حياتها المبكرة وهجرتها
ولدت أوتيليا جبوريك في بولندا عام 1876، وهاجرت إلى الولايات المتحدة في أواخر القرن التاسع عشر، واستقرت في شيكاغو، وهي مدينة كانت تستقبل أعدادًا كبيرة من المهاجرين الأوروبيين في ذلك الوقت. تزوجت تيلي عدة مرات، وكان زواجها الأول من جون ميتران في عام 1895، والذي انتهى بالطلاق. ثم تزوجت لاحقًا من فرانك كوبرزيمينسكي. لم تكن تيلي شخصية بارزة في المجتمع في بداية حياتها، ولكنها بدأت تكتسب شهرة بعد سلسلة من الأحداث الغريبة.
بداية الشهرة والسمعة
بدأت تيلي كلييمك تكتسب سمعة في مجتمعها البولندي في شيكاغو بعد أن بدأت “تتنبأ” بوفاة أشخاص تعرفهم. كانت تخبر أفراد عائلتها وأصدقائها بأنهم أو أزواجهم سيموتون قريبًا، وبشكل مدهش، كانت توقعاتها تتحقق. انتشرت هذه الشائعات بسرعة، وأصبح الناس ينظرون إليها بخوف ورهبة. البعض اعتبرها وسيطة روحانية، بينما اعتقد آخرون أنها تحمل لعنة.
لم تكن تيلي تكتفي بالتنبؤ بالموت، بل كانت تقدم أيضًا “نصائح” لأولئك الذين تتنبأ بموتهم الوشيك، غالبًا ما كانت توصي بتناول نوع معين من الطعام أو الشراب، أو الابتعاد عن شخص معين. مع مرور الوقت، أصبح الناس يربطون هذه النصائح بالوفيات التي تحدث، مما زاد من الشكوك حولها.
الشكوك والتحقيقات
بدأت الشكوك تحوم حول تيلي كلييمك بعد وفاة العديد من أزواجها وأقاربها وأصدقائها. كان المحققون يراقبونها عن كثب، لكن لم يكن لديهم أدلة قاطعة لاتهامها بأي جريمة. كان التحدي الأكبر هو إثبات أن الوفيات لم تكن مجرد صدفة، وأن تيلي كانت متورطة بشكل مباشر في هذه الوفيات.
في عام 1921، بدأت الشرطة تحقيقًا رسميًا في وفاة زوجها الثالث، أنتوني كلييمك، بعد أن ظهرت عليه أعراض غريبة قبل وفاته. تم استخراج جثة أنتوني وفحصها، وكشفت التحاليل عن وجود كميات كبيرة من الزرنيخ في جسده. هذا الاكتشاف كان نقطة تحول في القضية، حيث أثبت أن الوفاة لم تكن طبيعية.
المحاكمة والإدانة
بعد اكتشاف الزرنيخ في جثة أنتوني كلييمك، تم القبض على تيلي كلييمك ووجهت إليها تهمة القتل. كانت المحاكمة حدثًا كبيرًا حظي بتغطية إعلامية واسعة. قدم الادعاء أدلة قوية تثبت تورط تيلي في قتل زوجها، بالإضافة إلى شهادات من شهود آخرين أفادوا بأنها كانت تتنبأ بالوفاة قبل وقوعها، وأنها كانت تقدم “نصائح” مشبوهة للضحايا.
خلال المحاكمة، نفت تيلي كلييمك جميع التهم الموجهة إليها، وادعت أنها بريئة وأنها ضحية لظروف قاسية. حاولت تصوير نفسها كامرأة تعاني من سوء الحظ، وأن الوفيات التي حدثت حولها كانت مجرد صدفة. ومع ذلك، لم يقتنع المحلفون بدفاعها.
بعد مداولات استمرت لعدة ساعات، أصدرت هيئة المحلفين حكمها بإدانة تيلي كلييمك بتهمة القتل. تم الحكم عليها بالسجن المؤبد في سجن ولاية إلينوي. كانت هذه نهاية قصة امرأة أثارت الرعب في قلوب الكثيرين، وأصبحت رمزًا للخوف والغموض.
