مقدمة
تُعد عمليات التفتيش المصاحبة للتوقيف القانوني، والمعروفة أيضًا باسم “التفتيش المصاحب للاعتقال” أو “قاعدة تشيميل” (من قضية تشيميل ضد كاليفورنيا)، استثناءً هامًا من شرط الحصول على أمر تفتيش بموجب التعديل الرابع لدستور الولايات المتحدة. تسمح هذه القاعدة لضباط إنفاذ القانون بالبحث عن شخص ما واعتقاله، وكذلك المنطقة التي يسيطر عليها هذا الشخص بشكل مباشر، دون الحاجة إلى الحصول على أمر تفتيش، إذا تم التوقيف بشكل قانوني. يهدف هذا الإجراء إلى ضمان سلامة الضباط ومنع تدمير الأدلة أو إتلافها.
الأساس القانوني: التعديل الرابع
يشكل التعديل الرابع للدستور الأمريكي حجر الزاوية في حماية الأفراد من عمليات التفتيش والمصادرة غير المعقولة. ينص التعديل على أن “حق الأشخاص في أن يكونوا آمنين في منازلهم وأشخاصهم وأوراقهم وممتلكاتهم، ضد عمليات التفتيش والمصادرة غير المعقولة، يجب ألا يُنتهك، ولا يجوز إصدار أوامر، إلا بناءً على سبب محتمل، تدعمها الشهادة أو التأكيد، وتصف على وجه التحديد المكان الذي سيتم تفتيشه، والأشخاص أو الأشياء التي سيتم ضبطها.”
على الرغم من هذا الحق الأساسي، أقرت المحاكم باستثناءات متنوعة لقاعدة أمر التفتيش. التفتيش المصاحب للتوقيف هو أحد هذه الاستثناءات.
أصل قاعدة تشيميل
تم تحديد نطاق عمليات التفتيش المصاحبة للتوقيف بشكل كبير في قضية تشيميل ضد كاليفورنيا (1969). في هذه القضية، قامت الشرطة بتفتيش منزل تشيميل بأكمله بعد اعتقاله بتهمة سرقة متجر. رأت المحكمة العليا أن نطاق هذا التفتيش كان واسعًا جدًا، وأن التعديل الرابع يسمح فقط بتفتيش شخص المعتقل والمنطقة المباشرة تحت سيطرته في وقت الاعتقال.
خلصت المحكمة إلى أن الغرض من التفتيش المصاحب للتوقيف هو:
- حماية ضباط الشرطة من الأذى، من خلال إزالة الأسلحة أو الأدوات الأخرى التي قد يستخدمها المعتقل لمهاجمة الضباط أو الهرب.
- منع المعتقل من تدمير الأدلة أو إتلافها، والتي قد تُستخدم ضده في المحاكمة.
بموجب هذه المنطق، حددت المحكمة نطاق التفتيش المصاحب للتوقيف إلى المنطقة التي يسيطر عليها المعتقل بشكل مباشر. وهذا يعني أنه يمكن للضباط تفتيش جسم المعتقل، وكذلك أي منطقة يمكن للمعتقل الوصول إليها أو الوصول إليها بسهولة في وقت التوقيف.
نطاق التفتيش
تحدد قاعدة تشيميل نطاق التفتيش المصاحب للتوقيف. يجب أن يقتصر التفتيش على ما يلي:
- جسم المعتقل: يجوز للضباط تفتيش جسم المعتقل، بما في ذلك الملابس، بحثًا عن الأسلحة أو الأدلة.
- المنطقة المباشرة تحت سيطرة المعتقل: هذه هي المنطقة التي يمكن للمعتقل الوصول إليها أو الوصول إليها بسهولة. قد يشمل ذلك مساحة صغيرة حول الشخص، مثل الدرج الذي يمكن للمعتقل الوصول إليه، أو السيارة التي كان يقودها المعتقل مباشرة قبل الاعتقال.
لا يجوز للضباط، بشكل عام، تفتيش مناطق أبعد من سيطرة المعتقل، ما لم يكن لديهم سبب محتمل إضافي للحصول على أمر تفتيش. على سبيل المثال، إذا كان المعتقل في منزله، فلا يمكن للضباط البحث في جميع أنحاء المنزل بأكمله كجزء من التفتيش المصاحب للتوقيف. ومع ذلك، إذا كان لدى الضباط سبب معقول للاعتقاد بأن هناك أدلة في غرفة أخرى من المنزل، فقد يحصلون على أمر تفتيش لتلك المنطقة المحددة.
القيود على التفتيش
هناك قيود معينة على نطاق ومدة التفتيش المصاحب للتوقيف:
- التوقيت: يجب أن يتم التفتيش في نفس وقت الاعتقال أو بشكل مباشر. إذا تم اعتقال شخص ما، ثم تم نقله إلى مركز الشرطة، فلا يجوز للضباط إجراء عملية تفتيش مصاحبة للتوقيف في مركز الشرطة، ما لم يكن هناك سبب آخر.
- النطاق: يجب أن يقتصر التفتيش على المنطقة المباشرة تحت سيطرة المعتقل. لا يجوز للضباط إجراء عمليات بحث عامة أو “صيد السمك”.
- المدة: يجب أن يكون التفتيش قصيرًا ومحدودًا في المدة. لا يمكن للضباط تأخير التوقيف أو التفتيش لفترة طويلة.
