مقدمة
الأوغسطينيون الحفاة (باللاتينية: Ordo Augustiniensium Discalceatorum؛ بالاختصار: OAD) هم رهبانية متسولة انفصلت عن رهبنة القديس أوغسطين. نشأت هذه الحركة الإصلاحية في إسبانيا في القرن السادس عشر، وسعت إلى العودة إلى الالتزام الأكثر صرامة بالقاعدة الأوغسطينية الأصلية. يتميز الأوغسطينيون الحفاة بالتزامهم بالفقر، والتأمل، والخدمة الرعوية.
التاريخ
تعود جذور الأوغسطينيين الحفاة إلى القرن السادس عشر في إسبانيا، وهي فترة شهدت حركات إصلاحية مختلفة داخل الكنيسة الكاثوليكية. كان الدافع الرئيسي وراء هذه الحركات هو الرغبة في العودة إلى أصول الرهبنة والالتزام الصارم بقواعدها. في حالة الأوغسطينيين، كان هذا يعني العودة إلى القاعدة التي وضعها القديس أوغسطين، والتي كانت تركز على الحياة المشتركة، والصلاة، والعمل، وخدمة المحتاجين.
بدأت الحركة الإصلاحية داخل الرهبنة الأوغسطينية في إسبانيا، بقيادة بعض الرهبان الذين شعروا أن الرهبنة قد ابتعدت عن مبادئها الأصلية. كان هؤلاء الرهبان يسعون إلى حياة أكثر بساطة وتقشفًا، وإلى مزيد من التركيز على الصلاة والتأمل. كان من بين الشخصيات البارزة في هذه الحركة القديس توماس من فيلانوفا، الذي كان رئيس أساقفة فالنسيا، والذي شجع الرهبان على تبني أسلوب حياة أكثر تواضعًا.
في عام 1588، تم تأسيس أول دير للأوغسطينيين الحفاة في إسبانيا. سرعان ما انتشرت الحركة إلى بلدان أخرى في أوروبا، مثل إيطاليا وفرنسا والبرتغال. لعب الأوغسطينيون الحفاة دورًا مهمًا في الإصلاح الكاثوليكي، المعروف أيضًا باسم الإصلاح المضاد، الذي كان رد فعل الكنيسة الكاثوليكية على الإصلاح البروتستانتي. عمل الأوغسطينيون الحفاة على تعزيز التعليم المسيحي، وتقديم الخدمات الرعوية، ومكافحة البدع.
على مر القرون، واجه الأوغسطينيون الحفاة العديد من التحديات، بما في ذلك الحروب والثورات والاضطهاد الديني. ومع ذلك، فقد تمكنوا من الحفاظ على هويتهم ومهمتهم. اليوم، لا يزال الأوغسطينيون الحفاة موجودين في العديد من البلدان حول العالم، حيث يواصلون خدمتهم للكنيسة والمجتمع.
الروحانية
تتميز روحانية الأوغسطينيين الحفاة بعدة جوانب رئيسية:
- التركيز على القديس أوغسطين: يعتبر القديس أوغسطين مصدر إلهام أساسي للأوغسطينيين الحفاة. إنهم يسعون إلى اتباع مثاله في البحث عن الله، ومحبة الآخرين، والعيش في مجتمع.
- الحياة المشتركة: يعيش الأوغسطينيون الحفاة في مجتمعات حيث يشاركون كل شيء معًا. هذا يشمل الممتلكات، والعمل، والصلاة.
- الصلاة والتأمل: تخصص الأوغسطينيون الحفاة وقتًا كبيرًا للصلاة والتأمل. إنهم يؤمنون بأن هذا هو السبيل الوحيد للوصول إلى معرفة الله ومحبته.
- الفقر: يتعهد الأوغسطينيون الحفاة بالفقر، مما يعني أنهم يتخلون عن جميع الممتلكات الشخصية. إنهم يعيشون ببساطة ويعتمدون على صدقات الآخرين.
- الخدمة: يكرس الأوغسطينيون الحفاة أنفسهم لخدمة الآخرين، وخاصة الفقراء والمحتاجين. إنهم يعملون في المدارس، والمستشفيات، ودور الأيتام، وغيرها من المؤسسات الخيرية.
القاعدة الأوغسطينية
القاعدة الأوغسطينية هي مجموعة من المبادئ التوجيهية التي وضعها القديس أوغسطين لتوجيه الحياة الرهبانية. وهي ليست قاعدة مفصلة مثل بعض القواعد الرهبانية الأخرى، ولكنها تقدم إطارًا عامًا للحياة المشتركة، والصلاة، والعمل، والمحبة. تتضمن بعض الجوانب الرئيسية للقاعدة الأوغسطينية ما يلي:
- الوحدة والمحبة: تشدد القاعدة على أهمية الوحدة والمحبة بين أفراد المجتمع. يجب أن يعيش الرهبان في وئام وأن يحبوا بعضهم البعض كما أحبهم المسيح.
- الصلاة: تشجع القاعدة الرهبان على تخصيص وقت للصلاة والتأمل. يجب أن يصلوا معًا بانتظام وأن يقرأوا الكتاب المقدس.
