التأسيس والتوجهات
تأسست مجلة “الجماهير” في مدينة نيويورك، وسعت إلى تقديم منظور اشتراكي حول القضايا السياسية والاجتماعية والفنية. كانت المجلة منصة للكتاب والفنانين الاشتراكيين والمفكرين التقدميين، الذين سعوا إلى تغيير المجتمع من خلال الكلمة والصورة. لعبت المجلة دوراً هاماً في تشكيل الرأي العام الأمريكي حول قضايا مثل العدالة الاجتماعية، وحقوق العمال، والمساواة بين الجنسين، ومعارضة الحرب.
تولت “ماكس إيستمان” (Max Eastman) رئاسة تحرير المجلة، وكان له دور كبير في تحديد توجهاتها الفكرية والسياسية. عمل إيستمان على جذب مجموعة متنوعة من الكتاب والفنانين الموهوبين، بمن فيهم “جون ريد” (John Reed)، و“إدوارد دالبرغ” (Edward Dahlberg)، و“إيرفينغ بيكر” (Irving Beker)، و“آرت يونغ” (Art Young)، و“موريس بيكر” (Maurice Becker)، و“روبرت مينور” (Robert Minor)، و“جورج بيلوز” (George Bellows)، و“ستيوارت ديفيس” (Stuart Davis). وقد ساهم هؤلاء الكتاب والفنانون بمقالات وقصص ورسوم كاريكاتورية ولوحات فنية، مما جعل المجلة منبراً حيوياً للتعبير عن الآراء الاشتراكية.
الابتكار الرسومي والتصميم
تميزت مجلة “الجماهير” بابتكاراتها الرسومية وتصميمها الجذاب. استخدمت المجلة أحدث التقنيات الطباعية في ذلك الوقت، وعرضت أعمالاً فنية جريئة ومثيرة للجدل. لعبت الرسوم الكاريكاتورية واللوحات الفنية دوراً هاماً في توصيل رسائل المجلة إلى جمهور أوسع. كانت المجلة سباقة في استخدام الصور والرسوم البيانية لتوضيح القضايا السياسية والاجتماعية، مما جعلها أكثر جاذبية للقراء.
كان “آرت يونغ” (Art Young) من أبرز الفنانين الذين ساهموا في مجلة “الجماهير”. اشتهر يونغ برسوماته الكاريكاتورية الساخرة التي تنتقد الرأسمالية والظلم الاجتماعي. كما ساهم فنانون آخرون مثل “روبرت مينور” (Robert Minor) و“جورج بيلوز” (George Bellows) برسومات ولوحات فنية تعبر عن معاناة العمال والفقراء.
المعارضة للحرب العالمية الأولى
عارضت مجلة “الجماهير” بشدة دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الأولى. نشرت المجلة مقالات ورسوم كاريكاتورية تنتقد الحرب وتدعو إلى السلام. اتهمت المجلة الحكومة الأمريكية بالتورط في الحرب خدمة لمصالح الشركات الكبرى. أثارت هذه المعارضة للحرب غضب الحكومة الفيدرالية، التي قامت بملاحقة المجلة واتهامها بالتحريض على الفتنة.
في عام 1917، قامت الحكومة الفيدرالية بحظر مجلة “الجماهير” بسبب معارضتها للحرب. اتهمت الحكومة المجلة بانتهاك قانون التجسس، الذي تم إقراره لقمع المعارضة للحرب. تم اعتقال رئيس تحرير المجلة “ماكس إيستمان” وعدد من الكتاب والفنانين الذين ساهموا فيها، وتمت محاكمتهم بتهمة التحريض على الفتنة. على الرغم من تبرئة المتهمين في وقت لاحق، إلا أن مجلة “الجماهير” لم تستطع الاستمرار في الصدور.
تأثير المجلة وإرثها
على الرغم من قصر فترة صدورها، إلا أن مجلة “الجماهير” تركت أثراً كبيراً على الثقافة السياسية والفنية في الولايات المتحدة. كانت المجلة منبراً هاماً للأصوات الاشتراكية والتقدمية، وساهمت في تشكيل الرأي العام حول قضايا العدالة الاجتماعية وحقوق العمال ومعارضة الحرب. ألهمت المجلة العديد من الكتاب والفنانين والمفكرين، وساهمت في تعزيز الحركات الاجتماعية والسياسية التي تسعى إلى تغيير المجتمع.
بعد حظر مجلة “الجماهير”، أسس “ماكس إيستمان” مجلة جديدة بعنوان “المحرر” (The Liberator)، والتي استمرت في نشر الآراء الاشتراكية والتقدمية. استمرت مجلة “المحرر” في الصدور حتى عام 1924، وساهمت في الحفاظ على إرث مجلة “الجماهير”.
يمكن تلخيص أهمية مجلة “الجماهير” في النقاط التالية:
- كانت منبراً هاماً للأصوات الاشتراكية والتقدمية.
- ساهمت في تشكيل الرأي العام حول قضايا العدالة الاجتماعية وحقوق العمال ومعارضة الحرب.
- تميزت بابتكاراتها الرسومية وتصميمها الجذاب.
- ألهمت العديد من الكتاب والفنانين والمفكرين.
- ساهمت في تعزيز الحركات الاجتماعية والسياسية التي تسعى إلى تغيير المجتمع.
الكتاب والفنانون البارزون
- ماكس إيستمان (Max Eastman): رئيس تحرير المجلة والمفكر الاشتراكي البارز.
- جون ريد (John Reed): صحفي وكاتب اشتراكي، اشتهر بتغطيته للثورة الروسية.
- إدوارد دالبرغ (Edward Dahlberg): كاتب وروائي أمريكي.
- إيرفينغ بيكر (Irving Beker): فنان ورسام كاريكاتوري.
- آرت يونغ (Art Young): فنان ورسام كاريكاتوري ساخر.
- موريس بيكر (Maurice Becker): فنان ورسام كاريكاتوري.
- روبرت مينور (Robert Minor): فنان ورسام كاريكاتوري.
- جورج بيلوز (George Bellows): رسام واقعي.
- ستيوارت ديفيس (Stuart Davis): رسام حديث.
خاتمة
تُعد “الجماهير” (The Masses) علامة فارقة في تاريخ الصحافة الأمريكية، حيث جمعت بين السياسة الاشتراكية والفن الرائد. على الرغم من قصر عمرها، تركت المجلة بصمة لا تُمحى على الثقافة الأمريكية، وألهمت أجيالًا من الكتاب والفنانين والناشطين الذين سعوا إلى تحقيق مجتمع أكثر عدلاً ومساواة. تظل “الجماهير” مثالاً حياً على قوة الكلمة والصورة في تغيير العالم.