الخلفية الأكاديمية والمسيرة المهنية
حصلت مابيل بيريزين على درجة الدكتوراه في علم الاجتماع من جامعة هارفارد. قبل انضمامها إلى جامعة كورنيل، عملت في هيئة التدريس بجامعة بنسلفانيا. خلال مسيرتها المهنية اللامعة، حازت بيريزين على العديد من الجوائز والتقديرات لعملها المتميز. وقد تلقت زمالات من مؤسسات مرموقة مثل مؤسسة العلوم الوطنية ومؤسسة أندرو دبليو ميلون، مما يؤكد مكانتها كباحثة رائدة في مجالها.
مجالات البحث والاهتمام
تتنوع اهتمامات مابيل بيريزين البحثية، ولكن يمكن تحديد بعض المجالات الرئيسية التي تركز عليها بشكل خاص:
- صعود الفاشية والشعبوية: تستكشف بيريزين الأسباب الاجتماعية والثقافية والسياسية التي أدت إلى صعود الحركات الفاشية والشعبوية في أوروبا، مع التركيز بشكل خاص على إيطاليا وألمانيا. تحلل كيف تستغل هذه الحركات المشاعر الشعبية والاستياء العام لتحقيق مكاسب سياسية.
- الهويات الجماعية: تهتم بيريزين بفهم كيف تتشكل الهويات الجماعية وكيف تؤثر على السلوك الاجتماعي والسياسي. تدرس دور الرموز والطقوس والذاكرة الجماعية في بناء الهويات الوطنية والإثنية والدينية.
- السياسة الثقافية: تبحث بيريزين في العلاقة بين الثقافة والسياسة، وكيف تستخدم الدول والجماعات الثقافة لتعزيز مصالحها. تحلل دور الفن والأدب والإعلام في تشكيل الرأي العام والتأثير على السياسات الحكومية.
- العواطف والسياسة: تدرس بيريزين كيف تؤثر العواطف مثل الخوف والغضب والأمل على السلوك السياسي واتخاذ القرارات. تستكشف كيف يمكن للقادة السياسيين استغلال العواطف للتأثير على الجماهير وحشد الدعم لبرامجهم.
أبرز المؤلفات
ألفت مابيل بيريزين العديد من الكتب والمقالات التي لاقت استحسانًا واسعًا في الأوساط الأكاديمية. من بين أبرز مؤلفاتها:
- Making the Fascist Self: The Political Culture of Interwar Italy: يستكشف هذا الكتاب كيف تم بناء الهوية الفاشية في إيطاليا خلال فترة ما بين الحربين العالميتين. تحلل بيريزين كيف استخدم النظام الفاشي الدعاية والتعليم والطقوس لخلق شعور بالانتماء والولاء بين الإيطاليين.
- Europe Without Borders: Remapping Territory, Citizenship, and Identity in a Transnational Age: يدرس هذا الكتاب كيف أثرت عملية التكامل الأوروبي على الهويات الوطنية والمفاهيم التقليدية للمواطنة. تحلل بيريزين كيف يتفاوض الأوروبيون مع هوياتهم الوطنية في سياق أوروبا الموحدة.
- Illiberal Politics in Neoliberal Times: Europe Between Democracy and Distrust: يجمع هذا الكتاب مقالات متنوعة تتناول صعود السياسات غير الليبرالية في أوروبا في العصر النيوليبرالي. يحلل المؤلفون الأسباب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي أدت إلى تزايد الشعبوية والتطرف اليميني في القارة.
مساهمات نظرية
تتميز أعمال مابيل بيريزين بمساهماتها النظرية الهامة في مجال علم الاجتماع السياسي. من بين أبرز هذه المساهمات:
- التركيز على الثقافة والرمزية: تؤكد بيريزين على أهمية الثقافة والرمزية في فهم الظواهر السياسية. تجادل بأن السياسة ليست مجرد صراع على السلطة والموارد، بل هي أيضًا صراع على المعاني والقيم.
- تحليل دور العواطف: تولي بيريزين اهتمامًا خاصًا بدور العواطف في السياسة. تجادل بأن العواطف ليست مجرد ردود فعل عفوية، بل هي أيضًا بناءات اجتماعية وثقافية يمكن التلاعب بها واستغلالها لأغراض سياسية.
- المنظور المقارن: تستخدم بيريزين منظورًا مقارنًا في أبحاثها، حيث تقارن بين دول ومناطق مختلفة لفهم أوجه التشابه والاختلاف في الظواهر الاجتماعية والسياسية. يساعد هذا المنظور على تحديد العوامل التي تؤدي إلى نتائج مختلفة في سياقات مختلفة.
- الاهتمام بالتاريخ: تولي بيريزين اهتمامًا كبيرًا بالسياق التاريخي للظواهر الاجتماعية والسياسية. تجادل بأن فهم الماضي ضروري لفهم الحاضر والتنبؤ بالمستقبل.
