مقدمة
يشير مصطلح “القائم” في اللغة العربية إلى الشخص الذي يقوم بأمر ما، أو الذي ينهض ويثبت على الحق. وقد يحمل هذا اللقب دلالات دينية وتاريخية وسياسية مختلفة، اعتمادًا على السياق الذي يُستخدم فيه. في هذا المقال، سنتناول أبرز الشخصيات والمفاهيم المرتبطة بكلمة “القائم”، مع التركيز على معناها في الإسلام الشيعي وتاريخ بعض الحركات التي اتخذت هذا الاسم.
القائم في اللغة العربية
كلمة “القائم” هي اسم فاعل مشتق من الفعل “قام”. وتعني في اللغة العربية:
- الواقف: عكس الجالس.
- المستقيم: ضد المنحني أو المائل.
- المباشر للأمر: المتولي لشؤون معينة.
- الثابت على الحق: الذي لا يتزعزع في مبادئه.
وبشكل عام، يُستخدم مصطلح “القائم” لوصف الشخص الذي يتميز بالنشاط والجدية والإقدام في أداء مهامه.
القائم في الإسلام الشيعي
في الفكر الإسلامي الشيعي، يحمل لقب “القائم” دلالة خاصة ومهمة، حيث يُطلق على المهدي المنتظر الذي سيظهر في آخر الزمان ليملأ الأرض قسطًا وعدلًا بعدما مُلئت ظلمًا وجورًا. ويعتبر الإيمان بالقائم جزءًا أساسيًا من عقيدة الإمامية الاثني عشرية.
القائم آل محمد: هو اللقب الأشهر للقائم المنتظر، ويعني “القائم من آل بيت النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم”. يعتقد الشيعة الإمامية أن القائم هو الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت، وهو الإمام محمد بن الحسن العسكري، الذي دخل الغيبة الصغرى عام 260 هـ، ثم الغيبة الكبرى، وسيظهر في الوقت المعلوم ليقود العالم نحو العدل والسلام.
صفات القائم في الفكر الشيعي: يتميز القائم المنتظر بصفات عديدة، منها:
- العصمة: فهو معصوم من الخطأ والزلل.
- العلم اللدني: يمتلك علمًا خاصًا من الله تعالى.
- الشجاعة: لا يخاف في الله لومة لائم.
- العدل: يحكم بالعدل المطلق.
- الرحمة: يرحم الضعفاء والمظلومين.
علامات ظهور القائم: يعتقد الشيعة أن هناك علامات تسبق ظهور القائم، منها:
- انتشار الظلم والفساد في الأرض.
- كثرة الحروب والفتن.
- ظهور الدجال.
- خروج السفياني.
- خسف البيداء.
- النداء من السماء.
دور القائم: عندما يظهر القائم، سيقوم بالمهام التالية:
- إقامة العدل والقسط في الأرض.
- تطهير الأرض من الظلم والفساد.
- نشر الإسلام الحق.
- توحيد العالم تحت راية الإسلام.
- الانتصار على الظالمين والمستكبرين.
حركات تاريخية اتخذت اسم “القائم”
على مر التاريخ، ظهرت بعض الحركات والثورات التي اتخذت اسم “القائم” أو ادعت الانتساب إليه، وذلك لتحقيق أهداف سياسية أو دينية. من أبرز هذه الحركات:
دولة القائمين بالأمر في المغرب: هي دولة أسسها أبو عبد الله الشيعي في المغرب في القرن الثالث الهجري (العاشر الميلادي)، واستمرت لفترة قصيرة قبل أن تسقط على يد الفاطميين. كان أبو عبد الله الشيعي داعيةً إسماعيليًا نجح في استقطاب العديد من الأنصار في المغرب، وقام بتأسيس دولة مستقلة باسم “القائمين بالأمر”.
حركات أخرى: ظهرت حركات أخرى في مناطق مختلفة من العالم الإسلامي ادعت الانتساب إلى القائم أو المهدي المنتظر، ولكنها لم تحقق نجاحًا كبيرًا. غالبًا ما كانت هذه الحركات تستغل المعتقدات الدينية لتحقيق أهداف سياسية أو شخصية.
الفرق بين المهدي والقائم
في حين أن مصطلحي “المهدي” و “القائم” غالبًا ما يستخدمان بالتبادل، إلا أن هناك بعض الفروق الدقيقة بينهما في الفكر الشيعي:
- المهدي: هو لقب عام يُطلق على الشخص الذي يهديه الله إلى الحق ويصلح به الأمور.
- القائم: هو لقب خاص يُطلق على المهدي المنتظر الذي سيقوم بأمر الله ويملأ الأرض قسطًا وعدلًا.
بمعنى آخر، كل قائم هو مهدي، ولكن ليس كل مهدي هو قائم. فالمهدي هو الشخص الذي هداه الله، أما القائم فهو المهدي الذي سيقوم بتغيير العالم.
آثار الإيمان بالقائم
الإيمان بالقائم المنتظر له آثار عميقة على حياة الشيعة الإمامية، منها:
- الأمل: يمنح الإيمان بالقائم الشيعة الأمل في مستقبل أفضل، حيث يعتقدون أن القائم سيظهر ليخلصهم من الظلم والجور.
- الصبر: يدعو الإيمان بالقائم إلى الصبر والثبات على الحق، وانتظار الفرج.
- العمل الصالح: يحفز الإيمان بالقائم على العمل الصالح والاجتهاد في طاعة الله، استعدادًا لظهور القائم.
- الاستعداد: يدعو الإيمان بالقائم إلى الاستعداد لظهوره، وذلك من خلال تهذيب النفس وتطهير القلب، والعمل على نشر الخير والعدل في المجتمع.
خاتمة
يمثل مفهوم “القائم” في الفكر الإسلامي الشيعي رمزًا للأمل والعدل والتحرير. فالقائم المنتظر هو الشخص الذي سيظهر في آخر الزمان ليخلص العالم من الظلم والفساد، ويملأه قسطًا وعدلًا. والإيمان بالقائم له آثار عميقة على حياة الشيعة، حيث يمنحهم الأمل والصبر والعمل الصالح والاستعداد لظهوره. على مر التاريخ، ظهرت حركات عديدة اتخذت اسم “القائم”، ولكنها لم تحقق النجاح الذي وعد به الإسلام الشيعي.