- العمل: يجب على الرهبان أن يعملوا بجد لكسب لقمة العيش. يجب أن يشاركوا في الأعمال اليدوية أو الفكرية التي تفيد المجتمع.
- الفقر: يجب على الرهبان أن يعيشوا حياة بسيطة ومتواضعة. يجب أن يتخلوا عن جميع الممتلكات الشخصية وأن يعتمدوا على صدقات الآخرين.
- الطاعة: يجب على الرهبان أن يطيعوا رؤسائهم وأن يلتزموا بقواعد الرهبنة. يجب أن يكونوا خاضعين لسلطة الكنيسة.
الأعمال
يشارك الأوغسطينيون الحفاة في مجموعة متنوعة من الأعمال، بما في ذلك:
- التعليم: يدير الأوغسطينيون الحفاة المدارس والكليات في العديد من البلدان حول العالم. إنهم ملتزمون بتوفير تعليم عالي الجودة للشباب.
- الرعاية الصحية: يدير الأوغسطينيون الحفاة المستشفيات والعيادات في العديد من البلدان حول العالم. إنهم ملتزمون بتوفير الرعاية الصحية للمرضى والمحتاجين.
- العمل الاجتماعي: يشارك الأوغسطينيون الحفاة في مجموعة متنوعة من الأعمال الاجتماعية، مثل مساعدة الفقراء والمشردين، وتقديم الدعم للمهاجرين واللاجئين، وتعزيز العدالة الاجتماعية.
- الرعاية الرعوية: يقدم الأوغسطينيون الحفاة الرعاية الرعوية للرعايا والكنائس في العديد من البلدان حول العالم. إنهم يحتفلون بالقداس، ويعظون، ويقدمون المشورة الروحية.
- التبشير: يشارك الأوغسطينيون الحفاة في التبشير في العديد من البلدان حول العالم. إنهم يعملون على نشر الإنجيل وتعزيز الإيمان المسيحي.
الشخصيات البارزة
من بين الشخصيات البارزة في تاريخ الأوغسطينيين الحفاة:
- القديس توماس من فيلانوفا: رئيس أساقفة فالنسيا الذي شجع الرهبان على تبني أسلوب حياة أكثر تواضعًا.
- القديس نيكولاس من توليentino: راهب أوغسطيني كان معروفًا بتقواه ومعجزاته.
- القديسة ريتا من كاسيا: راهبة أوغسطينية كانت معروفة بصبرها وقوتها في مواجهة المعاناة.
الانتشار العالمي
ينتشر الأوغسطينيون الحفاة في العديد من البلدان حول العالم، بما في ذلك:
- أوروبا: إسبانيا، إيطاليا، فرنسا، البرتغال، بولندا، جمهورية التشيك، وغيرها.
- أمريكا اللاتينية: البرازيل، الأرجنتين، المكسيك، كولومبيا، وغيرها.
- آسيا: الهند، الفلبين، إندونيسيا، وغيرها.
- أفريقيا: نيجيريا، كينيا، تنزانيا، وغيرها.
في كل هذه البلدان، يعمل الأوغسطينيون الحفاة على خدمة الكنيسة والمجتمع من خلال التعليم، والرعاية الصحية، والعمل الاجتماعي، والرعاية الرعوية، والتبشير.
التحديات المعاصرة
يواجه الأوغسطينيون الحفاة اليوم العديد من التحديات، مثل:
- نقص الدعوات: تواجه العديد من الرهبانيات الدينية، بما في ذلك الأوغسطينيون الحفاة، نقصًا في عدد الأشخاص الذين يرغبون في الانضمام إليها.
- الشيخوخة: يتقدم أعضاء العديد من الرهبانيات الدينية في السن، مما قد يؤثر على قدرتهم على القيام بأعمالهم.
- العلمنة: تتسبب العلمنة المتزايدة في العديد من البلدان في صعوبة نشر الإنجيل وتعزيز الإيمان المسيحي.
- الفقر والظلم: لا يزال الفقر والظلم يمثلان تحديات كبيرة في العديد من البلدان حول العالم. يسعى الأوغسطينيون الحفاة إلى معالجة هذه المشكلات من خلال أعمالهم الاجتماعية والخيرية.
على الرغم من هذه التحديات، يظل الأوغسطينيون الحفاة ملتزمين بمهمتهم في خدمة الكنيسة والمجتمع. إنهم يسعون إلى التكيف مع الظروف المتغيرة والاستمرار في تقديم شهادة حية للإنجيل.
خاتمة
الأوغسطينيون الحفاة هم رهبانية دينية ذات تاريخ طويل ومميز. لقد لعبوا دورًا مهمًا في الإصلاح الكاثوليكي وما بعده، ولا يزالون يخدمون الكنيسة والمجتمع في العديد من البلدان حول العالم. تتميز روحانيتهم بالتركيز على القديس أوغسطين، والحياة المشتركة، والصلاة والتأمل، والفقر، والخدمة. على الرغم من التحديات المعاصرة، يظل الأوغسطينيون الحفاة ملتزمين بمهمتهم في نشر الإنجيل وتعزيز العدالة الاجتماعية.