نشأتها وتعليمها
ولدت جيسي هارلان لينكولن في شيكاغو، إلينوي، لعائلة لينكولن العريقة. كان والدها، روبرت تود لينكولن، محامياً وسياسياً بارزاً، شغل منصب وزير الحرب في عهد الرئيس جيمس جارفيلد وسكرتيراً في عهد الرئيس بنجامين هاريسون. تلقت جيسي تعليماً جيداً، وتميزت بذكائها وحضورها الاجتماعي. نشأت في بيئة مرفهة، مما سمح لها بالمشاركة في الأنشطة الاجتماعية والثقافية الراقية.
كانت عائلة لينكولن تحظى بمكانة اجتماعية مرموقة، وجيسي بدورها كانت محط أنظار المجتمع. شاركت في العديد من الفعاليات الاجتماعية، واكتسبت شهرة واسعة بفضل جمالها وأناقتها. ومع ذلك، كانت جيسي تسعى أيضاً إلى تحقيق ذاتها بعيداً عن كونها مجرد حفيدة الرئيس لينكولن.
زواجها الأول من وارن والاس بيكويث
تزوجت جيسي من وارن والاس بيكويث، لاعب كرة قدم في جامعة برينستون، في 10 نوفمبر 1897، في ميلواكي، ويسكونسن. كان بيكويث رياضياً وسياسياً طموحاً. أنجبا ابنتين: ماري لينكولن بيكويث (1898–1975) وروبرت تود لينكولن بيكويث (1904–1985). كان زواجهما في البداية يبدو سعيداً ومستقراً، لكن سرعان ما بدأت المشاكل تظهر.
عانى الزواج من مشاكل بسبب طموحات وارن السياسية وخلافاته المتكررة مع جيسي. بالإضافة إلى ذلك، كانت جيسي تشعر بالملل من الحياة الروتينية، وكانت تبحث عن المزيد من الإثارة والتحدي. انتهى الزواج بالطلاق في عام 1907، وهو ما كان يعتبر فضيحة في ذلك الوقت.
حياتها بعد الطلاق
بعد طلاقها من وارن بيكويث، انتقلت جيسي إلى أورلاندو، فلوريدا، مع ابنتيها. هناك، بدأت حياة جديدة بعيدة عن الأضواء والضغوط الاجتماعية. استثمرت في العقارات وأصبحت سيدة أعمال ناجحة. كما شاركت في العديد من الأنشطة الاجتماعية والثقافية في أورلاندو.
لم تستسلم جيسي لليأس بعد الطلاق، بل استغلت هذه الفرصة لبناء حياة جديدة ومستقلة. أثبتت أنها امرأة قوية وقادرة على تحقيق النجاح في مختلف المجالات. كانت مثالاً للمرأة العصرية التي تسعى إلى تحقيق ذاتها بغض النظر عن الظروف.
زواجها الثاني من روبرت جون راندولف
في 22 أبريل 1915، تزوجت جيسي من روبرت جون راندولف، وهو فنان كان يصغرها بـ 20 عاماً. أثار هذا الزواج جدلاً واسعاً بسبب فارق السن الكبير بينهما، ولكنه كان يعكس رغبة جيسي في تحدي التقاليد والعيش وفقاً لشروطها الخاصة. لم ينجبا أطفالاً.
كان روبرت راندولف شخصية فنية ومبدعة، وقد شجع جيسي على استكشاف اهتماماتها الفنية والثقافية. عاشا حياة غير تقليدية، سافرا معاً حول العالم، واستمتعا بالحرية والاستقلالية. كان هذا الزواج بمثابة فصل جديد ومثير في حياة جيسي.
إقامتها في فرنسا
في عام 1926، انتقلت جيسي وراندولف إلى فرنسا، حيث عاشا حياة فنية واجتماعية نشطة. استقرا في فيلفرانش سور مير، بالقرب من نيس، واستقبلا العديد من الفنانين والكتاب والمثقفين في منزلهما. أصبحت جيسي شخصية بارزة في المجتمع الفرنسي، واشتهرت بذوقها الرفيع وأناقتها.
كانت فرنسا تمثل ملاذاً آمناً لجيسي وراندولف، حيث تمكنا من العيش بحرية بعيداً عن الأحكام الاجتماعية والضغوط العائلية. استمتعا بالحياة الثقافية الغنية في فرنسا، وزارا المتاحف والمعارض الفنية، وحضرا الحفلات الموسيقية والعروض المسرحية. كانت هذه الفترة من حياتهما مليئة بالسعادة والإلهام.
تبني ابنها روبرت لينكولن بيكويث
في عام 1929، تبنت جيسي ابنها روبرت لينكولن بيكويث، الذي كان يعيش مع زوجة أبيه بعد وفاة والده. كان روبرت يعاني من مشاكل عاطفية وسلوكية، وقررت جيسي أن تتولى رعايته وتوفر له بيئة مستقرة وداعمة. كان هذا القرار بمثابة دليل على حبها وعطفها تجاه ابنها.
على الرغم من التحديات التي واجهتها في تربية روبرت، إلا أن جيسي بذلت قصارى جهدها لمساعدته على التغلب على مشاكله وتحقيق النجاح في حياته. وفرت له التعليم الجيد والدعم العاطفي، وشجعته على استكشاف اهتماماته ومواهبه. كانت جيسي أماً محبة ومتفانية.
وفاتها وإرثها
توفيت جيسي هارلان لينكولن في 4 يناير 1948، في مستشفى في مير، فرنسا، عن عمر يناهز 72 عاماً. تم حرق جثتها ودفن رمادها في قبر لينكولن العائلي في مقبرة أوكوود في سبرينغفيلد، إلينوي. تركت وراءها ابنتيها وحفيدين وإرثاً من الاستقلالية والشجاعة.
كانت جيسي هارلان لينكولن امرأة غير تقليدية تحدت التقاليد والأعراف الاجتماعية. عاشت حياة مليئة بالتحولات والتحديات، ولكنها لم تستسلم أبداً لليأس أو الإحباط. كانت مثالاً للمرأة العصرية التي تسعى إلى تحقيق ذاتها بغض النظر عن الظروف. ستبقى جيسي في الذاكرة كحفيدة الرئيس لينكولن التي اختارت أن تعيش حياتها وفقاً لشروطها الخاصة.
خاتمة
جيسي هارلان لينكولن، حفيدة أبراهام لينكولن، كانت شخصية بارزة بذاتها. حياتها، التي امتدت من الولايات المتحدة إلى فرنسا، تميزت بالزواج والطلاق، والتبني، والحياة الاجتماعية المرموقة. تحدت الأعراف الاجتماعية، وعاشت وفقًا لشروطها الخاصة، وتركت إرثًا من الاستقلالية والشجاعة. على الرغم من كونها جزءًا من عائلة لينكولن الشهيرة، فقد صنعت جيسي لنفسها هوية فريدة ومستقلة.