نشأته وحياته المبكرة
ولد جون جودوين بارمبي في يوركشاير عام 1820. تلقى تعليمه في المنزل وتأثر بشدة بأفكار والده الليبرالية والدينية. في شبابه، انجذب إلى الحركات الإصلاحية والاجتماعية التي كانت منتشرة في إنجلترا في ذلك الوقت. بدأ بارمبي حياته المهنية ككاتب وصحفي، حيث كتب عن مجموعة متنوعة من الموضوعات، بما في ذلك السياسة والدين والأدب. سرعان ما أصبح مهتمًا بالاشتراكية الطوباوية، وهي حركة فكرية تهدف إلى إنشاء مجتمعات مثالية قائمة على التعاون والمساواة.
تأسيس جماعة الشيوعيين
في عام 1841، أسس بارمبي “جماعة الشيوعيين”، وهي جمعية صغيرة من الاشتراكيين الطوباويين الذين اجتمعوا لمناقشة أفكارهم وتبادلها. كان الهدف من الجماعة هو نشر مبادئ الشيوعية، التي فهمها بارمبي على أنها نظام اجتماعي يقوم على الملكية المشتركة للموارد والإنتاج. على الرغم من أن الجماعة لم تدم طويلاً، إلا أنها لعبت دورًا مهمًا في نشر الأفكار الاشتراكية في إنجلترا. كان بارمبي يعتقد أن الشيوعية هي الحل الأمثل لمشاكل المجتمع الصناعي، مثل الفقر وعدم المساواة والاستغلال.
كنيسة البشرية
بالإضافة إلى عمله في جماعة الشيوعيين، أسس بارمبي أيضًا “كنيسة البشرية”، وهي حركة دينية علمانية تهدف إلى تعزيز الأخلاق والإنسانية. كانت الكنيسة مفتوحة لجميع الناس بغض النظر عن معتقداتهم الدينية، وركزت على أهمية العقل والتعاطف والعمل الاجتماعي. كانت كنيسة البشرية تعكس إيمان بارمبي الراسخ بقدرة الإنسان على تحقيق مجتمع أفضل من خلال التعاون والتفكير العقلاني. كان يعتقد أن الدين التقليدي غالبًا ما يكون مقيدًا وغير قادر على تلبية الاحتياجات الروحية للناس في العصر الحديث.
التأثير الفرنسي والترجمة
كان بارمبي من أوائل المدافعين عن الاشتراكيين الطوباويين الفرنسيين في إنجلترا، وخاصة شارل فورييه وإيتيان كابيه. قام بترجمة العديد من أعمالهم إلى اللغة الإنجليزية، مما ساهم في نشر أفكارهم في بريطانيا. كان بارمبي معجبًا بشكل خاص بأفكار فورييه حول المجتمعات التعاونية الصغيرة، والتي اعتقد أنها يمكن أن توفر نموذجًا لمجتمع أكثر عدلاً ومساواة. كما تأثر بأفكار كابيه حول المستعمرات الاشتراكية، والتي كان يعتقد أنها يمكن أن توفر ملاذًا للفقراء والمضطهدين.
Goodwyn Barmby ودورها
لعبت زوجة جون، Goodwyn Barmby، دورًا حاسمًا في جميع مساعيه. كانت ناشطة اجتماعية ومفكرة بارزة في حد ذاتها، وشاركت زوجها في العديد من مشاريعه الإصلاحية. كانت Goodwyn مساهمة فعالة في جماعة الشيوعيين وكنيسة البشرية، وعملت بلا كلل لتعزيز حقوق المرأة والمساواة الاجتماعية. كانت تُعتبر شخصية مؤثرة في الحركات النسوية والاشتراكية المبكرة في إنجلترا. كانت Goodwyn Barmby كاتبة غزيرة الإنتاج وخطيبة بارعة، واستخدمت مهاراتها للدفاع عن القضايا التي تؤمن بها.
