الأهمية التاريخية والفنية
تحظى ألواح بارثينون النحتية بأهمية كبيرة في تاريخ الفن، حيث تمثل ذروة النحت اليوناني الكلاسيكي. تتميز هذه الألواح بدقتها وتشريحها المثالي وتعبيرها الديناميكي، مما يجعلها أمثلة بارزة على مهارة النحاتين اليونانيين القدماء. بالإضافة إلى ذلك، تقدم هذه الألواح معلومات قيمة حول الأساطير اليونانية والمعتقدات الدينية والممارسات الثقافية في ذلك الوقت.
موقع الألواح النحتية
في الأصل، كانت الألواح النحتية مثبتة على الجدران الخارجية لبارثينون، وتحديدًا فوق الأعمدة. كانت الألواح موزعة على أربعة جوانب من المعبد، حيث يمثل كل جانب موضوعًا مختلفًا. على سبيل المثال، يصور الجانب الشرقي معركة بين الآلهة والعمالقة، بينما يصور الجانب الغربي معركة بين اليونانيين والأمازونيات. أما الجانب الجنوبي، فيصور معركة بين اللابيثيين والقنطور، بينما يصور الجانب الشمالي مشاهد من حرب طروادة.
وصف الألواح النحتية
الألواح النحتية مصنوعة من رخام بنتليك، وهو نوع من الرخام الأبيض عالي الجودة يتميز بنعومته وتجانسه. يبلغ حجم كل لوحة حوالي 1.2 متر مربع، وتتميز بنقوش بارزة تصور شخصيات ومشاهد مختلفة. تمثل الألواح مجموعة متنوعة من الموضوعات، بما في ذلك المعارك الأسطورية والمشاهد الدينية والمناسبات التاريخية.
- الجانب الشرقي: يصور معركة بين الآلهة والعمالقة، وهي معركة أسطورية بين الآلهة الأولمبية والعمالقة الذين حاولوا الإطاحة بهم.
- الجانب الغربي: يصور معركة بين اليونانيين والأمازونيات، وهن محاربات أسطوريات من آسيا الصغرى.
- الجانب الجنوبي: يصور معركة بين اللابيثيين والقنطور، وهي معركة أسطورية اندلعت في حفل زفاف بيريثوس، ملك اللابيثيين.
- الجانب الشمالي: يصور مشاهد من حرب طروادة، وهي حرب أسطورية بين اليونانيين والطرواديين.
أسلوب النحت
تتميز الألواح النحتية بأسلوبها الكلاسيكي، الذي يتميز بالدقة والواقعية والتعبير الديناميكي. يتميز النحاتون اليونانيون القدماء بمهارتهم في تصوير التشريح البشري المثالي والحركة الطبيعية والتعبير العاطفي. تعكس الألواح النحتية أيضًا تأثير الفلسفة اليونانية، التي تركز على العقل والمنطق والتوازن.
الحفاظ على الألواح النحتية
على مر القرون، تعرضت الألواح النحتية لأضرار بسبب عوامل مختلفة، بما في ذلك التجوية والتلوث والحروب. تم نقل العديد من الألواح إلى متاحف مختلفة حول العالم، بما في ذلك المتحف البريطاني في لندن ومتحف الأكروبوليس في أثينا. يتم حاليًا بذل جهود للحفاظ على الألواح النحتية المتبقية وترميمها، بهدف الحفاظ على هذا التراث الثقافي القيم للأجيال القادمة.
الجدل حول الألواح النحتية
هناك جدل طويل الأمد حول ملكية الألواح النحتية الموجودة في المتحف البريطاني. تطالب اليونان بإعادة هذه الألواح إلى أثينا، بحجة أنها جزء لا يتجزأ من التراث الثقافي اليوناني. يجادل المتحف البريطاني بأنه حصل على الألواح بشكل قانوني في القرن التاسع عشر، وأنه قادر على حمايتها والحفاظ عليها بشكل أفضل. لا يزال هذا الجدل مستمرًا حتى اليوم، ولا يوجد حل واضح في الأفق.
تأثير الألواح النحتية
تركت الألواح النحتية تأثيرًا عميقًا على الفن والثقافة الغربية. ألهمت هذه الألواح العديد من الفنانين والنحاتين على مر العصور، ولا تزال تعتبر من أعظم التحف الفنية في العالم. بالإضافة إلى ذلك، ساهمت الألواح النحتية في فهمنا للأساطير اليونانية والمعتقدات الدينية والممارسات الثقافية في اليونان القديمة.
