نشأة الغيور الأحمر
تأسست الغيور الأحمر في أوائل السبعينيات، في سياق من الاضطرابات الاجتماعية والسياسية المتزايدة في تايلاند. شهدت البلاد صعودًا في الحركات الطلابية واليسارية، والتي طالبت بإصلاحات ديمقراطية وتغييرات اجتماعية. أثارت هذه الحركات رد فعل عنيف من قبل القوى المحافظة واليمينية، التي رأت فيها تهديدًا للاستقرار والنظام القائم. استغلت الحكومة والمجموعات اليمينية المتطرفة هذا الوضع لتشكيل جماعات شبه عسكرية مثل الغيور الأحمر، بهدف قمع المعارضة والحفاظ على السلطة.
كانت الغيور الأحمر مدعومة من قبل عناصر داخل الجيش والشرطة، بالإضافة إلى بعض رجال الأعمال والمجموعات المحافظة. تلقت الجماعة التدريب والأسلحة والدعم اللوجستي من هذه المصادر. سمحت هذه الدعم للغيور الأحمر بالعمل بحصانة نسبيًا وممارسة العنف دون خوف من العقاب. تميزت الغيور الأحمر بتوجهاتها اليمينية المتطرفة، والتشدد في معارضة الشيوعية واليسارية، والدفاع عن النظام الملكي والتقاليد التايلاندية.
أيديولوجية الغيور الأحمر
استندت أيديولوجية الغيور الأحمر إلى مزيج من القومية، ومعاداة الشيوعية، والملكية، والمحافظة الاجتماعية. اعتقدت الجماعة أن الشيوعية واليسارية تمثلان تهديدًا خطيرًا للأمة التايلاندية وللتقاليد والقيم الثقافية. دافعت الغيور الأحمر عن النظام الملكي باعتباره رمزًا للوحدة والاستقرار الوطني. كما تبنت الجماعة مواقف محافظة بشأن القضايا الاجتماعية، وعارضت الإصلاحات الليبرالية والتقدمية.
استخدمت الغيور الأحمر خطابًا تحريضيًا ومثيرًا للفتن، وشيطنت المعارضة اليسارية والطلابية. صورتهم على أنهم خونة وعملاء أجانب يهدفون إلى تدمير تايلاند. استخدمت الجماعة أيضًا الرموز الوطنية والشعارات الملكية لتعزيز شعبيتها وتجنيد الأعضاء. انتشرت أيديولوجية الغيور الأحمر من خلال الدعاية والمطبوعات والاجتماعات العامة، بالإضافة إلى العنف والترهيب.
أنشطة الغيور الأحمر
شاركت الغيور الأحمر في مجموعة واسعة من الأنشطة العنيفة ضد المعارضة اليسارية والطلابية. تضمنت هذه الأنشطة الهجمات على المظاهرات والاحتجاجات، والاعتداءات على قادة الطلاب والناشطين، وعمليات الاغتيال. كانت الجماعة مسؤولة عن العديد من أعمال العنف والقتل، والتي أدت إلى سقوط العديد من الضحايا. غالبًا ما عملت الغيور الأحمر بالتنسيق مع الشرطة والجيش، مما سمح لها بالإفلات من العقاب.
كانت الغيور الأحمر نشطة بشكل خاص في الجامعات والكليات، حيث استهدفت الطلاب والأساتذة الذين يعتبرون شيوعيين أو متعاطفين مع الشيوعية. قامت الجماعة بمداهمة الحرم الجامعي، واعتقال الطلاب، وتخريب الممتلكات. كما شاركت في حملات تشويه سمعة الطلاب والناشطين، وتهديدهم وعائلاتهم. لعبت الغيور الأحمر دورًا رئيسيًا في أعمال العنف التي اندلعت خلال أحداث 6 أكتوبر 1976، والتي شهدت مذبحة الطلاب في جامعة ثاماسات.
