مقدمة
جمعية الثالوث القدوس (Societas Trinitatis Sanctae أو STS) هي جماعة دينية لاهوتية لوثرية إنجيلية-كاثوليكية، تهدف إلى تعزيز الوحدة المسيحية وخدمة الكنيسة من خلال التعليم والبحث والنشر. تأسست الجمعية في عام 1997 على يد مجموعة من اللاهوتيين والقساوسة الذين شعروا بالحاجة إلى حوار أعمق بين التقاليد المسيحية المختلفة، مع التركيز بشكل خاص على التراث اللوثري الغني.
التأسيس والأهداف
تأسست جمعية الثالوث القدوس في مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا في الولايات المتحدة الأمريكية. كان المؤسسون الأوائل مدفوعين برؤية مسكونية تهدف إلى تجاوز الانقسامات التاريخية بين الكنائس المسيحية. سعوا إلى إيجاد مساحة للحوار اللاهوتي الجاد والمثمر، مع الالتزام الكامل بالكتاب المقدس وتعاليم الكنيسة الجامعة.
تتلخص الأهداف الرئيسية للجمعية في:
- تعزيز الوحدة المسيحية من خلال الحوار اللاهوتي والتعاون العملي.
- النهوض بالدراسة اللاهوتية والبحث العلمي في التراث المسيحي.
- نشر المعرفة اللاهوتية السليمة من خلال المنشورات والمؤتمرات والندوات.
- خدمة الكنيسة من خلال تقديم المشورة والتدريب للقادة والخدام.
- الشهادة للإنجيل في العالم من خلال العمل الاجتماعي والتبشير.
تؤمن الجمعية بأن الوحدة المسيحية ليست مجرد هدف نبيل، بل هي ضرورة حتمية لشهادة الكنيسة الفعالة في العالم. وتسعى إلى تحقيق هذه الوحدة من خلال التركيز على القواسم المشتركة بين التقاليد المسيحية المختلفة، مع الاعتراف الكامل بالاختلافات القائمة واحترامها.
العقيدة اللاهوتية
تلتزم جمعية الثالوث القدوس بعقيدة الثالوث القدوس، وهي العقيدة الأساسية للإيمان المسيحي التي تؤكد على أن الله واحد في ثلاثة أقانيم: الآب والابن والروح القدس. تؤمن الجمعية بأن هذه العقيدة ليست مجرد صيغة لاهوتية مجردة، بل هي جوهر الإعلان الإلهي عن طبيعة الله وعلاقته بالعالم.
بالإضافة إلى ذلك، تلتزم الجمعية بالتعاليم الأساسية للإصلاح اللوثري، بما في ذلك:
- الكتاب المقدس هو السلطة العليا في الأمور الإيمانية. تؤمن الجمعية بأن الكتاب المقدس هو كلمة الله الموحى بها، وهو المعيار الوحيد الذي يجب أن تخضع له جميع التعاليم والممارسات الكنسية.
- التبرير بالإيمان وحده. تؤمن الجمعية بأن الإنسان يتبرر أمام الله بالإيمان بيسوع المسيح وحده، وليس بأعماله الصالحة.
- النعمة وحدها. تؤمن الجمعية بأن الخلاص هو عطية مجانية من الله، ولا يمكن للإنسان أن يستحقه بأي شكل من الأشكال.
- المسيح وحده. تؤمن الجمعية بأن يسوع المسيح هو الوسيط الوحيد بين الله والإنسان، ولا يوجد خلاص إلا به.
ومع ذلك، تسعى الجمعية أيضًا إلى التفاعل النقدي مع التراث اللاهوتي المسيحي بأكمله، بما في ذلك التقاليد الكاثوليكية والأرثوذكسية. تؤمن الجمعية بأن الحوار المسكوني يجب أن يكون مبنيًا على أساس من الفهم العميق للاهوت كل تقليد، مع الاعتراف بنقاط القوة والضعف في كل منها.
الأنشطة والبرامج
تنظم جمعية الثالوث القدوس مجموعة متنوعة من الأنشطة والبرامج التي تهدف إلى تحقيق أهدافها، بما في ذلك:
- المؤتمرات والندوات اللاهوتية. تعقد الجمعية مؤتمرات وندوات سنوية تجمع بين اللاهوتيين والقساوسة والباحثين من مختلف التقاليد المسيحية لمناقشة القضايا اللاهوتية الهامة.
- المنشورات. تنشر الجمعية سلسلة من الكتب والمقالات والمجلات التي تتناول مجموعة واسعة من الموضوعات اللاهوتية.
