مقدمة
محمد يوسف بن سليمان بن قاسم موتالا (25 نوفمبر 1946 – 8 سبتمبر 2019) كان عالمًا سنيًا مسلمًا هنديًا بريطانيًا بارزًا، ومؤسسًا لجامعة العلوم الإسلامية في بلاكبرن، لانكشاير. يعتبر الشيخ يوسف موتالا شخصية مؤثرة في تطوير التعليم الإسلامي في بريطانيا وأوروبا، وساهم بشكل كبير في نشر العلوم الشرعية وتخريج العلماء والدعاة.
نشأته وتعليمه
ولد الشيخ يوسف موتالا في الهند عام 1946، ونشأ في أسرة متدينة تحرص على العلم الشرعي. تلقى تعليمه الأولي في الهند، حيث حفظ القرآن الكريم وتعلم مبادئ اللغة العربية والعلوم الإسلامية. ثم سافر إلى باكستان لمواصلة تعليمه في جامعة دار العلوم كراتشي، وهي من أعرق المؤسسات التعليمية الإسلامية في العالم. درس هناك على يد كبار العلماء والمشايخ، وتخصص في الفقه والحديث والتفسير.
أكمل الشيخ يوسف موتالا دراسته في دار العلوم كراتشي بتفوق، وحصل على شهادة “العالمية”، وهي أعلى شهادة تمنحها الجامعة في العلوم الشرعية. خلال فترة دراسته، تميز بالاجتهاد والمثابرة، وحظي بتقدير واحترام أساتذته وزملائه. كما اكتسب خبرة واسعة في التدريس والبحث العلمي، مما أهله لتولي مناصب قيادية في المؤسسات التعليمية الإسلامية.
تأسيس جامعة العلوم الإسلامية في بلاكبرن
بعد إكمال دراسته، انتقل الشيخ يوسف موتالا إلى بريطانيا في عام 1973، حيث بدأ العمل في مجال الدعوة والتعليم. لاحظ الحاجة الماسة إلى مؤسسة تعليمية إسلامية متخصصة في تخريج العلماء والدعاة المؤهلين، فقرر تأسيس جامعة العلوم الإسلامية في بلاكبرن عام 1979.
كانت جامعة العلوم الإسلامية في بلاكبرن بمثابة حلم تحقق للشيخ يوسف موتالا، حيث سعى من خلالها إلى توفير بيئة تعليمية مناسبة للطلاب المسلمين لدراسة العلوم الشرعية وتطبيقها في حياتهم. بذل جهودًا كبيرة في تطوير المناهج الدراسية وتوفير الكادر التعليمي المؤهل والمكتبة الغنية بالمصادر العلمية.
تخرج من جامعة العلوم الإسلامية في بلاكبرن على يد الشيخ يوسف موتالا المئات من العلماء والدعاة الذين يعملون في مختلف أنحاء العالم، ويساهمون في نشر الإسلام وتعليم المسلمين. وقد أصبحت الجامعة منارة للعلم الشرعي ومركزًا للدعوة الإسلامية في أوروبا.
إسهاماته في مجال التعليم الإسلامي
لم يقتصر دور الشيخ يوسف موتالا على تأسيس جامعة العلوم الإسلامية في بلاكبرن، بل امتد ليشمل العديد من الإسهامات الأخرى في مجال التعليم الإسلامي. فقد قام بتأليف وترجمة العديد من الكتب والمقالات في مختلف العلوم الشرعية، وشارك في العديد من المؤتمرات والندوات العلمية، وألقى المحاضرات والدروس في المساجد والمراكز الإسلامية.
كما اهتم الشيخ يوسف موتالا بتطوير مناهج التعليم الإسلامي في المدارس والمؤسسات التعليمية الأخرى، وقدم المشورة والتوجيه للمعلمين والمشرفين. كان يؤمن بأهمية الجمع بين العلوم الشرعية والعلوم العصرية، وتزويد الطلاب بالمهارات اللازمة لمواجهة تحديات العصر.
بالإضافة إلى ذلك، قام الشيخ يوسف موتالا بإنشاء العديد من المؤسسات الخيرية والإغاثية التي تقدم المساعدات للمحتاجين والفقراء في مختلف أنحاء العالم. كان يؤمن بأهمية العمل الخيري والإنساني، ويعتبره جزءًا لا يتجزأ من الدين الإسلامي.
منهجه العلمي
اتسم منهج الشيخ يوسف موتالا العلمي بالاعتدال والوسطية، والبعد عن الغلو والتطرف. كان يعتمد على الكتاب والسنة وإجماع الأمة، ويحرص على فهم النصوص الشرعية في ضوء مقاصد الشريعة الإسلامية.
كما كان الشيخ يوسف موتالا يتميز بالتسامح والانفتاح على الآخرين، والحوار البناء مع المخالفين. كان يؤمن بأهمية التعاون والتنسيق بين العلماء والدعاة، وتوحيد الجهود لنصرة الإسلام والمسلمين.
كان الشيخ يوسف موتالا حريصًا على تربية طلابه على الأخلاق الفاضلة والقيم الإسلامية، وحثهم على التحلي بالتواضع والإخلاص والصدق والأمانة. كان يعتبر القدوة الحسنة من أهم وسائل التأثير في الآخرين، وكان يحرص على أن يكون قدوة حسنة لطلابه ومحبيه.
أقوال العلماء فيه
حظي الشيخ يوسف موتالا بتقدير واحترام كبيرين من قبل العلماء والدعاة في مختلف أنحاء العالم. وقد أثنى عليه العديد من العلماء البارزين، وأشادوا بعلمه وفضله وإسهاماته في خدمة الإسلام والمسلمين.
قال عنه الشيخ محمد عوامة: “الشيخ يوسف موتالا من العلماء العاملين، الذين جمعوا بين العلم والعمل، والقول والفعل. لقد كان مثالًا للصدق والإخلاص والتفاني في خدمة الإسلام والمسلمين.”
وقال عنه الشيخ عبد الفتاح أبو غدة: “الشيخ يوسف موتالا من العلماء الربانيين، الذين وهبوا حياتهم لنشر العلم والدعوة إلى الله. لقد كان عالمًا متبحرًا، ومربيًا فاضلًا، وداعية مخلصًا.”
وفاته
توفي الشيخ يوسف موتالا في 8 سبتمبر 2019، عن عمر يناهز 72 عامًا. وقد نعاه العديد من العلماء والدعاة والمؤسسات الإسلامية في مختلف أنحاء العالم. تركت وفاته فراغًا كبيرًا في الأوساط العلمية والدعوية، وخسر المسلمون بوفاته عالمًا جليلًا ومربيًا فاضلًا.
رحم الله الشيخ يوسف موتالا رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
خاتمة
كان الشيخ يوسف موتالا رحمه الله، شخصية بارزة في تاريخ التعليم الإسلامي في بريطانيا وأوروبا. لقد ترك بصمة واضحة في نشر العلوم الشرعية وتخريج العلماء والدعاة، وساهم بشكل كبير في خدمة الإسلام والمسلمين. سيظل اسمه محفورًا في ذاكرة الأجيال القادمة، وسيستمر عمله في إلهام الآخرين للسعي إلى العلم والعمل الصالح.