تاريخ توهوسكوب
في الخمسينيات من القرن الماضي، أحدثت سينما سكوب ثورة في صناعة السينما من خلال تقديم تجربة مشاهدة سينمائية أكثر غامرة. استجابت استوديوهات توهو، وهي واحدة من أكبر شركات إنتاج الأفلام في اليابان، من خلال تطوير نظام العدسات الخاص بها، توهوسكوب. تم تقديم النظام لأول مرة في عام 1957، وسرعان ما أصبح عنصرًا أساسيًا في إنتاج أفلام توهو.
كان الدافع وراء تطوير توهوسكوب هو الرغبة في منافسة سينما سكوب دون تحمل التكاليف الكبيرة المرتبطة بترخيص نظام سينما سكوب واستخدامه. سعى مهندسو توهو إلى إنشاء نظام مماثل من شأنه أن يحقق نفس التأثيرات العريضة ولكن باستخدام تقنيات ومكونات مملوكة لهم.
أول فيلم استخدم نظام توهوسكوب كان “A Dangerous Hero” (危険な英雄, Kiken na Eiyū) الذي صدر في 9 يناير 1957. استخدم النظام على نطاق واسع في العديد من أفلام توهو اللاحقة، بما في ذلك أفلام الخيال العلمي الشهيرة وأفلام الوحوش (كايجو) مثل “رودان” (1956) و “موسورا” (1961). استمر توهوسكوب في الاستخدام حتى الستينيات قبل أن يتم استبداله بأنظمة أخرى.
التقنية الكامنة وراء توهوسكوب
يعمل نظام توهوسكوب باستخدام عدسات تشويهية تقوم بضغط الصورة أفقيًا أثناء التصوير. يتم بعد ذلك عرض الفيلم المضغوط باستخدام عدسة أخرى تقوم بتوسيع الصورة أفقيًا، مما ينتج عنه صورة عريضة. نسبة العرض إلى الارتفاع القياسية لتوهوسكوب هي 2.35:1، وهي نفس نسبة العرض إلى الارتفاع المستخدمة في سينما سكوب.
تعتمد العدسات التشويهية المستخدمة في توهوسكوب على مبادئ بصرية معقدة. تتكون هذه العدسات من عناصر متعددة مصممة بدقة لتحقيق التشوه المطلوب للصورة. أثناء التصوير، تقوم العدسة بضغط المشهد أفقيًا، مما يقلل فعليًا من عرضه على الفيلم. أثناء العرض، يتم استخدام عدسة مماثلة ولكنها تعمل في الاتجاه المعاكس لتوسيع الصورة واستعادة نسبها الأصلية. والنتيجة هي صورة عريضة غنية بالتفاصيل وملء الشاشة.
من بين المزايا الرئيسية لتوهوسكوب مقارنةً ببعض أنظمة الشاشة العريضة الأخرى هو كفاءته من حيث استخدام مساحة الفيلم. من خلال ضغط الصورة أفقيًا، يمكن تسجيل المزيد من المعلومات على نفس مساحة الفيلم، مما يؤدي إلى صورة أكثر وضوحًا وتفصيلاً عند عرضها. كما سمح هذا لتو هو باستخدام مخزون أفلام قياسي، مما يقلل من التكاليف الإجمالية.
أفلام توهوسكوب البارزة
تم استخدام توهوسكوب في عدد كبير من أفلام توهو، والتي تغطي أنواعًا مختلفة. بعض الأمثلة البارزة تشمل:
- رودان (1956): على الرغم من أن الفيلم صدر قبل تقديم توهوسكوب رسميًا، إلا أنه يمثل بداية مغامرات توهو في إنتاج أفلام الوحوش واسعة النطاق.
- موسورا (1961): تم تصوير هذا الفيلم باستخدام توهوسكوب ويقدم صورًا مذهلة للمخلوق العملاق موسورا.
- High and Low (1963): فيلم جريمة مثير للمخرج أكيرا كوروساوا، يُظهر قدرة توهوسكوب على التقاط مشاهد ديناميكية ومؤثرة بصريًا.
- Red Beard (1965): فيلم آخر من إخراج أكيرا كوروساوا، تم تصويره أيضًا باستخدام توهوسكوب، ويروي قصة طبيب شاب يعمل في عيادة للمحرومين.
تُظهر هذه الأفلام تنوع توهوسكوب وقدرته على تحسين القيمة المرئية للأنواع المختلفة.
