<![CDATA[
نشأته وتعليمه
ولد نيلس ستريندبرغ في ستوكهولم بالسويد. كان والده يوهان أوسكار ستريندبرغ يعمل صحفيًا ومحررًا في صحيفة “داجنز نيهايتر” اليومية البارزة. كان لنيلس شقيق أكبر، هو عالم الفيزياء الشهير تور ستريندبرغ. أظهر نيلس اهتمامًا مبكرًا بالعلوم والرياضيات، والتحق بجامعة أوبسالا، حيث درس الفيزياء والكيمياء والرياضيات.
خلال فترة وجوده في أوبسالا، برع ستريندبرغ في دراسته وأصبح مساعدًا لأستاذ الفيزياء. كما انخرط في الأنشطة الرياضية، بما في ذلك التزلج على الجليد والتجديف، مما يدل على طبيعته المغامرة وروحه الرياضية.
التحضير لبعثة القطب الشمالي
في عام 1896، انضم نيلس ستريندبرغ إلى سالومون أوجوست أندريه، وهو مهندس ومغامر سويدي، في التخطيط لرحلة استكشافية طموحة إلى القطب الشمالي باستخدام منطاد يعمل بالهيدروجين. كان أندريه يعتقد أن المنطاد يمكن أن يوفر وسيلة موثوقة لعبور القطب الشمالي وجمع البيانات العلمية.
تم اختيار ستريندبرغ لمهاراته العلمية وخبرته في التصوير. كان من المقرر أن يكون المصور الرسمي للبعثة، حيث يقوم بتوثيق الرحلة والتقاط صور فوتوغرافية للمناظر الطبيعية القطبية. قبل انطلاق البعثة، خضع ستريندبرغ لتدريب مكثف في التصوير الفوتوغرافي في ظروف القطب الشمالي. تعلم كيفية استخدام معدات تصوير خاصة مصممة لتحمل درجات الحرارة المنخفضة والإضاءة المنخفضة.
بالإضافة إلى مهامه المتعلقة بالتصوير الفوتوغرافي، كان ستريندبرغ مسؤولاً أيضًا عن إجراء الملاحظات العلمية أثناء الرحلة. كان سيجمع بيانات حول الأرصاد الجوية والمغناطيسية الأرضية والجوانب الأخرى للبيئة القطبية.
بعثة أندريه البالونية
في صيف عام 1897، انطلقت بعثة أندريه البالونية من جزيرة دانز في سفالبارد بالنرويج. كان المنطاد، الذي أطلق عليه اسم “النورس”، مملوءًا بالهيدروجين وكان من المفترض أن يحمل أندريه وستريندبرغ وكنوت فرانكل عبر القطب الشمالي إلى روسيا أو كندا.
ومع ذلك، واجهت البعثة صعوبات غير متوقعة بعد وقت قصير من إقلاعها. تسببت الرياح القوية ودرجات الحرارة الباردة في تسرب الهيدروجين من المنطاد، مما أجبر المجموعة على الهبوط على الجليد بعد ثلاثة أيام فقط من الطيران. نجا الرجال الثلاثة من الهبوط، لكنهم وجدوا أنفسهم تقطعت بهم السبل في منطقة القطب الشمالي المتجمدة، على بعد مئات الأميال من أقرب مستوطنة بشرية.
على مدى الأشهر التالية، شرع أندريه وستريندبرغ وفرانكل في رحلة محفوفة بالمخاطر عبر الجليد في محاولة للوصول إلى بر الأمان. لقد سحبوا الزلاجات المحملة بالإمدادات والمعدات، وكانوا يسيرون عبر التضاريس الوعرة والظروف الجوية القاسية. سجل ستريندبرغ التجربة في مذكراته، وقدم وصفًا تفصيليًا لصراعات المجموعة وآمالها.
على الرغم من جهودهم، لم يتمكن الرجال الثلاثة من النجاة من الشتاء القطبي. توفي ستريندبرغ وفرانكل في أكتوبر 1897، بينما توفي أندريه بعد ذلك بوقت قصير. ظلت أسباب وفاتهم الدقيقة غير معروفة لسنوات عديدة.