ضحايا تيلي كلييمك
من الصعب تحديد العدد الدقيق لضحايا تيلي كلييمك، حيث أن العديد من الوفيات التي ارتبطت بها حدثت قبل إجراء تحقيقات جنائية دقيقة. ومع ذلك، يُعتقد أنها كانت مسؤولة عن وفاة ما لا يقل عن خمسة أشخاص، بينما يُشتبه في تورطها في وفاة المزيد. من بين الضحايا المعروفين:
- أنتوني كلييمك: زوجها الثالث، والذي تم العثور على الزرنيخ في جسده.
- فرانك كوبرزيمينسكي: زوجها الثاني.
- جون ميتران: زوجها الأول (نجا لكنه مرض بشدة).
- أفراد آخرون من العائلة والأصدقاء الذين توفوا بعد أن تنبأت تيلي بوفاتهم.
أساليبها ودوافعها
كانت تيلي كلييمك تستخدم الزرنيخ كسم لقتل ضحاياها. كان الزرنيخ مادة شائعة في ذلك الوقت، ويمكن الحصول عليه بسهولة من الصيدليات. كانت تيلي تضيف الزرنيخ إلى طعام أو شراب ضحاياها، مما يؤدي إلى ظهور أعراض غريبة تتطور تدريجيًا حتى الموت.
أما بالنسبة لدوافعها، فمن الصعب تحديدها بشكل قاطع. يعتقد البعض أنها كانت تفعل ذلك من أجل الحصول على المال أو الممتلكات، بينما يعتقد آخرون أنها كانت تستمتع بالشعور بالسلطة والسيطرة على حياة الآخرين. ربما كانت هناك مجموعة من العوامل التي دفعتها إلى ارتكاب هذه الجرائم البشعة.
تأثيرها على الثقافة الشعبية
أصبحت قصة تيلي كلييمك جزءًا من الفولكلور الحضري في شيكاغو. غالبًا ما يتم تداول قصصها كتحذير من قوة الشائعات والخرافات، وكيف يمكن للخوف أن يؤثر على سلوك الناس. كما أنها تذكرنا بأهمية التحقيقات الجنائية الدقيقة، وكيف يمكن للأدلة العلمية أن تكشف الحقائق المخفية.
ظهرت شخصية تيلي كلييمك في العديد من الكتب والأفلام والبرامج التلفزيونية التي تتناول موضوع الجريمة الحقيقية. غالبًا ما يتم تصويرها كامرأة غامضة وشريرة، قادرة على التلاعب بالآخرين لتحقيق أهدافها.
دروس مستفادة من قضية تيلي كلييمك
تقدم قضية تيلي كلييمك العديد من الدروس الهامة. أولاً، تذكرنا بأهمية التفكير النقدي وعدم الانسياق وراء الشائعات والخرافات. ثانيًا، تؤكد على أهمية التحقيقات الجنائية الدقيقة، وكيف يمكن للأدلة العلمية أن تكشف الحقائق المخفية. ثالثًا، تسلط الضوء على خطورة استخدام السموم، وكيف يمكن لهذه المواد أن تتسبب في معاناة ووفاة الكثيرين.
باختصار، قصة تيلي كلييمك هي قصة مأساوية لامرأة تحولت إلى قاتلة متسلسلة، وقصة مجتمع خاف من قوة الشائعات والخرافات، وقصة نظام عدالة سعى إلى تحقيق العدالة للضحايا.
خاتمة
تعتبر قضية تيلي كلييمك واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في تاريخ شيكاغو. كانت تيلي شخصية غامضة ومثيرة للجدل، وقد أثارت قصتها الرعب والدهشة في قلوب الكثيرين. على الرغم من مرور سنوات عديدة على وفاتها، إلا أن قصتها لا تزال تتردد في الأذهان، وتذكرنا بأهمية الحذر والتفكير النقدي.