التاريخ المبكر
وفقًا للتقاليد، تأسست أمبريشيا في حوالي عام 625 قبل الميلاد على يد غورجوس، ابن الطاغية الكورنثي كيبسيلوس. الموقع، الواقع على منعطف استراتيجي لنهر أراخثوس (نهر آرتا الحديث)، سمح بالسيطرة على التجارة والطرق البرية في المنطقة. سرعان ما استقطبت المدينة المستوطنين من كورنث ومن مناطق أخرى في اليونان، وازدهرت بفضل الزراعة والتجارة.
كانت أمبريشيا عضوًا في التحالف البيلوبونيسي بقيادة سبارطة، وشاركت في الحرب البيلوبونيسية (431-404 قبل الميلاد). خلال الحرب، دعمت المدينة سبارطة ضد أثينا، وقدمت قوات ودعمًا ماليًا. ومع ذلك، عانت أمبريشيا من هزيمة كبيرة في عام 426 قبل الميلاد في معركة أولباي، حيث هُزمت قواتها على يد الجنرال الأثيني ديموستينس.
الاستقلال والازدهار
بعد الحرب البيلوبونيسية، حافظت أمبريشيا على استقلالها لفترة من الوقت. في القرن الرابع قبل الميلاد، أصبحت المدينة جزءًا من مملكة إبيروس المتنامية، تحت حكم الملك بيروس. جعل بيروس أمبريشيا عاصمة لمملكته، وقام بتزيينها بالعديد من المباني العامة والمعابد. ازدهرت المدينة تحت حكم بيروس، وأصبحت مركزًا ثقافيًا واقتصاديًا هامًا.
كانت أمبريشيا معروفة بعملتها الخاصة، والتي تحمل صورة زيوس أو رأس أنثوي، ربما تمثل إلهة المدينة. كما اشتهرت بفنانيها وحرفييها المهرة، الذين أنتجوا مجموعة متنوعة من السلع، بما في ذلك الفخار والمجوهرات والأعمال المعدنية.
العهد الروماني
في عام 189 قبل الميلاد، استولى الرومان على أمبريشيا بعد حصار طويل. تم نهب المدينة ونقل العديد من كنوزها الفنية إلى روما. ومع ذلك، استمرت أمبريشيا في الازدهار تحت الحكم الروماني، وأصبحت مركزًا تجاريًا هامًا.
قام الإمبراطور الروماني أغسطس بتأسيس مدينة نيكوبوليس (مدينة النصر) القريبة لإحياء ذكرى انتصاره في معركة أكتيوم في عام 31 قبل الميلاد. تم جلب العديد من سكان أمبريشيا إلى نيكوبوليس لزيادة عدد السكان في المدينة الجديدة، مما أدى إلى انخفاض أهمية أمبريشيا.
الفترة البيزنطية والعصور الوسطى
خلال الفترة البيزنطية، كانت أمبريشيا جزءًا من مقاطعة إبيروس القديمة. استمرت المدينة في الازدهار، ولكنها تعرضت أيضًا لغارات متكررة من قبل القبائل السلافية والبلغارية. في القرن الحادي عشر الميلادي، أصبحت أمبريشيا مقرًا لأبرشية أرتا، مما زاد من أهميتها الدينية.
في عام 1204، بعد سقوط القسطنطينية في أيدي الصليبيين، أصبحت أمبريشيا جزءًا من إمارة إبيروس المستقلة. حافظت الإمارة على استقلالها حتى عام 1449، عندما استولى عليها الأتراك العثمانيون.
آثار أمبريشيا
اليوم، لا تزال هناك بقايا قليلة من أمبريشيا القديمة مرئية. ومع ذلك، تم الكشف عن بعض الآثار الهامة في عمليات التنقيب، بما في ذلك:
- أسس معبد أبولو: يقع في وسط مدينة آرتا الحديثة.
- مسرح قديم: تم اكتشافه في عام 1976، ويمكن أن يستوعب حوالي 5000 متفرج.
- بقايا أسوار المدينة: تعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد.
- مقبرة قديمة: تحتوي على العديد من القبور والتحف.
تُعرض القطع الأثرية التي تم العثور عليها في أمبريشيا في متحف آرتا الأثري.
أهمية أمبريشيا
كانت أمبريشيا مدينة هامة في اليونان القديمة، لعبت دورًا بارزًا في تاريخ إبيروس. كانت المدينة مركزًا تجاريًا وثقافيًا مزدهرًا، وموطنًا للعديد من الفنانين والحرفيين المهرة. على الرغم من أن القليل من بقاياها لا يزال مرئيًا اليوم، إلا أن أمبريشيا تظل تذكيرًا بتاريخ المنطقة الغني.
خاتمة
أمبريشيا، مدينة يونانية قديمة تأسست في موقع آرتا الحديثة، كانت قوة إقليمية مهمة. من تأسيسها على يد الكورنثيين إلى فترة ازدهارها تحت حكم بيروس، ثم تبعيتها للرومان والبيزنطيين، شهدت أمبريشيا تاريخًا غنيًا ومتنوعًا. على الرغم من أن بقاياها قليلة اليوم، إلا أنها تظل شاهدًا على الماضي العريق لإبيروس وأهمية هذه المدينة في العالم القديم.