اكتشاف الرفات
في عام 1930، عثرت بعثة استكشافية نرويجية على بقايا معسكر بعثة أندريه في جزيرة وايت. تم العثور على جثث أندريه وستريندبرغ وفرانكل، إلى جانب مذكراتهم ومعدات التصوير الفوتوغرافي والأشياء الشخصية الأخرى. وفر الاكتشاف معلومات قيمة عن الرحلة المصيرية وظروف وفاة المستكشفين.
تم العثور على الكاميرا التي كان يستخدمها نيلس ستريندبرغ، وكذلك بعض الأفلام التي التقطها خلال البعثة. على الرغم من تعرض الأفلام للظروف القاسية، تمكن العلماء من تطوير بعض الصور. قدمت هذه الصور لمحة فريدة عن البيئة القطبية وتجربة المستكشفين.
إرث نيلس ستريندبرغ
يظل نيلس ستريندبرغ شخصية بارزة في تاريخ الاستكشاف القطبي. يجسد تفانيه في العلوم والتصوير الفوتوغرافي وشجاعته في مواجهة الشدائد روح المغامرة والاكتشاف التي ميزت العصر البطولي للاستكشاف القطبي. على الرغم من نهايته المأساوية، ساهمت أعمال ستريندبرغ في فهمنا للقطب الشمالي ولا تزال تلهم المستكشفين والعلماء حتى اليوم.
بالإضافة إلى مساهماته العلمية والتصويرية، يُذكر ستريندبرغ أيضًا بسبب طبيعته المتعاطفة ورحمته. تظهر مذكراته رسائل عديدة موجهة إلى خطيبته آنا تشارلييه، حيث عبر عن حبه العميق واهتمامه بها. تم نشر هذه الرسائل لاحقًا وأصبحت مصدر إلهام للعديد من الأزواج.
تم عرض صور ستريندبرغ في المتاحف والمعارض في جميع أنحاء العالم، مما يوفر للجمهور نظرة آسرة على الجمال الجامح والقسوة في القطب الشمالي. تستمر صوره في إلهام الفنانين والمصورين والمستكشفين حتى اليوم.
تُظهر قصة نيلس ستريندبرغ تضحيات المستكشفين الأوائل وأهمية التعاون العلمي. من خلال عملهم، وسع هؤلاء الرواد معرفتنا بالعالم ومهدوا الطريق للاكتشافات المستقبلية.
آثار البعثة
- المذكرات: تم العثور على مذكرات أندريه وستريندبرغ، وقدمت تفاصيل مهمة حول سير البعثة اليومي والتحديات التي واجهتهم.
- الصور: على الرغم من مرور أكثر من ثلاثين عامًا على وفاة أفراد البعثة، تم العثور على بعض الصور التي التقطها ستريندبرغ وتم تطويرها لاحقًا، مما يوفر رؤى بصرية نادرة حول البيئة القطبية في ذلك الوقت.
- المعدات والأدوات: تم العثور على بعض المعدات والأدوات التي استخدموها، مما سمح للباحثين بفهم التقنيات المستخدمة في ذلك الوقت بشكل أفضل.
ميراث دائم
على الرغم من النهاية المأساوية للبعثة، إلا أن قصة نيلس ستريندبرغ وأندريه وفرانكل لا تزال تلهم الكثيرين حتى اليوم. تظل تضحياتهم ورغبتهم في استكشاف المجهول بمثابة شهادة على الروح البشرية التي لا تقهر. تم تخليد قصتهم في الكتب والأفلام والمعارض، مما يضمن أن أعمالهم لن تُنسى أبدًا.
خاتمة
كان نيلس ستريندبرغ شخصية بارزة في تاريخ الاستكشاف القطبي، بصفته عالمًا ومصورًا شارك في بعثة أندريه البالونية المصيرية. على الرغم من أن البعثة انتهت بشكل مأساوي، إلا أن مساهمات ستريندبرغ في العلوم والتصوير الفوتوغرافي، بالإضافة إلى شجاعته وتفانيه، لا تزال تلهم الأجيال. يظل إرثه بمثابة تذكير بأهمية الاستكشاف العلمي وقوة الروح الإنسانية.