الصحافة والكتابة
كان بارمبي كاتبًا غزير الإنتاج، حيث كتب عن مجموعة متنوعة من الموضوعات، بما في ذلك السياسة والدين والأدب. كان مساهمًا منتظمًا في العديد من الصحف والمجلات الاشتراكية، وكتب أيضًا عددًا من الكتب والمقالات حول الاشتراكية الطوباوية والإصلاح الاجتماعي. من بين أشهر أعماله “The Communist Church” و “Outline of the History of Communism”. استخدم بارمبي كتاباته لنشر أفكاره حول الاشتراكية والعدالة الاجتماعية، ولإلهام الآخرين للانضمام إلى قضيته. كان يعتقد أن الكتابة هي أداة قوية للتغيير الاجتماعي، واستخدمها للدفاع عن حقوق الفقراء والمضطهدين.
فلسفته الاجتماعية
كان بارمبي يعتقد أن المجتمع يجب أن يقوم على مبادئ التعاون والمساواة والعدالة الاجتماعية. كان يعتقد أن الملكية الخاصة للموارد تؤدي إلى الفقر وعدم المساواة والاستغلال، وأنه يجب استبدالها بنظام من الملكية المشتركة. كان يعتقد أيضًا أن التعليم والعمل الاجتماعي ضروريان لتحقيق مجتمع أفضل. كان بارمبي متفائلاً بشأن مستقبل البشرية، وكان يعتقد أن الناس قادرون على تحقيق مجتمع مثالي من خلال التعاون والتفكير العقلاني. كانت فلسفته الاجتماعية متجذرة في إيمانه بقدرة الإنسان على الخير، ورغبته في خلق عالم أكثر عدلاً ومساواة للجميع.
تأثيره وإرثه
على الرغم من أن بارمبي لم يحقق نجاحًا كبيرًا في حياته، إلا أنه ترك إرثًا دائمًا كمفكر اشتراكي طوباوي ومصلح اجتماعي. ساهم عمله في نشر الأفكار الاشتراكية في إنجلترا، وألهم العديد من الأشخاص للانضمام إلى الحركات الاشتراكية والنسوية. لا تزال أفكاره حول التعاون والمساواة والعدالة الاجتماعية ذات صلة اليوم، ولا تزال تلهم الناس للعمل من أجل عالم أفضل. يعتبر بارمبي شخصية مهمة في تاريخ الاشتراكية الطوباوية والإصلاح الاجتماعي في إنجلترا. كان لديه رؤية واضحة لمجتمع أكثر عدلاً ومساواة، وعمل بلا كلل لتحقيق هذه الرؤية.
حياته اللاحقة ووفاته
في السنوات اللاحقة من حياته، ابتعد بارمبي عن الحركات الاشتراكية والراديكالية. انخرط في العمل الخيري والأنشطة الدينية. توفي في 18 أكتوبر 1881. على الرغم من تحوله في حياته اللاحقة، إلا أن مساهماته في الفكر الاشتراكي والإصلاح الاجتماعي لا تزال تحظى بالتقدير. إن عمله بمثابة تذكير بأهمية السعي لتحقيق عالم أفضل وأكثر عدلاً.
خاتمة
جون جودوين بارمبي كان شخصية بارزة في الحركة الاشتراكية الطوباوية في إنجلترا خلال العصر الفيكتوري. من خلال تأسيسه “جماعة الشيوعيين” و”كنيسة البشرية”، بالإضافة إلى ترجماته لأعمال الاشتراكيين الفرنسيين، ساهم بارمبي في نشر أفكار الاشتراكية والإصلاح الاجتماعي. على الرغم من أن أفكاره لم تتحقق بالكامل في حياته، إلا أن إرثه كمفكر ومصلح اجتماعي لا يزال قائمًا، حيث ألهم العديد من الأشخاص للعمل من أجل عالم أكثر عدلاً ومساواة.