نشأته وتعليمه
ولد هاري ماسي في ملبورن، أستراليا، وتلقى تعليمه في مدرسة ملبورن الثانوية وجامعة ملبورن. أظهر منذ صغره موهبة استثنائية في الرياضيات والعلوم. حصل على درجة البكالوريوس في العلوم من جامعة ملبورن عام 1929، ثم حصل على درجة الماجستير في العلوم عام 1930. بعد ذلك، حصل على منحة لدراسة الدكتوراه في جامعة كامبريدج تحت إشراف رالف فاولر، وهو عالم فيزياء نظرية بارز.
في كامبريدج، ركز ماسي على دراسة نظرية الكم وتطبيقاتها على التصادمات الذرية. حصل على درجة الدكتوراه عام 1933، وكانت أطروحته حول تشتت الجسيمات الذرية. خلال فترة وجوده في كامبريدج، عمل أيضًا مع علماء بارزين آخرين، بما في ذلك بول ديراك وهومي بهابها، مما ساهم في تطوير فهمه العميق للفيزياء النظرية.
مسيرته المهنية
بعد حصوله على درجة الدكتوراه، عاد ماسي إلى أستراليا وعمل محاضرًا في الفيزياء في جامعة ملبورن. خلال هذه الفترة، بدأ في بناء سمعة لنفسه كباحث متميز ومدرس ملهم. في عام 1938، انتقل إلى جامعة لندن، حيث شغل منصب محاضر أول في الرياضيات التطبيقية. سرعان ما تمت ترقيته إلى قارئ، ثم إلى أستاذ في الفيزياء الرياضية عام 1946.
خلال الحرب العالمية الثانية، لعب ماسي دورًا حاسمًا في تطوير الرادار في المملكة المتحدة. عمل في مؤسسة أبحاث الاتصالات (TRE)، حيث قاد فريقًا من العلماء والمهندسين الذين عملوا على تحسين أداء الرادار واستخدامه في الدفاع الجوي. ساهم عمله في TRE بشكل كبير في جهود الحلفاء الحربية، وحصل على وسام الإمبراطورية البريطانية (OBE) تقديرًا لخدماته.
بعد الحرب، عاد ماسي إلى جامعة لندن وواصل أبحاثه في مجال الفيزياء الذرية وفيزياء الغلاف الجوي. أسس مجموعة بحثية قوية في كلية لندن الجامعية (UCL)، والتي أصبحت واحدة من المراكز الرائدة في العالم لدراسة التصادمات الذرية وفيزياء الفضاء. أشرف على عدد كبير من طلاب الدكتوراه الذين أصبحوا فيما بعد قادة في مجالاتهم الخاصة.
في عام 1950، تم انتخاب ماسي زميلًا في الجمعية الملكية، وهو أعلى تكريم يمكن أن يحصل عليه عالم بريطاني. شغل أيضًا العديد من المناصب الإدارية المرموقة، بما في ذلك رئيس قسم الفيزياء والفلك في UCL من عام 1950 إلى عام 1973. كان له دور فعال في تطوير السياسة العلمية في المملكة المتحدة، وعمل في العديد من اللجان والمجالس الحكومية.
إسهاماته العلمية
قدم ماسي مساهمات كبيرة في فهمنا للتصادمات الذرية وفيزياء الغلاف الجوي. تشمل بعض أبرز إنجازاته:
- نظرية التصادمات الذرية: طور ماسي نظرية شاملة للتصادمات الذرية، والتي أصبحت أساسًا للعديد من التطبيقات في الفيزياء والكيمياء. ساهمت أعماله في فهم العمليات التي تحدث عندما تصطدم الذرات والجزيئات ببعضها البعض، وكيف تؤثر هذه التصادمات على الخصائص الفيزيائية والكيميائية للمواد.
- فيزياء الأيونوسفير: أجرى ماسي أبحاثًا رائدة في مجال فيزياء الأيونوسفير، وهي المنطقة المتأينة من الغلاف الجوي العلوي. ساهمت أعماله في فهم العمليات التي تتحكم في تكوين الأيونوسفير، وكيف تؤثر هذه العمليات على انتشار الموجات الراديوية.
- الفيزياء الفضائية: كان ماسي من أوائل العلماء الذين أدركوا أهمية الفيزياء الفضائية، وقدم مساهمات كبيرة في هذا المجال. ساهمت أعماله في فهم التفاعلات بين الرياح الشمسية والغلاف المغناطيسي للأرض، وكيف تؤثر هذه التفاعلات على البيئة الفضائية المحيطة بالأرض.
