<![CDATA[
التاريخ والتأسيس
تعود جذور الكتيبة 105 مشاة إلى فوج مدراس الأوروبي الثاني، الذي تم تشكيله في عام 1839 كجزء من جيش شركة الهند الشرقية. كانت الشركة بحاجة إلى المزيد من القوات الأوروبية لتعزيز سيطرتها على الهند، ولهذا تم تجنيد رجال من بريطانيا وأيرلندا وأوروبا القارية للخدمة في هذه الأفواج. كان فوج مدراس الأوروبي الثاني يتمركز في مناطق مختلفة من الهند، ولعب دورًا في الحفاظ على النظام وقمع الانتفاضات المحلية.
في عام 1862، تم نقل جميع قوات شركة الهند الشرقية إلى الجيش البريطاني بعد تمرد عام 1857. ونتيجة لذلك، تم حل فوج مدراس الأوروبي الثاني، وأعيد تشكيله ككتيبة 105 مشاة (مشاة مدراس الخفيفة). احتفظت الكتيبة الجديدة بالكثير من تقاليد فوجها السابق، واستمرت في الخدمة في الهند.
الخدمة في الهند
قضت الكتيبة 105 مشاة معظم فترة وجودها في الخدمة في الهند. كانت تتمركز في مواقع مختلفة، من بينها مدراس (تشيناي حاليًا)، وبنغالور، وبيشاور (باكستان حاليًا). تضمنت واجبات الكتيبة الحفاظ على النظام، وحراسة الحصون والمخازن، والمشاركة في التدريبات العسكرية. كما شاركت الكتيبة في عدد من الحملات والحروب.
من بين أبرز مشاركات الكتيبة:
- حملة سيتا ناغا (1863): شاركت الكتيبة في هذه الحملة ضد قبائل سيتا ناغا في شمال شرق الهند. كانت الحملة تهدف إلى إخضاع هذه القبائل التي كانت تشن غارات على الأراضي البريطانية.
- الحرب الأفغانية الثانية (1878-1880): أرسلت الكتيبة مفرزة للمشاركة في الحرب الأفغانية الثانية. خدمت المفرزة في أفغانستان، وشاركت في عدد من المعارك.
- حرب بورما الثالثة (1885-1887): شاركت الكتيبة في حرب بورما الثالثة، التي أدت إلى ضم بورما السفلى إلى الإمبراطورية البريطانية.
الزي والشعار
كان للكتيبة 105 مشاة زي مميز. كان الجنود يرتدون سترات حمراء مع بطانة صفراء، وسراويل زرقاء. كان الضباط يرتدون سترات حمراء مع بطانة سوداء، وبنطلونات زرقاء. كان الشعار الرئيسي للكتيبة عبارة عن نمر يقف على قاعدة تحمل اسم “مدراس”.
الاندماج وحل الكتيبة
في عام 1881، تم دمج الكتيبة 105 مشاة مع الكتيبة 51 مشاة (الكتيبة الثانية مشاة كينت الخفيفة) لتشكيل فوج مشاة كينت الخفيفة. تم حل الكتيبة 105 مشاة رسميًا في هذا الاندماج، وتم دمج تاريخها وتقاليدها في الفوج الجديد.
إرث الكتيبة
على الرغم من حل الكتيبة 105 مشاة في عام 1881، إلا أنها تركت إرثًا دائمًا في تاريخ الجيش البريطاني. خدمت الكتيبة بشرف في الهند، وشاركت في عدد من الحملات والحروب. يتذكرها المؤرخون والباحثون العسكريون كجزء مهم من القوات البريطانية التي ساهمت في الحفاظ على النظام وتوسيع الإمبراطورية البريطانية في الهند.
الأفراد البارزون
خدم العديد من الأفراد البارزين في الكتيبة 105 مشاة، من بينهم:
- الفريق أول السير جورج والبول: كان ضابطًا في الكتيبة، وتولى لاحقًا قيادة الجيش الهندي.
- اللواء السير هنري نورمان: كان ضابطًا في الكتيبة، وتولى لاحقًا منصب السكرتير العسكري لمكتب الهند.
التدريب والتكتيكات
خضع جنود الكتيبة 105 مشاة لتدريب مكثف على مجموعة متنوعة من المهارات العسكرية. تعلموا استخدام الأسلحة النارية، والقتال بالسلاح الأبيض، وتنفيذ المناورات التكتيكية. تم تدريبهم أيضًا على تحمل الظروف القاسية في الهند، مثل الحرارة الشديدة والأمراض الاستوائية.
اعتمدت الكتيبة على تكتيكات المشاة الخفيفة، والتي كانت مناسبة بشكل خاص للقتال في التضاريس الوعرة في الهند. تضمنت هذه التكتيكات استخدام المناوشات، والتسلل، والكمائن. كانت الكتيبة معروفة بقدرتها على التحرك بسرعة وبهدوء، ومفاجأة العدو.
العلاقات مع السكان المحليين
كانت علاقات الكتيبة 105 مشاة مع السكان المحليين في الهند معقدة. من ناحية، كانت الكتيبة مسؤولة عن الحفاظ على النظام وقمع الانتفاضات، مما أدى أحيانًا إلى صراعات مع السكان المحليين. من ناحية أخرى، حاولت الكتيبة أيضًا بناء علاقات جيدة مع المجتمعات المحلية من خلال توفير المساعدة الطبية، ودعم المشاريع التعليمية، والمشاركة في الاحتفالات الدينية.
في بعض الأحيان، كان الجنود البريطانيون يتزوجون من نساء هنديات، مما أدى إلى ظهور مجتمعات مختلطة الأعراق. ومع ذلك، كانت هذه العلاقات غالبًا ما تكون غير مستقرة، وتعرضت النساء والأطفال المختلطون للتمييز.
التحديات والصعوبات
واجهت الكتيبة 105 مشاة عددًا من التحديات والصعوبات خلال فترة وجودها. كان المناخ الحار والرطب في الهند يمثل تحديًا كبيرًا للجنود الأوروبيين، الذين لم يكونوا معتادين على هذه الظروف. كانت الأمراض الاستوائية، مثل الملاريا والكوليرا، شائعة أيضًا، وتسببت في العديد من الوفيات.
بالإضافة إلى ذلك، واجهت الكتيبة تحديات سياسية واجتماعية. كان هناك توتر متزايد بين البريطانيين والهنود، وأدى ذلك إلى تمرد عام 1857. كان على الكتيبة أن تلعب دورًا في قمع التمرد، مما أدى إلى مزيد من تدهور العلاقات مع السكان المحليين.
خاتمة
الكتيبة 105 مشاة (مشاة مدراس الخفيفة) كانت كتيبة مشاة تابعة للجيش البريطاني خدمت في الهند من عام 1839 إلى عام 1881. شاركت الكتيبة في عدد من الحملات والحروب، ولعبت دورًا في الحفاظ على النظام وتوسيع الإمبراطورية البريطانية في الهند. على الرغم من حلها في عام 1881، إلا أنها تركت إرثًا دائمًا في تاريخ الجيش البريطاني.