أحداث 6 أكتوبر 1976
كانت أحداث 6 أكتوبر 1976 نقطة تحول في تاريخ تايلاند الحديث، وشهدت ذروة أعمال العنف التي ارتكبتها الغيور الأحمر والجماعات اليمينية الأخرى. بدأت الأحداث بمظاهرة طلابية في جامعة ثاماسات للاحتجاج على عودة الديكتاتور السابق، ثانوم كيتاخورن، إلى تايلاند. هاجمت الغيور الأحمر والشرطة والوحدات العسكرية الجامعة، وفتحت النار على الطلاب والأساتذة. قُتل العشرات من الطلاب، وجُرح المئات، واعتقل الآلاف.
بعد المذبحة، استولت القوات العسكرية على السلطة في انقلاب عسكري، وألغت الدستور، وحظرت الأحزاب السياسية، وقمعت الحريات المدنية. أدت أحداث 6 أكتوبر 1976 إلى تراجع الحركات الطلابية واليسارية، وصعود اليمين المتطرف. كما أدت إلى موجة من العنف السياسي والقمع، والتي استمرت لعدة سنوات.
تأثير الغيور الأحمر
كان للغيور الأحمر تأثير كبير على المشهد السياسي والاجتماعي في تايلاند خلال السبعينيات. ساهمت الجماعة في خلق جو من الخوف والعنف، وقمع المعارضة السياسية. لعبت الغيور الأحمر دورًا رئيسيًا في صعود اليمين المتطرف، وتهميش الحركات التقدمية. كما ساهمت في تدهور الديمقراطية وحقوق الإنسان في تايلاند.
لا يزال إرث الغيور الأحمر يتردد صداه في تايلاند حتى اليوم. تذكر أحداث السبعينيات كفترة مظلمة في تاريخ البلاد، حيث تعرضت الديمقراطية والحريات المدنية للانتهاك. يعتبر فهم دور الغيور الأحمر والجماعات اليمينية الأخرى أمرًا بالغ الأهمية لفهم تعقيدات الصراع السياسي في تايلاند، وأهمية حماية الديمقراطية وحقوق الإنسان.
أسباب انحلال الغيور الأحمر
بدأت قوة الغيور الأحمر في التراجع بعد أحداث 6 أكتوبر 1976. أدت المذبحة إلى إدانة دولية واسعة النطاق، وإلى تزايد الضغط على الحكومة لإنهاء العنف والقمع. كما أدت إلى تآكل الدعم الشعبي للغيور الأحمر، وفقدان الثقة في قدرتها على حماية النظام. لعبت عوامل أخرى دورًا في انحلال الغيور الأحمر، مثل الصراعات الداخلية بين أعضاء الجماعة، وتضاؤل الدعم من الرعاة الرئيسيين، وتزايد الوعي بأعمال العنف والانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة.
الغيور الأحمر اليوم
بعد انحلالها، اختفت الغيور الأحمر إلى حد كبير من المشهد السياسي في تايلاند. ومع ذلك، فإن أيديولوجيتها وأساليبها ما زالت تؤثر على بعض الجماعات اليمينية المتطرفة في البلاد. هناك بعض الجماعات والأفراد الذين يتبنون أفكارًا مماثلة لأفكار الغيور الأحمر، مثل القومية المتطرفة ومعاداة الشيوعية. كما أنهم يشاركون في خطاب تحريضي ومثير للفتن، ويدعمون العنف ضد المعارضة السياسية. يتطلب فهم هذه الجماعات والأفراد دراسة متعمقة لتاريخ الغيور الأحمر وتأثيرها على المشهد السياسي في تايلاند.