تأثير أعمالها
كان لأعمال مابيل بيريزين تأثير كبير على مجال علم الاجتماع السياسي والدراسات الأوروبية. لقد ألهمت أبحاثها جيلًا من الباحثين لدراسة صعود الفاشية والشعبوية، وأهمية الهويات الجماعية، ودور الثقافة والعواطف في السياسة. تستخدم أعمالها على نطاق واسع في الدورات الدراسية والندوات في جميع أنحاء العالم، وتعتبر مرجعًا أساسيًا للباحثين والطلاب المهتمين بفهم العالم الاجتماعي والسياسي المعاصر.
بالإضافة إلى مساهماتها الأكاديمية، تشارك مابيل بيريزين بنشاط في المناقشات العامة حول القضايا السياسية والاجتماعية الهامة. تكتب بانتظام مقالات رأي في الصحف والمجلات، وتشارك في المؤتمرات والندوات العامة، وتدلي بشهاداتها أمام اللجان الحكومية. تسعى بيريزين إلى استخدام خبرتها ومعرفتها لإعلام الجمهور وصناع القرار حول التحديات التي تواجه المجتمعات الديمقراطية في جميع أنحاء العالم.
تواصل مابيل بيريزين إجراء البحوث والكتابة حول مجموعة واسعة من الموضوعات المتعلقة بالسياسة والمجتمع. وهي حاليًا تعمل على مشروع بحثي جديد يستكشف العلاقة بين التكنولوجيا الرقمية والديمقراطية. تهدف بيريزين إلى فهم كيف تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي على الخطاب السياسي والمشاركة المدنية والاستقرار الديمقراطي.
تحليل كتاب “صناعة الذات الفاشية: الثقافة السياسية لإيطاليا في فترة ما بين الحربين”
يعتبر كتاب “صناعة الذات الفاشية: الثقافة السياسية لإيطاليا في فترة ما بين الحربين” لمابيل بيريزين تحليلاً دقيقًا لكيفية استخدام النظام الفاشي في إيطاليا للثقافة والرمزية لإنشاء هوية جماعية موحدة ودعم حكمه. تجادل بيريزين بأن الفاشية لم تكن مجرد أيديولوجية سياسية أو نظام قمعي، بل كانت أيضًا مشروعًا ثقافيًا يهدف إلى تغيير طريقة تفكير الإيطاليين وشعورهم وتصرفهم.
تستعرض بيريزين في كتابها كيف استخدم النظام الفاشي مجموعة متنوعة من الأدوات الثقافية، بما في ذلك:
- الدعاية: استخدم النظام الفاشي الدعاية على نطاق واسع لنشر أفكاره وقيمه، وتشويه صورة المعارضين. شملت الدعاية الفاشية الملصقات والإعلانات والإذاعة والأفلام.
- التعليم: قام النظام الفاشي بتغيير المناهج الدراسية لتعليم الأطفال والشباب الأيديولوجية الفاشية. تم التركيز على غرس قيم مثل الوطنية والطاعة والانضباط.
- الطقوس: نظم النظام الفاشي العديد من الطقوس والاحتفالات لإظهار قوته ووحدته، وتعزيز الشعور بالانتماء بين الإيطاليين. شملت الطقوس الفاشية المسيرات والتجمعات والعروض العسكرية.
- الرموز: استخدم النظام الفاشي العديد من الرموز لتمثيل أيديولوجيته وقيمه، مثل حزمة فاسس (Fasces) والنسر الروماني. تم استخدام هذه الرموز في كل مكان، من المباني الحكومية إلى الملابس المدرسية.
تجادل بيريزين بأن هذه الأدوات الثقافية ساهمت في خلق “الذات الفاشية”، أي الفرد الذي يتبنى الأيديولوجية الفاشية ويعيش وفقًا لقيمها. لم تكن “الذات الفاشية” مجرد نسخة طبق الأصل من القائد، بل كانت أيضًا فاعلاً نشطًا يشارك في بناء النظام الفاشي والحفاظ عليه.
لقي كتاب “صناعة الذات الفاشية” استحسانًا واسعًا من قبل الباحثين، واعتبر إضافة قيمة إلى فهمنا للفاشية. لقد ألهم الكتاب العديد من الدراسات الأخرى حول دور الثقافة والرمزية في السياسة، وأهمية الهويات الجماعية في تشكيل السلوك الاجتماعي والسياسي.
خاتمة
مابيل بيريزين هي عالمة اجتماع بارزة قدمت مساهمات كبيرة في فهمنا للسياسة والمجتمع. تتميز أعمالها بالتحليل الدقيق والمنظورات النظرية الغنية والاهتمام بالسياق التاريخي. لقد ألهمت أبحاثها جيلًا من الباحثين وساهمت في إثراء النقاش العام حول القضايا السياسية والاجتماعية الهامة.