<![CDATA[
خلفية التأسيس
تأسست المنظمة في فترة شهدت فيها قبرص توترات عرقية متزايدة بين القبارصة اليونانيين والقبارصة الأتراك. بعد استقلال قبرص عن بريطانيا في عام 1960، تصاعدت الخلافات حول تقاسم السلطة والمشاركة في الحكم، مما أدى إلى أعمال عنف متفرقة. كان جورجيوس غريفاس، الزعيم السابق لمنظمة EOKA التي ناضلت من أجل الاستقلال عن بريطانيا في الخمسينيات، يعتقد أن الحل الوحيد هو الوحدة مع اليونان، وقام بتشكيل EOKA B لتحقيق هذا الهدف بالقوة.
كانت المنظمة مدعومة من قبل بعض العناصر المتطرفة في اليونان وقبرص، الذين رأوا فيها وسيلة لتحقيق طموحاتهم القومية. كما استفادت من الدعم الشعبي المتزايد بين القبارصة اليونانيين الذين كانوا يشعرون بالإحباط من الوضع السياسي والاقتصادي في الجزيرة.
الأهداف والاستراتيجيات
كان الهدف الرئيسي لـ EOKA B هو تحقيق الوحدة بين قبرص واليونان (إينوسيس). لتحقيق هذا الهدف، اتبعت المنظمة استراتيجية تقوم على:
- العنف والترهيب: استهدفت EOKA B القبارصة الأتراك واليونانيين الذين كانوا يعارضون الوحدة مع اليونان. نفذت المنظمة العديد من الهجمات والتفجيرات وعمليات الاغتيال، مما أدى إلى سقوط العديد من الضحايا المدنيين.
- الضغط السياسي: سعت EOKA B إلى الضغط على الحكومة القبرصية لتبني سياسات مؤيدة للوحدة مع اليونان. كما حاولت التأثير على الرأي العام من خلال الدعاية والإعلام.
- الدعم الخارجي: سعت EOKA B إلى الحصول على الدعم المالي والعسكري من اليونان ومن الجماعات القومية المتطرفة الأخرى.
الأحداث الرئيسية
شاركت EOKA B في العديد من الأحداث الرئيسية التي أدت إلى تفاقم الأزمة القبرصية، بما في ذلك:
- أزمة عام 1974: في يوليو 1974، قامت EOKA B بانقلاب عسكري للإطاحة بالرئيس القبرصي المنتخب ديمقراطياً، مكاريوس الثالث. كان الهدف من الانقلاب هو الإعداد للوحدة مع اليونان.
- الغزو التركي لقبرص: رداً على الانقلاب، قامت تركيا بغزو شمال قبرص في يوليو وأغسطس 1974. أدى الغزو إلى تقسيم الجزيرة وتهجير مئات الآلاف من القبارصة اليونانيين والأتراك.
- المذابح والفظائع: ارتكبت EOKA B العديد من الفظائع ضد القبارصة الأتراك واليونانيين، بما في ذلك مذبحة ماراثا وسانتالاريس وألودا. كما ارتكبت القوات التركية فظائع مماثلة ضد القبارصة اليونانيين.
تداعيات وأثر
كان لـ EOKA B تأثير مدمر على قبرص. أدت أعمال العنف التي ارتكبتها المنظمة إلى تفاقم التوترات العرقية وتقسيم الجزيرة وتهجير مئات الآلاف من الأشخاص. كما ساهمت في تقويض الديمقراطية والاستقرار في قبرص.
بعد الغزو التركي لقبرص، فقدت EOKA B الكثير من الدعم الشعبي وتضاءل نفوذها. ومع ذلك، استمرت بعض العناصر المتطرفة في المنظمة في ممارسة العنف حتى الثمانينيات. لا تزال قضية قبرص من القضايا العالقة التي لم يتم حلها حتى اليوم.
دور جورجيوس غريفاس: لعب جورجيوس غريفاس دورًا محوريًا في تأسيس وقيادة EOKA B. كان غريفاس شخصية مثيرة للجدل، حيث يعتبره البعض بطلاً قومياً قاتل من أجل الوحدة مع اليونان، بينما يعتبره آخرون مجرم حرب مسؤولاً عن الفظائع التي ارتكبت ضد القبارصة الأتراك واليونانيين.
