليد اليهودية.
وصلت هذه الصراعات إلى ذروتها في تمرد مفتوح، حيث قام الفريسيون بالتحريض على ثورة ضد يانايوس. استمر التمرد لعدة سنوات وتسبب في خسائر فادحة في الأرواح.
حادثة المذبح
إحدى أبرز الحوادث التي فاقمت الصراع بين يانايوس والفريسيين هي حادثة المذبح. بينما كان يانايوس يؤدي طقوسًا دينية في الهيكل، قام بعض الفريسيين بإلقاء الأترج عليه تعبيراً عن استيائهم من أسلوب أدائه للطقوس. رد يانايوس بغضب وأمر بقتل العديد من المتظاهرين.
هذه الحادثة زادت من حدة التوتر بين الجانبين وأدت إلى تفاقم الصراع الداخلي.
الحرب الأهلية
تحول الصراع بين يانايوس والفريسيين إلى حرب أهلية دامية استمرت لست سنوات. لقي ما يقرب من 50,000 يهودي مصرعهم في هذه الحرب. في نهاية المطاف، تمكن يانايوس من قمع التمرد، لكنه فعل ذلك بتكلفة باهظة.
بعد قمع التمرد، انتقم يانايوس بوحشية من أعدائه، وصلب المئات من الفريسيين. هذه الأعمال الوحشية زادت من كراهية الفريسيين له، لكنها أيضًا أثارت الخوف في قلوبهم.
التحالف مع السلالة السلوقية
خلال فترة حكمه، سعى الإسكندر يانايوس إلى تعزيز موقفه من خلال التحالف مع السلالة السلوقية، التي كانت لا تزال قوة إقليمية مهمة على الرغم من تراجعها. ساعد هذا التحالف يانايوس في الحفاظ على استقراره العسكري والسياسي في مواجهة التهديدات الداخلية والخارجية.
الخلافة
قبل وفاته، أدرك الإسكندر يانايوس أن استمرار الصراع بين الفريسيين والصدوقيين سيؤدي إلى تدمير المملكة. نصح زوجته سالومي ألكسندرا، التي خلفت الحكم بعد وفاته، بالعمل على تحقيق المصالحة مع الفريسيين. اتبعت سالومي ألكسندرا نصيحته، وعينت الفريسيين في مناصب مهمة في الحكومة. أدى ذلك إلى فترة من السلام والاستقرار النسبيين في اليهودية.
تراثه
يعتبر الإسكندر يانايوس شخصية مثيرة للجدل في التاريخ اليهودي. يرى البعض أنه ملك قوي وموسع للأراضي، بينما يرى آخرون أنه طاغية قاسي وقاتل. لا شك أن عهده كان فترة من التوسع العسكري والصراعات الداخلية العنيفة. تركت أفعاله تأثيرًا دائمًا على المجتمع اليهودي.
- التوسع الإقليمي: قام بتوسيع أراضي المملكة الحشمونية إلى أقصى حد لها.
- الصراعات الدينية: فاقم الصراعات بين الفريسيين والصدوقيين.
- التأثير على الخلافة: نصح زوجته بتحقيق المصالحة مع الفريسيين، مما أدى إلى فترة من السلام.
خاتمة
كان الإسكندر يانايوس ملكًا حشمونيًا قويًا ومثيرًا للجدل. تميز عهده بالتوسع العسكري والصراعات الداخلية العنيفة. على الرغم من نجاحه في توسيع أراضي المملكة، إلا أنه ترك وراءه إرثًا من الانقسام والصراع. نصيحته لزوجته بتحقيق المصالحة مع الفريسيين أدت إلى فترة قصيرة من السلام والاستقرار، لكنها لم تحل المشاكل الأساسية التي ابتليت بها المملكة.