نشأته وبداياته العسكرية
ولد جوفري في هوتفيل لا غويش في نورماندي حوالي عام 1020. كان الابن الثاني لتانكريد هوتفيل من زوجته الأولى، موريل. مثل العديد من النورمانديين الطموحين في ذلك الوقت، توجه إلى جنوب إيطاليا بحثًا عن الثروة والمجد. وصل جوفري إلى إيطاليا في النصف الثاني من ثلاثينيات القرن الحادي عشر، على الأرجح بعد أخويه الأكبر سناً، ويليام دروغو وهمبرت.
في البداية، خدم جوفري كجندي مرتزق في خدمة مختلف الأمراء اللومبارديين والبيزنطيين المتنافسين. سرعان ما اكتسب سمعة طيبة كقائد عسكري شجاع وماهر. شارك في العديد من المعارك والغارات، واكتسب خبرة قيمة في تكتيكات الحرب في جنوب إيطاليا.
دوره في الفتح النورماندي
في أربعينيات القرن الحادي عشر، بدأ النورمانديون، بقيادة ويليام دروغو، في ترسيخ سلطتهم في جنوب إيطاليا. شارك جوفري بنشاط في هذه الحملات، ولعب دورًا حاسمًا في الاستيلاء على مناطق جديدة. بحلول عام 1053، كان النورمانديون قد أسسوا أنفسهم كقوة مهيمنة في المنطقة.
بعد وفاة ويليام دروغو، أصبح همبرت كونت بوليا وخلفه. استمر جوفري في الخدمة تحت قيادة همبرت، وشارك في العديد من الحملات العسكرية ضد البيزنطيين واللومبارديين. أظهر جوفري مهارات قيادية استثنائية، مما جعله شخصية بارزة في الجيش النورماندي.
الاستيلاء على منطقة كابيتانات
كان أحد أبرز إنجازات جوفري هو الاستيلاء على منطقة كابيتانات (Capitanata). كانت هذه المنطقة ذات أهمية استراتيجية كبيرة، حيث كانت تسيطر على الطرق الرئيسية في جنوب إيطاليا. قاد جوفري القوات النورماندية في حملة ناجحة للاستيلاء على كابيتانات، مما عزز بشكل كبير قوة النورمانديين في المنطقة.
بعد الاستيلاء على كابيتانات، تم تعيين جوفري كونتًا على المنطقة. حكم كابيتانات بحكمة وعدل، واكتسب احترام السكان المحليين. قام بتحصين المنطقة وبناء قلاع جديدة لتعزيز دفاعاتها. كما شجع التجارة والزراعة، مما أدى إلى ازدهار المنطقة تحت حكمه.
الخلافة والصراع مع روبرت جيسكارد
بعد وفاة همبرت عام 1057، نشأ صراع على السلطة بين النورمانديين. كان روبرت جيسكارد، الأخ غير الشقيق لجوفري، أحد أبرز المتنافسين على السلطة. كان روبرت جيسكارد قائدًا عسكريًا طموحًا وقويًا، وسعى إلى توحيد جميع الأراضي النورماندية تحت حكمه.
في البداية، عارض جوفري محاولات روبرت جيسكارد للسيطرة على السلطة. ومع ذلك، أدرك جوفري في النهاية أن المقاومة ستكون غير مجدية. في عام 1059، تصالح جوفري مع روبرت جيسكارد واعترف به كزعيم للنورمانديين في جنوب إيطاليا.
مقابل دعمه، منح روبرت جيسكارد جوفري لقب كونت لوريتو. استمر جوفري في الخدمة تحت قيادة روبرت جيسكارد، وشارك في العديد من الحملات العسكرية ضد البيزنطيين والمسلمين. أثبت جوفري أنه حليف قيم لروبرت جيسكارد، وساهم بشكل كبير في نجاحاته.
حملة صقلية
في ستينيات القرن الحادي عشر، بدأ روبرت جيسكارد وشقيقه روجر الأول في غزو صقلية، التي كانت تحت حكم المسلمين. شارك جوفري في هذه الحملة، ولعب دورًا مهمًا في الاستيلاء على العديد من المدن والقلاع. أظهر جوفري شجاعة ومهارة كبيرتين في المعركة، واكتسب احترام رفاقه.
في عام 1061، شارك جوفري في حصار باليرمو، عاصمة صقلية. كانت المدينة محصنة تحصينًا جيدًا، واستمر الحصار لعدة أشهر. ومع ذلك، تمكن النورمانديون في النهاية من اقتحام المدينة والاستيلاء عليها. كان الاستيلاء على باليرمو انتصارًا كبيرًا للنورمانديين، ومهد الطريق لغزو كامل لجزيرة صقلية.
بعد الاستيلاء على باليرمو، استمر جوفري في المشاركة في الحملات العسكرية في صقلية. ساهم في الاستيلاء على العديد من المدن والقلاع الأخرى، ولعب دورًا حاسمًا في هزيمة المسلمين. بحلول عام 1071، كان النورمانديون قد سيطروا على معظم جزيرة صقلية.
وفاته وإرثه
توفي جوفري هوتفيل عام 1071. لعب دورًا حاسمًا في الفتح النورماندي لجنوب إيطاليا وصقلية. كان قائدًا عسكريًا ماهرًا وشجاعًا، وساهم بشكل كبير في تأسيس مملكة صقلية. تم تذكره كواحد من أبرز الشخصيات في التاريخ النورماندي.
- ساهم جوفري في ترسيخ قوة النورمانديين في جنوب إيطاليا.
- كان له دور فعال في الاستيلاء على منطقة كابيتانات الهامة استراتيجياً.
- شارك في حملة صقلية التي أدت إلى تأسيس مملكة صقلية النورماندية.
خاتمة
كان جوفري هوتفيل قائدًا عسكريًا نورمانديًا بارزًا لعب دورًا محوريًا في تشكيل تاريخ جنوب إيطاليا وصقلية. من خلال شجاعته ومهاراته القيادية، ساهم في توسيع النفوذ النورماندي وتأسيس مملكة صقلية، تاركًا بصمة لا تُمحى في تاريخ العصور الوسطى.