تاريخ جمعية الكلاب المرشدة
يعود تاريخ تأسيس جمعية الكلاب المرشدة إلى فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى، عندما عاد العديد من الجنود البريطانيين مصابين بإصابات في العين أدت إلى فقدان البصر. أدرك المؤسسون الحاجة إلى مساعدة هؤلاء الجنود على استعادة استقلالهم وقدرتهم على التنقل. في عام 1931، قام كل من موريس تشارلز، وجاكوب فانك، ودوريس أوكلي، ورايت إيدواردز بتأسيس برنامج تدريبي تجريبي في ألمانيا. بعد النجاح الباهر الذي حققه البرنامج، انتقلوا إلى بريطانيا لتأسيس جمعية الكلاب المرشدة رسمياً في عام 1934.
في البداية، ركزت الجمعية على تدريب الكلاب المرشدة وتقديمها للمحاربين القدامى الذين فقدوا بصرهم في الحرب. ولكن مع مرور الوقت، توسعت خدمات الجمعية لتشمل جميع الأشخاص الذين يعانون من ضعف البصر أو العمى، بغض النظر عن خلفيتهم أو ظروفهم. لعبت الجمعية دوراً رائداً في تطوير معايير تدريب الكلاب المرشدة، وأسست العديد من المراكز التدريبية في جميع أنحاء المملكة المتحدة.
أهداف جمعية الكلاب المرشدة
تهدف جمعية الكلاب المرشدة إلى تحقيق عدد من الأهداف الرئيسية، والتي تساهم في تمكين الأشخاص الذين يعانون من ضعف البصر أو العمى، وتحسين نوعية حياتهم. من أبرز هذه الأهداف:
- توفير كلاب الإرشاد المدربة: يعتبر توفير الكلاب المرشدة المدربة من أهم أهداف الجمعية. يتم تدريب هذه الكلاب بعناية فائقة على مجموعة متنوعة من المهام، بما في ذلك توجيه الأشخاص الذين يعانون من ضعف البصر أو العمى، وتجنب العوائق، والمساعدة في العبور الآمن للطرق.
- تقديم الدعم والتدريب: بالإضافة إلى توفير الكلاب، تقدم الجمعية دعماً شاملاً لمستخدمي الكلاب، بما في ذلك التدريب على كيفية التعامل مع الكلب المرشد، وكيفية الاستفادة القصوى من قدراته، بالإضافة إلى الدعم المستمر طوال فترة العلاقة بين المستخدم والكلب.
- المشاركة في حملات التوعية: تهدف الجمعية إلى زيادة الوعي العام بقضايا الإعاقة البصرية، وتغيير المواقف السلبية تجاه الأشخاص الذين يعانون من هذه الإعاقة. تقوم الجمعية بتنظيم حملات توعية وتثقيف، وتقديم معلومات حول كيفية التعامل مع الأشخاص المكفوفين، وكيفية دعمهم.
- الدفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية: تعمل الجمعية على الدفاع عن حقوق الأشخاص الذين يعانون من ضعف البصر أو العمى، والمطالبة بتوفير فرص متساوية لهم في جميع جوانب الحياة، بما في ذلك التعليم والعمل والترفيه.
عملية تدريب الكلاب المرشدة
تخضع الكلاب المرشدة لعملية تدريب مكثفة وشاملة، تستغرق حوالي عامين. تبدأ العملية باختيار الجراء المناسبة، والتي تتميز بصحة جيدة، وشخصية هادئة، وقدرة على التعلم. يتم اختيار الجراء من سلالات معينة، مثل اللابرادور ريتريفر، والجولدن ريتريفر، والراعي الألماني، والمعروفة بذكائها وولائها.
تمر عملية التدريب بعدة مراحل:
- المرحلة الأولى (تربية الجراء): يتم وضع الجراء مع عائلات حاضنة، والتي تقوم برعايتهم وتعليمهم السلوكيات الأساسية، مثل الطاعة والاجتماعية.
- المرحلة الثانية (التدريب الأساسي): ينتقل الجراء إلى مراكز التدريب، حيث يتلقون تدريباً مكثفاً على مجموعة متنوعة من المهارات، مثل المشي بجوار المدرب، والتعامل مع العوائق، وتجنب المخاطر.
- المرحلة الثالثة (التدريب المتقدم): في هذه المرحلة، يتم تدريب الكلاب على التكيف مع بيئات مختلفة، والتعامل مع المواقف الصعبة، والعمل ككلب مرشد.
- المرحلة الرابعة (التوافق مع المستخدم): بعد الانتهاء من التدريب، يتم مطابقة الكلاب مع الأشخاص الذين يعانون من ضعف البصر أو العمى. يتم تدريب المستخدمين على كيفية التعامل مع الكلب، وكيفية الاستفادة القصوى من قدراته.
تعتبر عملية التدريب مكلفة للغاية، وتتطلب وقتاً وجهداً كبيرين. تعتمد الجمعية على التبرعات لتمويل هذه العملية، وتدعو الجمهور إلى دعم جهودها.
فوائد الكلاب المرشدة
توفر الكلاب المرشدة العديد من الفوائد للأشخاص الذين يعانون من ضعف البصر أو العمى، مما يساهم في تحسين نوعية حياتهم بشكل كبير. من أبرز هذه الفوائد:
- الاستقلالية: تساعد الكلاب المرشدة مستخدميها على التنقل بأمان وثقة، مما يمنحهم شعوراً بالاستقلالية والاعتماد على الذات.
- الأمان: تقوم الكلاب المرشدة بتجنب العوائق، وتنبيه مستخدميها إلى المخاطر المحتملة، مما يقلل من خطر الحوادث والإصابات.
