الاكتشاف
تم اكتشاف بقايا فاريرابتور لأول مرة بين عامي 1992 و 1995 في منجم لا باستيد نوفيل بالقرب من مدينة كامباني-سور-أير في مقاطعة فار بجنوب فرنسا. تم العثور على الأحافير في تكوين مارين، وهو جزء من مجموعة إيكس، ويعود تاريخها إلى مرحلة المايستريختي المتأخرة من العصر الطباشيري المتأخر، أي قبل حوالي 70.6 إلى 66 مليون سنة. تم جمع المواد الأحفورية بواسطة فريق بقيادة جان لوك ليكوير، وتم وصفها رسميًا وتسميتها في عام 1998 بواسطة جان لوك ليكوير وأريك بوفيه ورومان فيولاز.
التصنيف والتسمية
الاسم العام “Variraptor” مشتق من اسم مقاطعة فار حيث تم العثور على الأحافير، بالإضافة إلى اللاحقة اللاتينية “raptor” والتي تعني “السارق” أو “الناهب”، وهي شائعة الاستخدام في تسمية ديناصورات الثيروبود. الاسم المحدد “mechinorum” يكرم مكتشفي الأحافير، فيليب وميشيل ميشين.
تم تصنيف فاريرابتور ضمن فصيلة الدروميوصوريات (Dromaeosauridae)، وهي مجموعة من الديناصورات اللاحمة الصغيرة إلى متوسطة الحجم التي تتميز بمخالبها الحادة والمنجلية الشكل على إصبع القدم الثاني. تعتبر الدروميوصوريات جزءًا من مجموعة أكبر تسمى الباراويانز (Paraves)، والتي تشمل أيضًا الطيور. على الرغم من أن البقايا الأحفورية لفاريرابتور مجزأة، إلا أن التحليلات التصنيفية تشير إلى أنه كان دروميوصوريًا قاعديًا نسبيًا، مما يعني أنه يمثل فرعًا مبكرًا من شجرة عائلة الدروميوصوريات.
الوصف
على الرغم من أن فاريرابتور معروف بشكل أساسي من خلال بقايا مجزأة، إلا أن الأحافير المكتشفة تتضمن عظام الأطراف والفقرات والأسنان. تشير هذه العظام إلى أن فاريرابتور كان ديناصورًا صغيرًا نسبيًا، حيث يقدر طوله بحوالي 2 إلى 2.5 متر. كان يتميز ببنية نحيلة وخفيفة الوزن، مما يشير إلى أنه كان حيوانًا رشيقًا وسريع الحركة.
الأطراف: عظام الأطراف، وخاصة عظام الساق والقدم، تشير إلى أن فاريرابتور كان يمتلك أطرافًا خلفية قوية وطويلة نسبيًا، مما يعزز قدرته على الجري والقفز.
الأسنان: الأسنان حادة ومنحنية، ومسننة على طول الحواف، مما يشير إلى أنه كان مفترسًا يتغذى على الحيوانات الصغيرة الأخرى.
المخلب المنجلي: على الرغم من عدم العثور على مخلب منجلي كامل، إلا أن وجوده يُفترض بناءً على تصنيفه كدروميوصوري. كان المخلب المنجلي على إصبع القدم الثاني سمة مميزة للدروميوصوريات، ويُعتقد أنه كان يستخدم في تثبيت الفريسة أو تمزيقها.
الأهمية الأحفورية
يمثل فاريرابتور إضافة مهمة إلى سجل الأحافير الأوروبية للديناصورات الدروميوصورية. خلال العصر الطباشيري المتأخر، كانت أوروبا عبارة عن أرخبيل من الجزر، مما أدى إلى تطور حيوانات فريدة ومستوطنة. يساعد اكتشاف فاريرابتور في فهمنا للتنوع البيولوجي والتوزيع الجغرافي للدروميوصوريات في هذه المنطقة خلال تلك الفترة.
بالإضافة إلى ذلك، يوفر فاريرابتور معلومات قيمة حول تطور الدروميوصوريات وعلاقاتها التطورية. كونه دروميوصوريًا قاعديًا نسبيًا، فإنه يساعد في تتبع أصول وتطور هذه المجموعة من الديناصورات اللاحمة.