الأهمية التاريخية للغيور الأحمر
تعتبر الغيور الأحمر موضوعًا مهمًا للدراسة التاريخية، لأنها توفر نظرة ثاقبة على تعقيدات الصراع السياسي في تايلاند خلال السبعينيات. يساعد فهم دور الجماعة في فهم أسباب العنف السياسي، وتأثيره على الديمقراطية وحقوق الإنسان. كما يساهم في فهم صعود اليمين المتطرف، وتأثيره على المجتمع التايلاندي. من خلال دراسة الغيور الأحمر، يمكننا الحصول على رؤى قيمة حول أهمية الحفاظ على الديمقراطية وتعزيز حقوق الإنسان.
العلاقة بين الغيور الأحمر والجيش التايلاندي
كانت العلاقة بين الغيور الأحمر والجيش التايلاندي وثيقة ومعقدة. تلقى الغيور الأحمر الدعم والتدريب والأسلحة من قبل الجيش، مما سمح لها بالعمل بحصانة نسبيًا. كان الجيش يستخدم الغيور الأحمر كأداة لقمع المعارضة اليسارية والطلابية، والحفاظ على النظام القائم. ومع ذلك، لم يكن الجيش دائمًا يسيطر بشكل كامل على الغيور الأحمر، وكانت هناك بعض التوترات بينهما. بعد أحداث 6 أكتوبر 1976، لعب الجيش دورًا رئيسيًا في قمع الغيور الأحمر، وذلك لتهدئة الوضع والحفاظ على الاستقرار.
دور الولايات المتحدة
خلال فترة الحرب الباردة، كانت الولايات المتحدة تدعم الحكومات اليمينية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك تايلاند. قدمت الولايات المتحدة الدعم المالي والعسكري للجيش التايلاندي، والذي استخدم بدوره لدعم الغيور الأحمر. ومع ذلك، لم يكن هناك دليل مباشر على أن الولايات المتحدة كانت متورطة بشكل مباشر في أنشطة الغيور الأحمر العنيفة. كان دعم الولايات المتحدة للحكومة التايلاندية يهدف إلى احتواء الشيوعية، ولكن له تأثير غير مباشر على صعود الجماعات اليمينية المتطرفة مثل الغيور الأحمر.
تقييم الإرث
يُعتبر إرث الغيور الأحمر معقدًا ومثيرًا للجدل. بالنسبة للبعض، تمثل الغيور الأحمر قوة ضرورية لحماية تايلاند من التهديد الشيوعي والحفاظ على النظام الملكي. بالنسبة للآخرين، تمثل الجماعة قوة إرهابية مسؤولة عن العنف والقمع وانتهاكات حقوق الإنسان. لا يزال هذا النقاش مستمرًا في تايلاند، ويعكس الانقسامات العميقة في المجتمع حول قضايا السياسة والتاريخ والهوية الوطنية. إن فهم هذا الإرث أمر بالغ الأهمية لفهم تعقيدات تاريخ تايلاند الحديث.
خاتمة
كانت الغيور الأحمر منظمة شبه عسكرية يمينية متطرفة لعبت دورًا محوريًا في تاريخ تايلاند خلال السبعينيات. تأسست الجماعة في سياق من الاضطرابات الاجتماعية والسياسية، وتلقت الدعم من عناصر داخل الجيش والشرطة. شاركت الغيور الأحمر في أعمال عنف واضطهاد ضد الطلاب والنشطاء اليساريين، ولعبت دورًا رئيسيًا في أحداث 6 أكتوبر 1976. ترك إرث الغيور الأحمر تأثيرًا دائمًا على المشهد السياسي والاجتماعي في تايلاند، ويستمر في إثارة النقاش والجدل حتى اليوم. يمثل فهم تاريخ الغيور الأحمر أمرًا بالغ الأهمية لفهم تعقيدات الصراع السياسي في تايلاند، وأهمية حماية الديمقراطية وحقوق الإنسان.
المراجع
- ويكيبيديا – الغيور الأحمر
- موسوعة بريتانيكا – أحداث 6 أكتوبر
- جريدة بانكوك بوست – الغيور الأحمر
- براشاتاي – الغيور الأحمر
“`