نشأته وبداياته
ولد كليفورد بيرتون باروز في سيروكوكا بولاية نورث كارولينا، ونشأ في بيئة دينية عميقة. كان والده يعمل قسًا، مما أثر بشكل كبير في حياته وقراراته المستقبلية. تلقى باروز تعليمه في كلية بوب جونز، حيث درس اللاهوت والموسيقى. خلال سنوات دراسته، أظهر موهبة فذة في قيادة الترانيم والتأليف الموسيقي، مما لفت انتباه العديد من الشخصيات البارزة في المجال الديني.
بعد تخرجه، بدأ باروز مسيرته المهنية في مجال الموسيقى المسيحية، حيث عمل كقائد ترانيم في العديد من الكنائس والتجمعات الدينية. سرعان ما اكتسب سمعة طيبة بفضل صوته القوي وقدرته على إلهام الجماهير. في عام 1945، التقى ببيلي غراهام، وهو اللقاء الذي غيّر مسار حياته المهنية والشخصية إلى الأبد.
العمل مع بيلي غراهام
بدأت الشراكة بين كليف باروز وبيلي غراهام في عام 1945، واستمرت لأكثر من ستة عقود. خلال هذه الفترة، عمل باروز كمدير للموسيقى والبرامج في جميع الحملات الصليبية التي قادها غراهام حول العالم. كان باروز مسؤولاً عن اختيار الترانيم والأغاني، وتنسيق الفرق الموسيقية، وقيادة الجماهير في الترانيم. كانت قدرته على التواصل مع الناس من مختلف الثقافات والخلفيات الدينية لا مثيل لها، مما جعله جزءًا لا يتجزأ من نجاح حملات غراهام.
كان باروز يتمتع بشخصية جذابة وروح مرحة، مما جعله محبوبًا لدى الجماهير. كان يتمتع أيضًا بحس فكاهي فريد، وكان غالبًا ما يضفي جوًا من المرح والبهجة على الفعاليات التي يشارك فيها. بالإضافة إلى ذلك، كان باروز يتمتع بذاكرة قوية، وكان قادرًا على تذكر أسماء وأوجه آلاف الأشخاص الذين التقى بهم على مر السنين.
خلال عمله مع بيلي غراهام، سافر باروز إلى أكثر من 185 دولة، وشاهد الملايين من الناس يتأثرون برسالة الإنجيل. كان يؤمن بشدة بقوة الموسيقى في توصيل رسالة الأمل والخلاص، وكان يسعى دائمًا إلى استخدام موهبته لخدمة الله.
إسهاماته الموسيقية
لم يقتصر دور كليف باروز على قيادة الترانيم وتنسيق الفرق الموسيقية، بل كان أيضًا مؤلفًا وملحنًا موهوبًا. كتب باروز العديد من الترانيم والأغاني التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من التراث الموسيقي المسيحي. من بين أشهر أعماله: “Peace in the Valley”، و”The Old Rugged Cross”، و”How Great Thou Art”.
بالإضافة إلى ذلك، أنتج باروز العديد من الألبومات الموسيقية التي حققت مبيعات كبيرة وحازت على جوائز عديدة. كان يتمتع بذوق رفيع في اختيار الموسيقى، وكان يسعى دائمًا إلى تقديم أعمال فنية عالية الجودة تلهم وتؤثر في المستمعين. لقد ساهم باروز بشكل كبير في تطوير الموسيقى المسيحية المعاصرة، وترك بصمة واضحة في هذا المجال.
- السلام في الوادي (Peace in the Valley): ترنيمة كلاسيكية تعبر عن الأمل والسلام الأبدي الذي ينتظر المؤمنين في الآخرة.
- الصليب القديم الخشن (The Old Rugged Cross): ترنيمة مؤثرة تصف تضحية المسيح على الصليب وحبه اللامحدود للبشرية.
- ما أعظمك (How Great Thou Art): ترنيمة رائعة تمجد عظمة الله وقدرته اللامحدودة.
الجوائز والتكريمات
تقديرًا لإسهاماته الكبيرة في مجال الموسيقى المسيحية، حصل كليف باروز على العديد من الجوائز والتكريمات. في عام 1988، تم إدخاله إلى قاعة مشاهير الموسيقى الإنجيلية. كما حصل على جائزة الإنجاز مدى الحياة من جمعية الموسيقى الإنجيلية. بالإضافة إلى ذلك، حصل باروز على العديد من الدكتوراه الفخرية من مختلف الجامعات والكليات الدينية.
كان باروز عضوًا نشطًا في العديد من المنظمات الدينية والمجتمعية. كان يؤمن بأهمية العمل التطوعي وتقديم المساعدة للمحتاجين. لقد كان مثالًا يحتذى به في الإخلاص والتفاني في خدمة الله والناس.
حياته الشخصية
تزوج كليف باروز من زوجته الأولى، بيلي بيث مور، في عام 1945، واستمر زواجهما حتى وفاتها في عام 1994. أنجب باروز وبيلي بيث خمسة أطفال. في عام 2002، تزوج باروز من زوجته الثانية، آن برينتون لوس. كان باروز يتمتع بحياة أسرية سعيدة ومستقرة، وكان يعتبر عائلته مصدر إلهام ودعم له.
كان باروز يتمتع بصحة جيدة حتى سنواته الأخيرة. كان يحافظ على نشاطه البدني والعقلي، وكان يسعى دائمًا إلى التعلم والتطور. كان يتمتع بشخصية متفائلة وإيجابية، وكان ينظر إلى الحياة بتفاؤل وأمل.
وفاته وإرثه
توفي كليف باروز في 15 نوفمبر 2016، عن عمر يناهز 93 عامًا. ترك باروز إرثًا دائمًا من خلال عمله في خدمة الإنجيل وإسهاماته في مجال الموسيقى المسيحية. لقد ألهم الملايين من الناس حول العالم، وترك بصمة واضحة في قلوبهم. سيظل باروز يُذكر كواحد من أعظم قادة الترانيم في التاريخ، وشخصية بارزة في مجال الموسيقى المسيحية.
خاتمة
كان كليف باروز شخصية مؤثرة في مجال الموسيقى المسيحية وشريكًا أساسيًا لبيلي غراهام في حملاته الإنجيلية. من خلال قيادته للترانيم، وتأليفاته الموسيقية، وروحه المرحة، ترك باروز بصمة لا تُمحى في قلوب الملايين حول العالم. سيظل إرثه حيًا كمثال للإخلاص والتفاني في خدمة الله والناس.