نشأته وتعليمه
ولد نيكولاس شاكلتون في لندن عام 1937 لعائلة ذات تاريخ طويل في الاستكشاف والعلوم. كان والده، إدوارد شاكلتون، مستكشفًا قطبيًا وجغرافيًا، وعمه السير إرنست شاكلتون، المستكشف الأسطوري للقارة القطبية الجنوبية. نشأ نيكولاس في بيئة حفزت فضوله العلمي وحبه للاستكشاف.
تلقى تعليمه في كلية رادلي ثم في كلية كلير بجامعة كامبريدج، حيث درس العلوم الطبيعية وتخصص في الجيولوجيا. خلال دراسته الجامعية، أظهر اهتمامًا خاصًا بعلم المناخ القديم وتأثير التغيرات المناخية على البيئة.
مسيرته المهنية
بعد حصوله على درجة الدكتوراه من جامعة كامبريدج عام 1964، بدأ شاكلتون مسيرته المهنية كباحث في الجامعة. في عام 1967، انتقل إلى الولايات المتحدة وعمل في مرصد لامونت دوهرتي الأرضي بجامعة كولومبيا. عاد إلى كامبريدج عام 1969 وأصبح مديرًا لمختبر أبحاث الكيمياء الجيولوجية الرباعية.
خلال مسيرته المهنية، شغل شاكلتون العديد من المناصب الأكاديمية والإدارية المرموقة، بما في ذلك:
- زميل في الكلية الملكية
- أستاذ باحث في الجمعية الملكية
- مدير مختبر أبحاث الكيمياء الجيولوجية الرباعية
إسهاماته العلمية
اشتهر نيكولاس شاكلتون بعمله الرائد في تطوير طرق تحليل نظائر الأكسجين في الأصداف البحرية لتحديد التغيرات في درجة حرارة المحيطات على مدى ملايين السنين. وقد أحدثت هذه التقنية ثورة في فهمنا للتغيرات المناخية الماضية وتأثيرها على البيئة.
تحليل نظائر الأكسجين: تعتمد طريقة شاكلتون على قياس نسبة نظائر الأكسجين المختلفة (الأكسجين-16 والأكسجين-18) في كربونات الكالسيوم المكونة لأصداف الكائنات البحرية الدقيقة (المنخربات). تتغير هذه النسبة تبعًا لدرجة حرارة المياه التي تكونت فيها الأصداف. من خلال تحليل نظائر الأكسجين في الأصداف المتحجرة في الرواسب البحرية، تمكن شاكلتون من إعادة بناء سجلات مفصلة لدرجة حرارة المحيطات على مدى ملايين السنين.
نظرية ميلانكوفيتش: استخدم شاكلتون بيانات نظائر الأكسجين لدعم نظرية ميلانكوفيتش، التي تنص على أن التغيرات الدورية في مدار الأرض وميل محورها تؤثر على كمية الإشعاع الشمسي التي تصل إلى الأرض، مما يؤدي إلى دورات جليدية وبين جليدية. أظهرت أبحاث شاكلتون أن دورات ميلانكوفيتش تتوافق بشكل وثيق مع التغيرات في درجة حرارة المحيطات وحجم الغطاء الجليدي.
التغيرات المناخية السريعة: ساهم شاكلتون أيضًا في فهمنا للتغيرات المناخية السريعة، مثل أحداث الذوبان الجليدي الكبيرة التي حدثت في نهاية العصر الجليدي الأخير. أظهرت أبحاثه أن هذه الأحداث يمكن أن تحدث بسرعة كبيرة وتؤدي إلى تغييرات كبيرة في مستوى سطح البحر وأنماط الطقس.
دراسة الرواسب البحرية: ركزت أبحاث شاكلتون على دراسة الرواسب البحرية العميقة، حيث تتراكم الأصداف المتحجرة والرواسب الأخرى على مدى ملايين السنين. قام بتحليل هذه الرواسب لتحديد التغيرات في درجة حرارة المحيطات والملوحة والإنتاجية البيولوجية على مر الزمن. وقد ساعدت هذه الدراسات في فهمنا لتاريخ المناخ والبيئة.
الجوائز والتكريمات
تقديراً لإسهاماته العلمية، حصل نيكولاس شاكلتون على العديد من الجوائز والتكريمات المرموقة، بما في ذلك:
- ميدالية ليوبولد فون بوش من الاتحاد الجيولوجي الألماني (1986)
- زمالة الجمعية الملكية (1986)
- ميدالية وولاستون من الجمعية الجيولوجية في لندن (1996)
- جائزة فيتونغ من مؤسسة تايلر (1997)
- وسام ليونهوك من الأكاديمية الملكية الهولندية للفنون والعلوم (1998)
- وسام روجر ريفيل من الاتحاد الجيوفيزيائي الأمريكي (1998)
- وسام ملكي من الجمعية الملكية (1998)
- لقب فارس (1998)
- جائزة بلو بلانيت (1999)
- جائزة كراوفورد (2003)
إرثه
ترك نيكولاس شاكلتون إرثًا دائمًا في مجال علم المناخ القديم. لقد أحدثت أعماله ثورة في فهمنا للتغيرات المناخية الماضية وتأثيرها على البيئة. وقد ألهمت أجيالًا من العلماء لمتابعة البحث في هذا المجال الهام. تظل تقنياته وأساليبه البحثية أساسية لدراسة تاريخ المناخ وفهم التحديات المناخية الحالية والمستقبلية.
خاتمة
كان السير نيكولاس شاكلتون عالمًا بارزًا في مجال علم المناخ القديم. من خلال تطوير طرق تحليل نظائر الأكسجين في الأصداف البحرية، تمكن من إعادة بناء سجلات مفصلة لدرجة حرارة المحيطات على مدى ملايين السنين. ساهمت أبحاثه في فهمنا للتغيرات المناخية الماضية وتأثيرها على البيئة، كما ساعدت في دعم نظرية ميلانكوفيتش وفهم التغيرات المناخية السريعة. ترك شاكلتون إرثًا دائمًا في مجال علم المناخ وسيظل عمله مصدر إلهام للعلماء في المستقبل.