أهمية توهوسكوب
كان لتوهوسكوب تأثير كبير على صناعة السينما اليابانية. سمح لتو هو بإنتاج أفلام واسعة النطاق دون الحاجة إلى الاستثمار في معدات باهظة الثمن، مما ساهم في نجاح أفلامهم. كما ساعد توهوسكوب في ترسيخ مكانة توهو كشركة رائدة في الابتكار التكنولوجي في صناعة السينما.
بالإضافة إلى تأثيره التقني، كان لتوهوسكوب أيضًا تأثير ثقافي. ساعدت الأفلام التي تم تصويرها باستخدام توهوسكوب في تعريف الجمهور في جميع أنحاء العالم بالثقافة اليابانية، ولا سيما أفلام الوحوش التي اكتسبت شعبية عالمية. لعب توهوسكوب دورًا مهمًا في تطوير سينما الكايجو، مما ساهم في انتشارها الدولي.
كما أثر توهوسكوب على صناعة السينما العالمية. استلهم العديد من صانعي الأفلام من استخدام توهو للعدسات التشويهية، وأصبح النظام مؤثرًا في تطوير تقنيات الشاشة العريضة الأخرى.
توهوسكوب مقابل سينما سكوب
على الرغم من أن توهوسكوب كان مشابهًا لسينما سكوب من حيث أنه كان نظام عدسات تشويهية ينتج صورًا عريضة، إلا أن هناك بعض الاختلافات الرئيسية بين النظامين.
أحد الاختلافات الرئيسية هو أن توهوسكوب تم تطويره بواسطة توهو، بينما تم تطوير سينما سكوب بواسطة شركة أمريكية، شركة أنامورفيك. أدى ذلك إلى اختلافات في التصميم والتصنيع للعدسات المستخدمة في كل نظام. كان لسينما سكوب براءات اختراع محمية وكانت تتطلب من الاستوديوهات الأخرى دفع رسوم ترخيص لاستخدامها. سمح تطوير توهوسكوب لتو هو بتجنب هذه الرسوم والحفاظ على مزيد من التحكم في عملية الإنتاج الخاصة بهم.
اختلاف آخر هو أن توهوسكوب تم تصميمه ليكون أقل تكلفة من سينما سكوب. حققت توهو ذلك باستخدام مكونات وتصاميم أبسط. في حين أن كلا النظامين حققا صورًا عريضة، فقد اختلفا في الجودة البصرية. غالبًا ما يُنظر إلى سينما سكوب على أنها تتمتع بجودة صورة فائقة قليلاً، في حين أن توهوسكوب كان خيارًا أكثر فعالية من حيث التكلفة للاستوديوهات ذات الميزانيات المحدودة.
على الرغم من هذه الاختلافات، حقق كلا النظامين هدفهما المتمثل في تقديم تجربة مشاهدة سينمائية أوسع وأكثر غامرة. ساهم كل من توهوسكوب وسينما سكوب بشكل كبير في تطور سينما الشاشة العريضة وتشكيل الطريقة التي نختبر بها الأفلام اليوم.
تأثير توهوسكوب الدائم
على الرغم من أن توهوسكوب لم يعد قيد الاستخدام على نطاق واسع اليوم، إلا أن تأثيره على صناعة السينما لا يزال محسوسًا. لقد ساعد في تمهيد الطريق لتقنيات الشاشة العريضة الأخرى وألهم صانعي الأفلام لتجربة تنسيقات بصرية جديدة. يظل توهوسكوب جزءًا مهمًا من تاريخ السينما اليابانية وهو دليل على ابتكار وبراعة استوديوهات توهو.
لا يزال العديد من محبي السينما يقدرون الأفلام التي تم تصويرها باستخدام توهوسكوب بسبب مظهرها الفريد وجماليتها. تساهم الصور العريضة والعدسات التشويهية في إحساس معين بالرحابة والعمق الذي يميز هذه الأفلام. سواء كانت أفلام وحوش ملحمية أو دراما حميمة، تظل أفلام توهوسكوب الكلاسيكية شهادة على التأثير الدائم لهذا النظام المبتكر.
خاتمة
كان توهوسكوب نظام عدسات تشويهية هامًا تم تطويره بواسطة استوديوهات توهو في الخمسينيات من القرن الماضي. سمح لتو هو بإنتاج أفلام واسعة النطاق دون الحاجة إلى الاستثمار في معدات باهظة الثمن، وساهم في نجاح أفلامهم. كان لتوهوسكوب تأثير كبير على صناعة السينما اليابانية والعالمية، ولا يزال تأثيره محسوسًا حتى اليوم.