<![CDATA[
مقدمة
تعتبر رواية “ثم لم يبق أحد” للكاتبة البريطانية أجاثا كريستي واحدة من أعظم أعمالها على الإطلاق، بل إنها تصنف ضمن أفضل روايات الجريمة في تاريخ الأدب العالمي. نُشرت هذه الرواية لأول مرة في عام 1939، وسرعان ما حققت نجاحًا باهرًا، لتصبح علامة فارقة في مسيرة كريستي الأدبية. تتميز الرواية بأسلوبها المشوق، وحبكتها المعقدة، وشخصياتها المتنوعة، ونهايتها المفاجئة التي تصدم القارئ.
تدور أحداث الرواية حول عشرة أشخاص غرباء يتم استدعاؤهم إلى جزيرة معزولة قبالة ساحل ديفون في إنجلترا. يتم استضافتهم في قصر فاخر من قبل مضيف غامض غير معروف. سرعان ما يكتشف الضيوف أنهم محاصرون في الجزيرة، وأنهم متهمون بارتكاب جرائم في الماضي. تبدأ الأحداث بالتصاعد مع موت الضيوف واحدًا تلو الآخر، وفقًا لأبيات أغنية أطفال قديمة. يزداد الرعب والشك بين الناجين، بينما يحاولون كشف هوية القاتل قبل أن يصبحوا الضحية التالية.
ملخص الحبكة
تبدأ القصة بوصول ثمانية أشخاص إلى جزيرة الجندي (Soldier Island)، وهي جزيرة معزولة قبالة ساحل ديفون. تم استدعاء هؤلاء الأشخاص من قبل مضيف غامض يُدعى “أوين” (U.N. Owen)، الذي لم يلتقوا به من قبل. ينضم إليهم الخادمان توماس وإثيل روجرز، ليصبح العدد الإجمالي عشرة أشخاص. بعد تناول العشاء، يُشغل تسجيل صوتي يتهم كل واحد من الضيوف العشرة بارتكاب جريمة قتل لم يُعاقبوا عليها.
بعد ذلك بوقت قصير، يموت أنتوني مارستون، وهو شاب متهور، بتسمم السيانيد. في الليلة التالية، تموت إثيل روجرز أثناء نومها. يدرك الضيوف أنهم محاصرون في الجزيرة، وأنهم يتعرضون للقتل واحدًا تلو الآخر، وفقًا لأبيات أغنية أطفال قديمة بعنوان “عشرة جنود صغار” (Ten Little Soldiers). توجد عشرة تماثيل صغيرة للجنود على طاولة الطعام، ومع كل وفاة، يختفي تمثال واحد.
يتحول الجو إلى حالة من الذعر والشك المتبادل. يحاول الدكتور أرمسترونج والقاضي وارغريف تولي زمام الأمور، ويقترحون البحث في الجزيرة عن القاتل المختبئ. ومع ذلك، تستمر الوفيات. يموت الجنرال ماكنزي أثناء جلوسه على الشرفة، وتُقتل الآنسة برينت بحقنة مسمومة. يكتشف الضيوف أنهم معزولون تمامًا عن العالم الخارجي، وأن لا أحد سيأتي لإنقاذهم.
يُقتل القاضي وارغريف، ويبدو أنه الضحية التالية. يزداد الرعب واليأس بين الناجين. يُقتل السيد روجرز أثناء تقطيع الخشب، وتغرق فيرا كلايثورن في البحر. يبقى الدكتور أرمسترونج و فيليب لومبارد و ويليام بلور على قيد الحياة، ولكن سرعان ما يختفي الدكتور أرمسترونج. يُعثر على جثة بلور مسحوقة بحجر رخامي يسقط عليه من الأعلى.
يبقى فيليب لومبارد وفيرا كلايثورن هما الناجيان الوحيدان. تشك فيرا في لومبارد، وتسرق مسدسه. تطلق فيرا النار على لومبارد، وتظن أنها قضت على القاتل. تعود فيرا إلى القصر، وتجد حبلًا معلقًا في غرفتها. تتذكر فيرا جريمتها الأصلية، وتشعر بالذنب واليأس. تقوم فيرا بشنق نفسها.
