نشأته وتعليمه
ولد هانس ليو كورنبرغ في 14 يناير 1928 في مدينة باد ليبن في ألمانيا. في عام 1939، هاجرت عائلته إلى إنجلترا هربًا من الاضطهاد النازي. تلقى كورنبرغ تعليمه في مدرسة كوين إليزابيث في بارنت، ثم التحق بجامعة شيفيلد لدراسة الكيمياء الحيوية. حصل على درجة البكالوريوس في عام 1949 والدكتوراه في عام 1953 تحت إشراف البروفيسور هانز كريبس، الحائز على جائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء أو الطب. كانت فترة عمله مع كريبس حاسمة في تشكيل اهتماماته البحثية ومهاراته التجريبية.
مسيرته المهنية
بعد حصوله على الدكتوراه، أمضى كورنبرغ فترة ما بعد الدكتوراه في جامعة ييل في الولايات المتحدة قبل أن يعود إلى إنجلترا في عام 1955. انضم إلى مجلس البحوث الطبية في جامعة أكسفورد، حيث عمل مع كريبس مرة أخرى. في عام 1960، تم تعيينه أستاذًا للكيمياء الحيوية في جامعة ليستر، وفي عام 1975، أصبح أستاذ السير ويليام دن للكيمياء الحيوية في جامعة كامبريدج ورئيسًا لكلية المسيح. شغل هذا المنصب حتى تقاعده في عام 1995.
خلال مسيرته المهنية الطويلة والمثمرة، أشرف كورنبرغ على العديد من طلاب الدكتوراه والباحثين ما بعد الدكتوراه الذين أصبحوا قادة بارزين في مجال الكيمياء الحيوية. كان له تأثير كبير على الجيل القادم من العلماء.
اكتشاف دورة الجليوكسيلات
يُعد اكتشاف دورة الجليوكسيلات أبرز إنجازات هانس كورنبرغ. خلال بحثه في جامعة أكسفورد، عمل كورنبرغ مع زميله هيلموت كريمرز على دراسة كيفية تمثيل الكائنات الحية الدقيقة لمركبات ثنائية الكربون مثل الأسيتات. اكتشفوا مسارًا أيضيًا جديدًا يسمح للكائنات الحية باستخدام هذه المركبات كمصدر للطاقة والكربون عندما تكون مصادر الكربوهيدرات محدودة.
تتضمن دورة الجليوكسيلات سلسلة من التفاعلات الأنزيمية التي تحول الأسيتيل CoA إلى succinate و malate، وهما مركبان يمكن استخدامهما في مسارات التمثيل الغذائي الأخرى. تتجاوز هذه الدورة خطوات معينة في دورة حمض الستريك (دورة كريبس) لتجنب فقدان ذرات الكربون في شكل ثاني أكسيد الكربون. هذه الكفاءة تجعلها حيوية للكائنات الحية مثل البكتيريا والفطريات والنباتات التي تنمو على مركبات ثنائية الكربون.
أحدث اكتشاف دورة الجليوكسيلات ثورة في فهمنا لعمليات التمثيل الغذائي وأظهر المرونة المذهلة للكائنات الحية في التكيف مع الظروف البيئية المختلفة. كما فتحت آفاقًا جديدة للبحث في مجال التكنولوجيا الحيوية وتطبيقاتها المحتملة.
مساهمات أخرى في الكيمياء الحيوية
بالإضافة إلى اكتشافه لدورة الجليوكسيلات، قدم كورنبرغ مساهمات كبيرة أخرى في مجال الكيمياء الحيوية، بما في ذلك:
- دراسة نقل السكر في البكتيريا: بحث كورنبرغ في الآليات التي تنقل بها البكتيريا السكريات عبر أغشيتها الخلوية. اكتشف نظام نقل الفسفوإينول بيروفات (PTS)، وهو نظام فريد من نوعه يستخدم الفسفوإينول بيروفات (PEP) كمصدر للطاقة لنقل السكريات وفسفرتها في وقت واحد.
- التحكم الأيضي: درس كورنبرغ آليات التحكم الأيضي التي تنظم تدفق المواد عبر المسارات الأيضية. أوضح كيف تستجيب الإنزيمات للتغيرات في تركيزات الركائز والمنتجات، وكيف يتم تنظيم المسارات الأيضية لتلبية احتياجات الخلية.
- تطور المسارات الأيضية: اهتم كورنبرغ بتطور المسارات الأيضية وكيف نشأت مسارات جديدة بمرور الوقت. اقترح أن المسارات الأيضية قد تطورت من خلال تكرار الإنزيمات الموجودة وتعديلها.
الجوائز والتكريمات
تقديراً لمساهماته المتميزة في الكيمياء الحيوية، حصل كورنبرغ على العديد من الجوائز والتكريمات المرموقة، بما في ذلك:
- انتخابه زميلاً في الجمعية الملكية (FRS) في عام 1965.
- ميدالية كريبس من اتحاد الجمعيات الأوروبية للكيمياء الحيوية في عام 1981.
- وسام السير هانس كريبس من جمعية الكيمياء الحيوية في عام 1997.
- حصل على لقب فارس في عام 1978 لخدماته في مجال الكيمياء الحيوية.
حياته الشخصية
تزوج هانس كورنبرغ من مونيكا جوبيرت في عام 1950. أنجب الزوجان ثلاثة أطفال. كان كورنبرغ شغوفًا بالموسيقى وكان عازف بيانو ماهرًا. كما كان مهتمًا بالتاريخ والفنون.
وفاته وإرثه
توفي السير هانس كورنبرغ في 16 ديسمبر 2019 عن عمر يناهز 91 عامًا. ترك وراءه إرثًا دائمًا كواحد من أبرز علماء الكيمياء الحيوية في القرن العشرين. سيتم تذكره لمساهماته الرائدة في فهمنا لعمليات التمثيل الغذائي ودوره في تدريب وإلهام جيل جديد من العلماء.
خاتمة
كان هانس كورنبرغ عالم كيمياء حيوية لامعًا ترك بصمة لا تُمحى على هذا المجال. اكتشافه لدورة الجليوكسيلات، بالإضافة إلى مساهماته الأخرى في دراسة نقل السكر والتحكم الأيضي وتطور المسارات الأيضية، قد غيرت فهمنا لعمليات الحياة الأساسية. كان كورنبرغ أيضًا معلمًا وقائدًا مؤثرًا ألهم العديد من العلماء الشباب لمتابعة وظائف في الكيمياء الحيوية. سيظل إرثه يلهم الأجيال القادمة من العلماء.