ألواح معركة اللابيثيين والقنطور
تعتبر هذه المجموعة من الألواح الموجودة على الجانب الجنوبي من البارثينون من بين الأكثر شهرة وإثارة للإعجاب. تصور هذه الألواح معركة أسطورية بين اللابيثيين، وهم شعب أسطوري من ثيساليا، والقنطور، وهم مخلوقات نصف إنسان ونصف حصان. اندلعت المعركة خلال حفل زفاف بيريثوس، ملك اللابيثيين، عندما حاول القنطور خطف العروس والنساء الأخريات.
تتميز هذه الألواح بتصويرها الديناميكي والعنيف للمعركة، حيث تصور الشخصيات في وضعيات قتالية معقدة ومعبرة. يظهر اللابيثيون كأبطال شجعان يدافعون عن شرفهم ونسائهم، بينما يظهر القنطور كوحوش همجية مدفوعة بالشهوة والعنف.
تعتبر هذه الألواح مثالًا رائعًا على مهارة النحاتين اليونانيين القدماء في تصوير الحركة والعاطفة والدراما. كما أنها تعكس القيم والأخلاق اليونانية القديمة، مثل الشجاعة والشرف والدفاع عن الحق.
ألواح حرب طروادة
كانت الألواح الموجودة على الجانب الشمالي من البارثينون تصور مشاهد من حرب طروادة، وهي حرب أسطورية بين اليونانيين والطرواديين استمرت لمدة عشر سنوات. لسوء الحظ، تضررت هذه الألواح بشدة على مر القرون، ولم يبق منها سوى أجزاء قليلة.
على الرغم من حالتها المتدهورة، لا تزال هذه الألواح تقدم لمحات عن قصة حرب طروادة الشهيرة. يمكن التعرف على بعض الشخصيات الرئيسية في الأساطير اليونانية، مثل أخيل وهيكتور، من خلال بقايا النقوش.
تعتبر هذه الألواح تذكيرًا بأهمية حرب طروادة في الثقافة اليونانية القديمة، وكيف أثرت هذه القصة الأسطورية على الفن والأدب والفلسفة لعدة قرون.
ألواح معركة الآلهة والعمالقة
تصور الألواح الموجودة على الجانب الشرقي من البارثينون معركة أسطورية بين الآلهة الأولمبية والعمالقة، وهم مخلوقات عملاقة ذات قوة خارقة. كانت هذه المعركة تهدف إلى تحديد من سيحكم العالم، الآلهة أم العمالقة.
تعتبر هذه الألواح من بين الأفضل حفظًا في البارثينون، وتتميز بتصويرها الرائع للآلهة في وضعيات قتالية مهيبة. يمكن التعرف على العديد من الآلهة الأولمبية الرئيسية، مثل زيوس وأثينا وبوسيدون، من خلال رموزهم المميزة.
ترمز هذه الألواح إلى انتصار النظام على الفوضى، والعقل على الغريزة، والخير على الشر. كما أنها تعكس الاعتقاد اليوناني القديم بأن الآلهة هي المسؤولة عن الحفاظ على التوازن والوئام في العالم.
ألواح معركة اليونانيين والأمازونيات
تصور الألواح الموجودة على الجانب الغربي من البارثينون معركة بين اليونانيين والأمازونيات، وهن محاربات أسطوريات من آسيا الصغرى. كانت الأمازونيات معروفات بشجاعتهن وقوتهن ومهارتهن في القتال.
تتميز هذه الألواح بتصويرها المتوازن والمتناغم للمعركة، حيث يظهر كل من اليونانيين والأمازونيات كمقاتلين أقوياء ومهرة. تعكس هذه الألواح الاعتقاد اليوناني القديم بأن الحرب يمكن أن تكون نبيلة وشريفة، وأن الشجاعة والمهارة في القتال تستحقان الإعجاب والتقدير.
تعتبر هذه الألواح أيضًا مثالًا على الاهتمام اليوناني القديم بالثقافات والشعوب الأجنبية. على الرغم من أن الأمازونيات كن يعتبرن في الغالب عدوات لليونانيين، إلا أنهن كن أيضًا موضع إعجاب وتقدير لمهاراتهن القتالية وشجاعتهن.
خاتمة
تعتبر ألواح بارثينون النحتية شهادة على الإنجازات الفنية والثقافية للحضارة اليونانية القديمة. تمثل هذه الألواح ذروة النحت اليوناني الكلاسيكي، وتقدم رؤى قيمة حول الأساطير اليونانية والمعتقدات الدينية والممارسات الثقافية. على الرغم من الأضرار التي لحقت بها على مر القرون، لا تزال هذه الألواح تحظى بتقدير كبير من قبل المؤرخين والفنانين وعشاق الفن في جميع أنحاء العالم.