- التواصل الاجتماعي: تشجع الكلاب المرشدة مستخدميها على التفاعل مع الآخرين، وتسهل عليهم تكوين صداقات وعلاقات اجتماعية جديدة.
- الدعم النفسي: توفر الكلاب المرشدة دعماً نفسياً كبيراً لمستخدميها، حيث تعمل كرفيق مخلص، وتساعدهم على التغلب على مشاعر الوحدة والعزلة.
- تحسين الصحة البدنية: تشجع الكلاب المرشدة مستخدميها على ممارسة المزيد من الأنشطة البدنية، مثل المشي واللعب، مما يساهم في تحسين صحتهم البدنية.
التحديات التي تواجه جمعية الكلاب المرشدة
على الرغم من النجاحات الكبيرة التي حققتها جمعية الكلاب المرشدة، إلا أنها تواجه بعض التحديات. من أبرز هذه التحديات:
- الحاجة إلى التمويل: تعتمد الجمعية بشكل كبير على التبرعات لتمويل عملياتها، بما في ذلك تدريب الكلاب المرشدة، وتقديم الدعم للمستخدمين. يعتبر الحصول على التمويل الكافي تحدياً مستمراً.
- زيادة الطلب على الكلاب المرشدة: يتزايد الطلب على الكلاب المرشدة باستمرار، مما يشكل ضغطاً على الجمعية لتلبية هذا الطلب.
- الحفاظ على معايير التدريب: يجب على الجمعية الحفاظ على معايير تدريب عالية لضمان جودة الكلاب المرشدة، وتلبية احتياجات المستخدمين.
- التوعية والتثقيف: تحتاج الجمعية إلى مواصلة جهودها في التوعية والتثقيف حول قضايا الإعاقة البصرية، وتغيير المواقف السلبية تجاه الأشخاص الذين يعانون من هذه الإعاقة.
التقنيات المساعدة للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية
بالإضافة إلى الكلاب المرشدة، هناك العديد من التقنيات المساعدة التي يمكن أن تساعد الأشخاص الذين يعانون من ضعف البصر أو العمى على عيش حياة مستقلة ونشطة. تشمل هذه التقنيات:
- العصا البيضاء: تعتبر العصا البيضاء أداة مهمة للتنقل، وتساعد الأشخاص المكفوفين على استكشاف بيئتهم، وتجنب العوائق.
- تقنيات القراءة: تتضمن هذه التقنيات برامج قراءة الشاشة، والتي تقوم بتحويل النصوص المكتوبة إلى كلام مسموع، بالإضافة إلى أجهزة القراءة المكبرة.
- تطبيقات الهاتف المحمول: هناك العديد من تطبيقات الهاتف المحمول التي تم تصميمها خصيصاً لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من ضعف البصر أو العمى، مثل تطبيقات التعرف على الأشياء، وتطبيقات الملاحة.
- أجهزة تحديد المواقع: تساعد أجهزة تحديد المواقع الأشخاص المكفوفين على تحديد موقعهم، والتنقل في الأماكن العامة.
جهود جمعية الكلاب المرشدة في جميع أنحاء العالم
على الرغم من أن جمعية الكلاب المرشدة تأسست في بريطانيا، إلا أنها أثرت على العديد من المنظمات المشابهة في جميع أنحاء العالم. تعمل العديد من المنظمات في دول مختلفة على تدريب الكلاب المرشدة، وتقديم الدعم للأشخاص الذين يعانون من ضعف البصر أو العمى. تتبادل هذه المنظمات الخبرات، وتتعاون في تطوير أفضل الممارسات في مجال رعاية الكلاب المرشدة، وتدريبها.
تسعى الجمعية أيضاً إلى التعاون مع الحكومات والمنظمات الأخرى، لتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية، وتوفير فرص متساوية لهم في جميع جوانب الحياة.
كيفية دعم جمعية الكلاب المرشدة
هناك العديد من الطرق التي يمكن من خلالها دعم جمعية الكلاب المرشدة:
- التبرع: يعتبر التبرع هو الطريقة الأكثر شيوعاً لدعم الجمعية. يمكن التبرع بمبالغ مالية صغيرة أو كبيرة، أو تقديم تبرعات منتظمة.
- التطوع: يمكن التطوع في الجمعية في مجموعة متنوعة من المهام، مثل رعاية الجراء، والمساعدة في حملات التوعية، وتقديم الدعم للمستخدمين.
- شراء منتجات الجمعية: تقوم الجمعية ببيع مجموعة متنوعة من المنتجات، مثل الهدايا التذكارية، والتي يمكن شراؤها لدعم جهودها.
- نشر الوعي: يمكن نشر الوعي بقضايا الإعاقة البصرية، ودعم جهود الجمعية من خلال مشاركة المعلومات على وسائل التواصل الاجتماعي، أو التحدث مع الأصدقاء والعائلة.
خاتمة
تُعد جمعية الكلاب المرشدة للمكفوفين منظمة خيرية حيوية، تلعب دوراً مهماً في تحسين نوعية حياة الأشخاص الذين يعانون من ضعف البصر أو العمى. من خلال توفير الكلاب المرشدة المدربة، وتقديم الدعم والتدريب، والمشاركة في حملات التوعية، تعمل الجمعية على تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية، وتوفير فرص متساوية لهم في جميع جوانب الحياة. على الرغم من التحديات التي تواجهها، إلا أن الجمعية تواصل جهودها لتحقيق أهدافها النبيلة، وتدعو الجمهور إلى دعمها في هذه المهمة الإنسانية.
المراجع
- الموقع الرسمي لجمعية الكلاب المرشدة
- صفحة ويكيبيديا عن جمعية الكلاب المرشدة
- المعهد الوطني الملكي للمكفوفين (RNIB)
- المجلس الأمريكي للمكفوفين (AFB)
“`