التصميم والبناء
في ثلاثينيات القرن الماضي، أدركت البحرية الفرنسية الحاجة إلى طراد ثقيل جديد يمكنه مجاراة الطرادات الإيطالية من فئة “زارا” (Zara) وغيرها من الطرادات الأجنبية الحديثة. بدأ العمل على تصميم “الجزائر” في عام 1931، مع التركيز على تحقيق توازن مثالي بين القوة النارية والقدرة على التحمل والسرعة. تم وضع عارضة السفينة في حوض بناء السفن في بريست في ديسمبر 1931، وتم إطلاقها في مايو 1934، ودخلت الخدمة في سبتمبر 1935.
تميز تصميم “الجزائر” ببعض الابتكارات، بما في ذلك استخدام اللحام الكهربائي على نطاق واسع لتقليل الوزن وزيادة القوة الهيكلية. كما تميزت السفينة بترتيب فعال للدروع الواقية، مما يوفر حماية جيدة ضد القذائف والطوربيدات. كانت “الجزائر” أيضاً مجهزة بأنظمة متطورة للتحكم في الحرائق، مما سمح لها بإطلاق نيران دقيقة وفعالة ضد الأهداف البحرية والجوية.
المواصفات الفنية
فيما يلي بعض المواصفات الفنية الرئيسية للطراد “الجزائر”:
- الإزاحة: 10,680 طن (قياسي)، 13,730 طن (حمولة كاملة)
- الطول: 186 متر
- العرض: 20 متر
- الغاطس: 6.15 متر
- الدفع: 4 توربينات بخارية، 4 غلايات، 84,000 حصان
- السرعة: 31 عقدة (57 كم/ساعة)
- المدى: 8,700 ميل بحري بسرعة 15 عقدة
- التسليح:
- 8 مدافع عيار 203 ملم (8 بوصات) في 4 أبراج مزدوجة
- 12 مدفع عيار 100 ملم (3.9 بوصة)
- 8 مدافع مضادة للطائرات عيار 37 ملم
- 8 مدافع مضادة للطائرات عيار 13.2 ملم
- 6 أنابيب طوربيد عيار 550 ملم
- الدروع:
- حزام مائي: 110 ملم
- السطح: 80 ملم
- الأبراج: 100 ملم
- الطاقم: 723 ضابطاً وبحاراً
الخدمة في زمن الحرب
عند اندلاع الحرب العالمية الثانية في سبتمبر 1939، تم تكليف “الجزائر” بالعمل في البحر الأبيض المتوسط. شاركت السفينة في عدة عمليات دورية ومرافقة قوافل. في يونيو 1940، بعد سقوط فرنسا، تم وضع “الجزائر” تحت سيطرة حكومة فيشي.
في نوفمبر 1942، خلال عملية الشعلة (Torch)، حاولت القوات الأمريكية والبريطانية إنزال قوات في شمال إفريقيا الفرنسية. تم توجيه أوامر إلى الأسطول الفرنسي في تولون (Toulon) بعدم الاستسلام للقوات الغازية. لتجنب الوقوع في أيدي الحلفاء، تم إغراق “الجزائر” من قبل طاقمها في 27 نوفمبر 1942.
محاولة الإنقاذ والتفكيك
بعد الحرب، تم انتشال حطام “الجزائر” من قبل شركة إيطالية في عام 1943. تم نقل الحطام إلى لا سيوتات (La Ciotat) على أمل إصلاحه وإعادته إلى الخدمة، ولكن هذا لم يكن ممكناً بسبب الأضرار الجسيمة التي لحقت بالسفينة. في نهاية المطاف، تم تفكيك “الجزائر” في عام 1956.
الأهمية التاريخية
كان الطراد “الجزائر” يمثل ذروة تصميم الطرادات الثقيلة في البحرية الفرنسية. كان مثالاً على التوازن بين القوة النارية والحماية والسرعة. على الرغم من أن حياته المهنية كانت قصيرة، إلا أن “الجزائر” لعب دوراً هاماً في الأحداث البحرية خلال السنوات الأولى من الحرب العالمية الثانية. تظل السفينة رمزاً للقوة البحرية الفرنسية في فترة ما بين الحربين العالميتين.
مقارنة مع الطرادات الأخرى
عند مقارنة “الجزائر” مع الطرادات الثقيلة الأخرى في ذلك الوقت، يتبين أنها كانت من بين الأفضل في فئتها. كانت قوة نيرانها مماثلة لتلك الخاصة بالطرادات الإيطالية من فئة “زارا”، بينما كانت حمايتها أفضل. كانت سرعة “الجزائر” أيضاً تنافسية، مما يجعلها منصة بحرية متعددة الاستخدامات وفعالة.
فيما يلي مقارنة موجزة بين “الجزائر” وبعض الطرادات الثقيلة الأخرى المعاصرة:
- الجزائر (فرنسا): 8 × 203 ملم، دروع 110 ملم، 31 عقدة
- زارا (إيطاليا): 8 × 203 ملم، دروع 150 ملم، 32 عقدة
- كونتي دي كافور (إيطاليا): 10 × 203 ملم، دروع 70 ملم، 36 عقدة
- تريتون (ألمانيا): 8 × 203 ملم، دروع 80 ملم، 32 عقدة
- تاكاو (اليابان): 10 × 200 ملم، دروع 127 ملم، 35 عقدة
يظهر من هذه المقارنة أن “الجزائر” كانت تتمتع بتوازن جيد بين القدرات الهجومية والدفاعية، مما جعلها خصماً خطيراً في البحر.
خاتمة
كان الطراد الفرنسي “الجزائر” سفينة حربية فريدة من نوعها، تمثل قمة التكنولوجيا البحرية الفرنسية في فترة ما بين الحربين. على الرغم من أن خدمتها كانت قصيرة، إلا أنها تركت بصمة واضحة في تاريخ البحرية الفرنسية. من خلال تصميمها المبتكر وتسليحها القوي وحمايتها الفعالة، كانت “الجزائر” سفينة قادرة على مواجهة أي تحد بحري.