- تطوير الأدوات العلمية: لعب ماسي دورًا حاسمًا في تطوير الأدوات العلمية المستخدمة في الفيزياء الذرية وفيزياء الفضاء. كان له دور فعال في تصميم وبناء العديد من الأجهزة التي استخدمت في التجارب الأرضية والتجارب المحمولة على متن الصواريخ والأقمار الصناعية.
بالإضافة إلى أبحاثه العلمية، كان ماسي مؤلفًا غزير الإنتاج. كتب العديد من الكتب والمقالات حول مجموعة واسعة من الموضوعات في الفيزياء. تشمل بعض أبرز كتبه:
- Collisions Theory (بالاشتراك مع E.H.S. Burhop)
- Negative Ions
- Atomic and Molecular Collisions
- Space Physics
الجوائز والتكريمات
حصل ماسي على العديد من الجوائز والتكريمات تقديرًا لمساهماته في العلوم. تشمل بعض أبرز الجوائز التي حصل عليها:
- وسام الإمبراطورية البريطانية (OBE)
- زمالة الجمعية الملكية (FRS)
- ميدالية هيوز من الجمعية الملكية
- ميدالية رذرفورد من معهد الفيزياء
- وسام فارس
تأثيره وإرثه
كان لماسي تأثير كبير على تطوير العلوم الفيزيائية في أستراليا والمملكة المتحدة. كان له دور فعال في بناء مجموعة بحثية قوية في كلية لندن الجامعية، والتي أصبحت واحدة من المراكز الرائدة في العالم لدراسة التصادمات الذرية وفيزياء الفضاء. أشرف على عدد كبير من طلاب الدكتوراه الذين أصبحوا فيما بعد قادة في مجالاتهم الخاصة. كان له أيضًا دور فعال في تطوير السياسة العلمية في المملكة المتحدة، وعمل في العديد من اللجان والمجالس الحكومية.
يستمر إرث ماسي في إلهام العلماء والمهندسين في جميع أنحاء العالم. لا تزال أعماله في مجال التصادمات الذرية وفيزياء الغلاف الجوي ذات صلة اليوم، ويستمر الباحثون في البناء على أساسها. يظل اسمه مرتبطًا بالتميز العلمي والقيادة في مجال العلوم الفيزيائية.
إضافة إلى ذلك، كان السير هاري ماسي شخصية مؤثرة في الترويج للتعاون الدولي في مجال العلوم. سافر على نطاق واسع وألقى محاضرات في العديد من البلدان، وعمل على تعزيز التبادل العلمي بين العلماء من مختلف أنحاء العالم. كان يؤمن إيمانًا راسخًا بأهمية التعاون الدولي في معالجة التحديات العالمية، مثل تغير المناخ وتطوير مصادر الطاقة المستدامة.
كان ماسي أيضًا مدافعًا قويًا عن تعليم العلوم والتواصل العلمي. كان يعتقد أن من المهم أن يكون الجمهور على دراية بأحدث التطورات في العلوم، وأن يكون قادرًا على فهم القضايا العلمية التي تؤثر على حياتهم. كتب العديد من المقالات الشعبية حول العلوم، وألقى العديد من المحاضرات العامة، وعمل على تعزيز تعليم العلوم في المدارس والجامعات.
كما كان يتمتع بشخصية جذابة ومحبوبة، وكان معروفًا بحس الفكاهة لديه. كان يحظى بتقدير كبير من قبل زملائه وطلابه، وكان له تأثير إيجابي على حياة العديد من الأشخاص. كان مثالاً يحتذى به للعلماء الشباب، وألهمهم لمتابعة شغفهم بالعلوم.
بشكل عام، كان السير هاري ماسي عالمًا بارزًا وقائدًا مؤثرًا في مجال العلوم الفيزيائية. قدم مساهمات كبيرة في فهمنا للكون، وكان له تأثير كبير على تطوير العلوم في أستراليا والمملكة المتحدة. سيظل إرثه مصدر إلهام للأجيال القادمة من العلماء والمهندسين.
خاتمة
كان السير هاري ستيوارت ويلسون ماسي عالم فيزياء رياضية أستراليًا بارزًا، قدم مساهمات جوهرية في مجالات الفيزياء الذرية، وفيزياء الغلاف الجوي، والفيزياء الفضائية. ترك إرثًا دائمًا من خلال أبحاثه الرائدة، وقيادته الفعالة، وتفانيه في تعليم العلوم والتواصل العلمي. كان له تأثير عميق على تطوير العلوم في أستراليا والمملكة المتحدة، وسيظل اسمه مرتبطًا بالتميز العلمي والإلهام.