بعد انتهاء القصة، يعثر البحارة على رسالة في زجاجة عائمة في البحر. تكشف الرسالة عن هوية القاتل، وهي القاضي وارغريف. قام وارغريف بتزييف موته، ثم استمر في قتل الضحايا الآخرين. كان وارغريف مهووسًا بالعدالة، وقرر معاقبة الأشخاص الذين أفلتوا من العدالة.
الشخصيات الرئيسية
- القاضي وارغريف: قاض متقاعد يتمتع بسمعة طيبة، لكنه يخفي ماضٍ مظلم.
- فيرا كلايثورن: معلمة رياض أطفال شابة، متهمة بالتسبب في غرق طفل صغير.
- فيليب لومبارد: مرتزق ومغامر، متهم بقتل مجموعة من السكان الأصليين في إفريقيا.
- الدكتور أرمسترونج: طبيب مشهور، متهم بالتسبب في وفاة مريضة أثناء إجراء عملية جراحية.
- الآنسة إميلي برينت: امرأة عجوز متدينة، متهمة بالتسبب في انتحار خادمتها.
- الجنرال ماكنزي: ضابط عسكري متقاعد، متهم بقتل زوج زوجته.
- أنتوني مارستون: شاب ثري ومتهور، متهم بقتل طفلين في حادث سيارة.
- السيد روجرز: خادم وزوجته إثيل، متهمان بالتسبب في وفاة صاحبتهما.
- ويليام بلور: ضابط شرطة سابق، متهم بتقديم شهادة زور أدت إلى إعدام رجل بريء.
التحليل والمواضيع
تستكشف رواية “ثم لم يبق أحد” العديد من المواضيع الهامة، بما في ذلك:
- العدالة والانتقام: هل من المبرر أن يأخذ شخص ما القانون بيده لمعاقبة المجرمين الذين أفلتوا من العدالة؟
- الذنب والندم: كيف يمكن للذنب أن يؤثر على حياة الإنسان؟ هل يمكن التغلب على الندم؟
- الطبيعة البشرية: كيف يتصرف الناس عندما يواجهون خطرًا مميتًا؟ هل يمكن الوثوق بأحد؟
- العزلة والوحدة: كيف تؤثر العزلة على النفسية البشرية؟
- الغموض والتشويق: كيف تخلق أجاثا كريستي جوًا من الغموض والتشويق يبقي القارئ متيقظًا حتى النهاية؟
تستخدم أجاثا كريستي في هذه الرواية العديد من التقنيات الأدبية لخلق جو من التشويق والإثارة. تعتمد الكاتبة على عنصر المفاجأة، والشخصيات المعقدة، والحبكة المحكمة، والأجواء المظلمة لخلق تجربة قراءة لا تُنسى.
التأثير والإرث
تعتبر رواية “ثم لم يبق أحد” من أكثر روايات أجاثا كريستي شهرة وتأثيرًا. تم اقتباس الرواية في العديد من الأفلام والمسرحيات والبرامج التلفزيونية. ألهمت الرواية العديد من الكتاب الآخرين، وأثرت في تطور أدب الجريمة. لا تزال الرواية تُقرأ وتُستمتع بها من قبل الملايين من القراء حول العالم حتى اليوم.
الجوائز والتقديرات
- تعتبر واحدة من أكثر الكتب مبيعًا على مستوى العالم، حيث بيع منها أكثر من 100 مليون نسخة.
- تم اختيارها كأفضل رواية جريمة في كل العصور من قبل العديد من المنظمات والمجلات.
- تم إدراجها في قائمة أفضل 100 رواية في القرن العشرين من قبل صحيفة لوموند الفرنسية.
الاقتباسات
تم تحويل الرواية إلى العديد من الأفلام والمسرحيات والمسلسلات التلفزيونية. من بين أشهر الاقتباسات:
- فيلم “And Then There Were None” (1945): بطولة باري فيتزجيرالد ووالتر هيوستن.
- فيلم “Ten Little Indians” (1965): بطولة هيو أوبراين وشيرلي إيتون.
- مسلسل “And Then There Were None” (2015): بطولة مايف ديرمود وتشارلز دانس.
خاتمة
تظل رواية “ثم لم يبق أحد” تحفة أدبية فريدة من نوعها. إنها رواية جريمة مثيرة ومشوقة، تستكشف أعماق النفس البشرية، وتطرح أسئلة هامة حول العدالة والانتقام والذنب. إذا كنت من محبي أدب الجريمة، فإن هذه الرواية هي قراءة لا بد منها.