البيئة
عاش فاريرابتور في بيئة ساحلية استوائية أو شبه استوائية خلال العصر الطباشيري المتأخر. كانت منطقة جنوب فرنسا في ذلك الوقت عبارة عن سهل ساحلي تغطيه الغابات والأهوار، وتتميز بمناخ دافئ ورطب. شارك فاريرابتور بيئته مع ديناصورات أخرى، بما في ذلك الصوروبودات والتيروبودات الأخرى والأورنيثوبودات، بالإضافة إلى التماسيح والسلاحف والأسماك والحيوانات الأخرى.
تشير الأدلة الأحفورية إلى أن فاريرابتور كان مفترسًا نشطًا، ربما كان يصطاد الحيوانات الصغيرة مثل السحالي والثدييات الصغيرة والطيور المبكرة. ربما كان يتنافس مع الديناصورات اللاحمة الأخرى على الموارد الغذائية، ولكن حجمه الصغير ورشاقته ربما منحاه ميزة في اصطياد الفرائس الصغيرة والمراوغة.
مقارنات مع الدروميوصوريات الأخرى
على الرغم من أن فاريرابتور معروف من خلال بقايا مجزأة، إلا أنه يمكن مقارنته بالدروميوصوريات الأخرى لفهم مكانته التطورية وعلاقاته. بعض الدروميوصوريات المعروفة الأخرى تشمل:
- فيلوسيرابتور (Velociraptor): منغوليا. يعتبر فيلوسيرابتور، الذي اشتهر بفضل فيلم “جوراسيك بارك”، دروميوصوريًا متوسط الحجم يتميز بمخالبه المنجلية الكبيرة وأطرافه الطويلة.
- ديينونيكوس (Deinonychus): أمريكا الشمالية. كان ديينونيكوس أكبر من فيلوسيرابتور، وكان يتميز ببنية قوية ومخالب منجلية كبيرة. لعب اكتشاف ديينونيكوس في الستينيات دورًا مهمًا في إحياء فكرة أن الديناصورات كانت حيوانات نشطة وذات دم حار.
- ميكرورابتور (Microraptor): الصين. كان ميكرورابتور دروميوصوريًا صغيرًا يتميز بأربعة أجنحة، مما يشير إلى أنه كان قادرًا على الطيران الشراعي.
مقارنة بهذه الدروميوصوريات، يبدو أن فاريرابتور كان دروميوصوريًا قاعديًا نسبيًا، مما يعني أنه يمثل فرعًا مبكرًا من شجرة عائلة الدروميوصوريات. قد يكون قد احتفظ ببعض السمات البدائية التي فقدتها الدروميوصوريات الأكثر تطوراً.
الأبحاث المستقبلية
نظرًا لأن فاريرابتور معروف من خلال بقايا مجزأة، فإن هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لاكتشاف المزيد عن تشريحه وسلوكه وعلاقاته التطورية. يمكن أن تساعد الاكتشافات المستقبلية لبقايا أكثر اكتمالاً من فاريرابتور في توضيح مكانته داخل شجرة عائلة الدروميوصوريات وتوفير رؤى جديدة حول تطور هذه المجموعة من الديناصورات.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعد تحليل دقيق للأحافير الموجودة، باستخدام التقنيات الحديثة مثل التصوير المقطعي المحوسب (CT) والنمذجة ثلاثية الأبعاد، في الكشف عن تفاصيل جديدة حول تشريح فاريرابتور ووظائفه.
خاتمة
فاريرابتور هو جنس من ديناصورات الثيروبود الدروميوصورية التي عاشت في العصر الطباشيري المتأخر في فرنسا. على الرغم من أنه معروف من خلال بقايا مجزأة، إلا أنه يمثل إضافة مهمة إلى فهمنا للتنوع البيولوجي للديناصورات في أوروبا خلال تلك الفترة. يوفر فاريرابتور معلومات قيمة حول تطور الدروميوصوريات وعلاقاتها التطورية، ويساعد في تتبع أصول وتطور هذه المجموعة من الديناصورات اللاحمة. تتطلب الأبحاث المستقبلية اكتشاف المزيد من البقايا الأحفورية وإجراء تحليلات دقيقة للكشف عن المزيد من التفاصيل حول هذا الديناصور المثير للاهتمام.