مقدمة
مملكة بهلوا، التي تُعرف أيضًا بمملكة البارثيين، كانت مملكة أسسها شعب من أصل إيراني. اكتسبت هذه المملكة شهرة واسعة، خاصة خلال فترة حملات الإسكندر الأكبر. لعبت دورًا هامًا في التاريخ القديم، حيث كانت بمثابة قوة سياسية وثقافية مؤثرة في المنطقة.
أصل البهلويين
يعود أصل البهلويين إلى قبائل إيرانية استقرت في منطقة بارثيا (شمال شرق إيران حاليًا). كانت هذه المنطقة ذات موقع استراتيجي على طول طريق الحرير، مما جعلها مركزًا تجاريًا وثقافيًا هامًا. مع مرور الوقت، تمكن البهلويون من تأسيس مملكتهم المستقلة، التي تحدت الإمبراطوريات الكبرى في ذلك الوقت.
تأسيس المملكة وتوسعها
تأسست مملكة بهلوا في القرن الثالث قبل الميلاد على يد أرساسيس الأول. تمكن أرساسيس وخلفاؤه من توسيع نفوذ المملكة تدريجيًا، من خلال سلسلة من الحملات العسكرية والتحالفات السياسية. وصلت المملكة إلى أوج قوتها في عهد الملك مهرداد الأول، الذي تمكن من السيطرة على مناطق واسعة من بلاد فارس وبلاد الرافدين.
من أبرز إنجازات البهلويين:
- تأسيس جيش قوي يعتمد على الفرسان.
- بناء شبكة واسعة من الطرق والمواصلات.
- تشجيع التجارة والفنون.
- اعتماد اللغة البهلوية كلغة رسمية.
الحياة السياسية والاجتماعية
كان النظام السياسي في مملكة بهلوا ملكيًا وراثيًا. كان الملك يتمتع بسلطة مطلقة، ولكنه كان يستشير مجلسًا من النبلاء وكبار الكهنة في الأمور الهامة. كان المجتمع البهلوي مجتمعًا طبقيًا، حيث كان النبلاء ورجال الدين يتمتعون بامتيازات خاصة.
تميز المجتمع البهلوي بما يلي:
- التسامح الديني.
- الاهتمام بالفنون والعلوم.
- المساواة النسبية بين الرجال والنساء.
الحياة الاقتصادية
اعتمد الاقتصاد البهلوي على الزراعة والتجارة. كانت الأراضي الزراعية خصبة، وكانت تنتج محاصيل متنوعة مثل القمح والشعير والعنب. لعبت التجارة دورًا هامًا في ازدهار المملكة، حيث كانت بارثيا تقع على طريق الحرير، وهو طريق تجاري رئيسي يربط الشرق بالغرب. كانت البضائع الصينية والهندية تصل إلى أوروبا عبر بارثيا، وكانت البضائع الأوروبية تصل إلى آسيا عبر بارثيا أيضًا.
الثقافة والفنون
كانت مملكة بهلوا مركزًا ثقافيًا هامًا، حيث ازدهرت الفنون والعلوم. تأثرت الثقافة البهلوية بالثقافات الإيرانية واليونانية والهندية. تميز الفن البهلوي بالواقعية والزخرفة. تميزت العمارة البهلوية بالضخامة والفخامة.
من أبرز الآثار البهلوية:
- مدينة نسا (عاصمة المملكة).
- معبد الشمس في تدمر.
- العديد من التماثيل والمنحوتات.
الدين في مملكة بهلوا
كانت الديانة الرئيسية في مملكة بهلوا هي الزرادشتية، وهي ديانة إيرانية قديمة. ومع ذلك، كان هناك أيضًا أتباع لديانات أخرى، مثل البوذية والمسيحية واليهودية. تميزت المملكة بالتسامح الديني، حيث كان يسمح لأتباع الديانات المختلفة بممارسة شعائرهم بحرية.
الصراع مع الرومان
دخلت مملكة بهلوا في صراع طويل مع الإمبراطورية الرومانية. استمر هذا الصراع لعدة قرون، وشهد العديد من المعارك والحروب. تمكن البهلويون من الدفاع عن استقلالهم، ولكنهم تعرضوا لخسائر فادحة في الأرواح والممتلكات. كان الصراع مع الرومان من العوامل التي أضعفت المملكة في النهاية.
نهاية المملكة
في القرن الثالث الميلادي، ضعفت مملكة بهلوا بسبب الصراعات الداخلية والحروب الخارجية. تمكن الساسانيون، وهم سلالة فارسية جديدة، من الإطاحة بالبهلويين وتأسيس إمبراطورية جديدة. انتهت مملكة بهلوا في عام 224 م، بعد أن حكمت المنطقة لأكثر من أربعة قرون.
تأثير مملكة بهلوا
تركت مملكة بهلوا بصمة واضحة على التاريخ والثقافة في المنطقة. ساهم البهلويون في تطوير الفنون والعلوم والتجارة. كما ساهموا في نشر الثقافة الإيرانية في مناطق واسعة من آسيا الوسطى والشرق الأوسط. لا تزال آثار مملكة بهلوا باقية حتى اليوم، وتشهد على عظمة هذه المملكة القديمة.
اللغة البهلوية
اللغة البهلوية هي لغة إيرانية وسيطة تطورت من اللغة الفارسية القديمة. كانت اللغة الرسمية لمملكة بهلوا واستخدمت في الكتابة والأدب والإدارة. تُعرف اللغة البهلوية أيضًا باسم “الفارسية الوسطى”. تعتبر اللغة البهلوية حلقة وصل مهمة بين اللغات الإيرانية القديمة والحديثة.
أهم الملوك البهلويين
من بين أبرز الملوك الذين حكموا مملكة بهلوا:
- أرساسيس الأول: مؤسس المملكة.
- مهرداد الأول: الذي وسع المملكة بشكل كبير.
- فرهاد الثاني: الذي هزم الرومان في معركة كارهي.
- ميثراداتس السادس: الذي قاد تمردًا ضد الرومان.
خاتمة
كانت مملكة بهلوا قوة إقليمية مهمة في العالم القديم. لعبت دورًا حاسمًا في التجارة والثقافة والسياسة. على الرغم من صراعاتها مع الإمبراطورية الرومانية وسقوطها في النهاية أمام الساسانيين، إلا أن إرثها لا يزال محسوسًا حتى اليوم. ساهمت المملكة في تطوير الثقافة الإيرانية ونشرها في جميع أنحاء المنطقة، ولا تزال آثارها المعمارية والفنية شاهدة على عظمة حضارتها.