الجدل حول EOKA B: لا تزال EOKA B موضوعًا للجدل في قبرص واليونان. يرى البعض أن المنظمة كانت ضرورية لتحقيق الوحدة مع اليونان، بينما يرى آخرون أنها كانت قوة تخريبية ساهمت في تقسيم الجزيرة والمعاناة الإنسانية. من الصعب التوصل إلى تقييم موضوعي لدور EOKA B في التاريخ القبرصي، حيث أن الآراء حولها لا تزال متأثرة بالانتماءات العرقية والسياسية.
تأثير EOKA B على العلاقات اليونانية التركية: كان لتأسيس EOKA B وأنشطتها تأثير سلبي كبير على العلاقات اليونانية التركية. ساهمت المنظمة في تفاقم التوترات بين البلدين وأدت إلى تدهور الثقة المتبادلة. لا تزال قضية قبرص تمثل عقبة رئيسية أمام تحسين العلاقات بين اليونان وتركيا.
دروس مستفادة من تاريخ EOKA B: يقدم تاريخ EOKA B دروسًا قيمة حول مخاطر التطرف القومي والعنف السياسي. يوضح كيف يمكن أن يؤدي التعصب والتحيز إلى الكوارث الإنسانية وتقويض الديمقراطية والاستقرار. من المهم أن نتعلم من أخطاء الماضي وأن نسعى إلى حل النزاعات بالطرق السلمية والحوار البناء.
المنظمات المشابهة
تتشابه EOKA B مع العديد من المنظمات القومية المتطرفة الأخرى التي ظهرت في مناطق مختلفة من العالم. تتشارك هذه المنظمات في العديد من الخصائص، بما في ذلك:
- الأيديولوجية القومية المتطرفة: تؤمن هذه المنظمات بتفوق قوميتها وتعتقد أنها يحق لها استخدام العنف لتحقيق أهدافها.
- العداء للأقليات العرقية والدينية: تعتبر هذه المنظمات الأقليات العرقية والدينية تهديدًا لوحدتها القومية وتسعى إلى إقصائها أو تصفيتها.
- استخدام العنف والترهيب: تلجأ هذه المنظمات إلى العنف والترهيب لتحقيق أهدافها وإسكات المعارضة.
- الدعم الخارجي: غالبًا ما تتلقى هذه المنظمات الدعم المالي والعسكري من الدول والجماعات القومية المتطرفة الأخرى.
من أمثلة المنظمات المشابهة لـ EOKA B:
- منظمة الجيش السري (OAS) في الجزائر: كانت منظمة فرنسية متطرفة عارضت استقلال الجزائر ولجأت إلى العنف والترهيب ضد الجزائريين والفرنسيين الذين كانوا يؤيدون الاستقلال.
- المنظمة السرية الأرمنية لتحرير أرمينيا (ASALA): كانت منظمة أرمينية متطرفة نفذت العديد من الهجمات الإرهابية ضد المصالح التركية في جميع أنحاء العالم للمطالبة بالاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن.
- منظمة إيتا (ETA) في إسبانيا: كانت منظمة باسکیة مسلحة تهدف إلى إنشاء دولة باسکیة مستقلة في شمال إسبانيا وجنوب فرنسا.
تعتبر هذه المنظمات أمثلة على كيف يمكن أن يؤدي التطرف القومي والعنف السياسي إلى تدمير المجتمعات والمعاناة الإنسانية. من المهم أن نتعلم من أخطاء الماضي وأن نسعى إلى حل النزاعات بالطرق السلمية والحوار البناء.
خاتمة
كانت EOKA B منظمة قومية متطرفة لعبت دورًا مدمرًا في تاريخ قبرص. أدت أعمال العنف التي ارتكبتها المنظمة إلى تفاقم التوترات العرقية وتقسيم الجزيرة والمعاناة الإنسانية. من المهم أن نتعلم من أخطاء الماضي وأن نسعى إلى حل النزاعات بالطرق السلمية والحوار البناء.