عمليات التفتيش في المركبات
في حالة اعتقال شخص ما في مركبة، يمتد التفتيش المصاحب للتوقيف إلى مقصورة الركاب في السيارة، وكذلك أي حاويات داخل السيارة التي يمكن للمعتقل الوصول إليها. ومع ذلك، لا يمكن للضباط تفتيش صندوق السيارة ما لم يكن هناك سبب محتمل آخر، مثل الاشتباه في وجود أسلحة أو مخدرات.
في قضية نيويورك ضد بيلتون (1981)، أقرت المحكمة العليا نطاق تفتيش السيارة المصاحب للتوقيف. حكمت المحكمة بأنه يجوز للضباط تفتيش مقصورة الركاب في السيارة، بما في ذلك أي حاويات، مغلقة أو غير مغلقة، موجودة في المقصورة. يهدف هذا الحكم إلى توفير الأمان لضباط الشرطة ومنع تدمير الأدلة.
الاستثناءات من قاعدة تشيميل
على الرغم من أن قاعدة تشيميل تحدد نطاق التفتيش المصاحب للتوقيف، إلا أن هناك بعض الاستثناءات:
- البحث الوقائي: في حالة وجود سبب معقول للاعتقاد بأن شخصًا ما، أو السيارة التي تم فيها الاعتقال، يحمل أسلحة، يمكن للضباط إجراء عملية بحث وقائي، والتي هي أكثر تفصيلاً من البحث العادي المصاحب للتوقيف.
- الظروف الطارئة: إذا كانت هناك ظروف طارئة، مثل خطر وشيك على سلامة الضباط أو الجمهور، يجوز للضباط إجراء عملية تفتيش دون أمر تفتيش، حتى لو لم يكن هناك اعتقال.
- أدلة قابلة للتلف: إذا كان هناك خطر وشيك من تدمير الأدلة أو إتلافها، يجوز للضباط إجراء عملية تفتيش دون أمر تفتيش.
المسائل المتعلقة بالتكنولوجيا
مع تطور التكنولوجيا، طرحت مسائل جديدة تتعلق بعمليات التفتيش المصاحبة للتوقيف. على سبيل المثال، ما إذا كان يجوز للضباط تفتيش هاتف محمول كجزء من عملية تفتيش مصاحبة للتوقيف. في قضية ريلي ضد كاليفورنيا (2014)، حكمت المحكمة العليا بأنه لا يجوز للضباط، بشكل عام، تفتيش هاتف محمول دون الحصول على أمر تفتيش. ويرجع ذلك إلى حقيقة أن الهواتف المحمولة يمكن أن تحتوي على كمية كبيرة من المعلومات الشخصية، وأن تفتيشها يشكل انتهاكًا للخصوصية.
الأخطاء الشائعة في تطبيق قاعدة تشيميل
تعتبر قاعدة تشيميل معقدة، ويمكن أن يرتكب ضباط الشرطة أخطاء عند تطبيقها. تشمل بعض الأخطاء الشائعة:
- تجاوز نطاق التفتيش: قد يقوم الضباط بتفتيش مناطق خارج المنطقة المباشرة تحت سيطرة المعتقل.
- تأخير التفتيش: قد يقوم الضباط بتأخير التفتيش بعد الاعتقال، والذي يجعله غير قانوني.
- البحث عن الأدلة: قد يقوم الضباط بإجراء عمليات بحث عامة عن الأدلة، وليس فقط عن الأسلحة أو الأدوات التي قد يستخدمها المعتقل لمهاجمة الضباط أو الهرب.
يمكن أن تؤدي هذه الأخطاء إلى إبطال الأدلة التي تم الحصول عليها من خلال عملية التفتيش.
أهمية قاعدة تشيميل
تلعب قاعدة تشيميل دورًا حاسمًا في تحقيق التوازن بين إنفاذ القانون وحماية حقوق الأفراد الدستورية. فهي تسمح لضباط الشرطة باتخاذ إجراءات سريعة لضمان سلامتهم ومنع تدمير الأدلة، مع الحد من نطاق التفتيش للحفاظ على خصوصية الأفراد. إن الفهم الدقيق للقاعدة والقيود المفروضة عليها أمر ضروري لكل من ضباط الشرطة والأفراد على حد سواء.
أهمية فهم الحقوق الدستورية
من الضروري أن يكون الأفراد على دراية بحقوقهم الدستورية، بما في ذلك حقوقهم بموجب التعديل الرابع. يمكن أن تساعد معرفة هذه الحقوق الأفراد على حماية أنفسهم من عمليات التفتيش غير القانونية. إذا كان لدى شخص ما سبب للاعتقاد بأن عملية تفتيش قد انتهكت حقوقه الدستورية، فيجب عليه طلب المشورة القانونية من محامٍ.
خاتمة
عمليات التفتيش المصاحبة للتوقيف هي استثناء مهم من متطلبات أمر التفتيش بموجب التعديل الرابع. تسمح هذه القاعدة لضباط إنفاذ القانون بتفتيش جسم المعتقل والمنطقة المباشرة تحت سيطرته في وقت الاعتقال، دون الحاجة إلى أمر تفتيش. يهدف هذا الإجراء إلى ضمان سلامة الضباط ومنع تدمير الأدلة. ومع ذلك، فإن نطاق التفتيش محدود، ويجب أن يتم تنفيذه في وقت الاعتقال أو بعده مباشرة. من الضروري فهم قيود هذه القاعدة، بما في ذلك قضية تشيميل، لحماية حقوق الأفراد مع ضمان إنفاذ القانون بشكل فعال. ومع تطور التكنولوجيا، تستمر التحديات المتعلقة بعمليات التفتيش في التطور، مما يستدعي فهمًا دقيقًا للقانون وتطبيقه.