- برامج التدريب والتعليم. تقدم الجمعية برامج تدريب وتعليم للقادة والخدام في الكنيسة، بهدف تزويدهم بالمعرفة والمهارات اللازمة للخدمة الفعالة.
- المواقع الإلكترونية والموارد عبر الإنترنت. تحتفظ الجمعية بموقع إلكتروني يوفر الوصول إلى مجموعة كبيرة من الموارد اللاهوتية، بما في ذلك المقالات والمحاضرات والكتب.
- التعاون مع المؤسسات الأخرى. تتعاون الجمعية مع عدد من المؤسسات اللاهوتية والكنائس الأخرى في تنفيذ مشاريع مشتركة.
تسعى الجمعية إلى أن تكون في خدمة الكنيسة الجامعة، وأن تقدم مساهمة قيمة في الحوار المسكوني والبحث اللاهوتي.
الهيكل التنظيمي
تتكون جمعية الثالوث القدوس من مجموعة من الأعضاء المنتسبين، بالإضافة إلى مجلس إدارة يشرف على إدارة الجمعية وتوجيه أنشطتها. يتم انتخاب أعضاء مجلس الإدارة من قبل الأعضاء المنتسبين، ويتألف المجلس من لاهوتيين وقساوسة وباحثين من مختلف التقاليد المسيحية.
تعتمد الجمعية على التبرعات والهبات من الأفراد والمؤسسات لدعم أنشطتها وبرامجها. تخضع الجمعية لرقابة مالية دقيقة، وتلتزم بأعلى معايير الشفافية والمساءلة.
الشراكات المسكونية
تؤمن جمعية الثالوث القدوس بأهمية الشراكات المسكونية وتسعى جاهدة لتعزيز العلاقات مع الكنائس والمؤسسات المسيحية الأخرى. تشارك الجمعية في حوارات مع ممثلي مختلف التقاليد المسيحية، بما في ذلك الكاثوليك والأرثوذكس والإنجيليين، بهدف بناء الثقة والتفاهم المتبادل.
تتعاون الجمعية أيضًا مع عدد من المنظمات المسكونية في تنفيذ مشاريع مشتركة، مثل المؤتمرات والندوات وورش العمل. تهدف هذه الشراكات إلى تعزيز الوحدة المسيحية والشهادة المشتركة للإنجيل في العالم.
التحديات والمستقبل
تواجه جمعية الثالوث القدوس عددًا من التحديات، بما في ذلك:
- تزايد الاستقطاب اللاهوتي في الكنيسة. يشهد العالم المسيحي تزايدًا في الاستقطاب اللاهوتي، مما يجعل الحوار المسكوني أكثر صعوبة.
- نقص الموارد المالية. تعتمد الجمعية على التبرعات والهبات لدعم أنشطتها، وقد يكون من الصعب الحصول على التمويل الكافي في بعض الأحيان.
- الحاجة إلى الوصول إلى جمهور أوسع. تسعى الجمعية إلى توسيع نطاق تأثيرها والوصول إلى جمهور أوسع من اللاهوتيين والقساوسة والباحثين.
ومع ذلك، فإن الجمعية متفائلة بشأن المستقبل، وتؤمن بأنها يمكن أن تلعب دورًا هامًا في تعزيز الوحدة المسيحية وخدمة الكنيسة. تسعى الجمعية إلى مواجهة التحديات من خلال:
- تطوير استراتيجيات جديدة للحوار المسكوني. تبحث الجمعية عن طرق جديدة ومبتكرة للحوار مع المسيحيين من مختلف التقاليد.
- تنويع مصادر التمويل. تسعى الجمعية إلى تنويع مصادر التمويل من خلال البحث عن منح وهبات من المؤسسات والأفراد.
- استخدام التكنولوجيا للوصول إلى جمهور أوسع. تستخدم الجمعية الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي للوصول إلى جمهور أوسع من اللاهوتيين والقساوسة والباحثين.
خاتمة
جمعية الثالوث القدوس هي منظمة ملتزمة بتعزيز الوحدة المسيحية من خلال الحوار اللاهوتي والتعاون العملي. تهدف الجمعية إلى خدمة الكنيسة من خلال التعليم والبحث والنشر، وتسعى إلى أن تكون في خدمة الكنيسة الجامعة. على الرغم من التحديات، تظل الجمعية متفائلة بشأن المستقبل وتؤمن بقدرتها على لعب دور هام في تعزيز الوحدة المسيحية والشهادة للإنجيل في العالم.