<![CDATA[
حياته المبكرة وتعليمه
ولد روفيه هوتينغ في 16 ديسمبر 1929 في هولندا. درس الاقتصاد في جامعة أمستردام، حيث حصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد. خلال دراسته، اهتم بشكل خاص بالتأثيرات البيئية للنمو الاقتصادي، وهو موضوع لم يكن يحظى باهتمام كبير في ذلك الوقت.
مسيرته المهنية
بعد حصوله على الدكتوراه، انضم هوتينغ إلى مكتب الإحصاء المركزي الهولندي (CBS). في عام 1970، أسس قسم الاقتصاد البيئي في CBS، وترأسه حتى تقاعده في عام 1989. خلال فترة عمله في CBS، قاد هوتينغ فريقًا من الباحثين لتطوير طرق لدمج التكاليف البيئية في الحسابات الاقتصادية الوطنية.
كانت إحدى أهم مساهمات هوتينغ هي تطوير مفهوم “الندرة البيئية”. جادل هوتينغ بأن النمو الاقتصادي غالبًا ما يأتي على حساب تدهور البيئة واستنزاف الموارد الطبيعية. ونتيجة لذلك، تصبح الموارد البيئية أكثر ندرة، مما يؤدي إلى انخفاض الرفاهية الاجتماعية على المدى الطويل. اقترح هوتينغ أنه يجب على الاقتصاديين وصناع السياسات أن يأخذوا في الاعتبار هذه الندرة البيئية عند اتخاذ القرارات المتعلقة بالنمو الاقتصادي.
بالإضافة إلى عمله في CBS، كان هوتينغ أيضًا أستاذًا زائرًا في العديد من الجامعات، بما في ذلك جامعة ييل وجامعة كاليفورنيا في بيركلي. حاضر على نطاق واسع حول الاقتصاد البيئي وقدم المشورة للحكومات والمنظمات الدولية بشأن السياسات البيئية.
الندرة الجديدة والنمو الاقتصادي
نشر هوتينغ كتابه الأكثر شهرة، “New Scarcity and Economic Growth” (الندرة الجديدة والنمو الاقتصادي)، في عام 1974. في هذا الكتاب، جادل هوتينغ بأن النماذج الاقتصادية التقليدية تفشل في حساب التكاليف البيئية للنمو الاقتصادي. ويزعم أن التركيز على الناتج المحلي الإجمالي (GDP) كمقياس للرفاهية الاجتماعية مضلل، لأنه لا يعكس تدهور البيئة واستنزاف الموارد الطبيعية.
اقترح هوتينغ بدلاً من ذلك أنه يجب على الاقتصاديين استخدام مقياس أكثر شمولاً للرفاهية الاجتماعية يأخذ في الاعتبار التكاليف البيئية للنمو الاقتصادي. دعا إلى فرض ضرائب على التلوث واستخدام الموارد الطبيعية لتشجيع الشركات والأفراد على تقليل تأثيرهم البيئي. كما دعا إلى زيادة الاستثمار في التقنيات النظيفة والممارسات المستدامة.
أثر كتاب “New Scarcity and Economic Growth” (الندرة الجديدة والنمو الاقتصادي) بشكل كبير على مجال الاقتصاد البيئي. ألهم الاقتصاديين وصناع السياسات في جميع أنحاء العالم للنظر في الآثار البيئية للنمو الاقتصادي. لا يزال الكتاب يعتبر اليوم عملًا كلاسيكيًا في الاقتصاد البيئي.
مساهمات أخرى
بالإضافة إلى عمله في الندرة البيئية، قدم هوتينغ مساهمات كبيرة في مجالات أخرى من الاقتصاد البيئي. طور طرقًا لتقييم القيمة الاقتصادية للخدمات البيئية، مثل تنقية المياه وتلقيح المحاصيل. كما عمل على تطوير نماذج اقتصادية تأخذ في الاعتبار التفاعلات بين الاقتصاد والبيئة.
كان هوتينغ مدافعًا قويًا عن السياسات البيئية المستدامة. دعا إلى فرض ضرائب على الكربون للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. كما دعا إلى زيادة الاستثمار في الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة. اعتقد هوتينغ أن النمو الاقتصادي والبيئة يمكن أن يتعايشا، لكنهما يتطلبان تخطيطًا دقيقًا وسياسات حكيمة.
- تقييم الخدمات البيئية: طور هوتينغ طرقًا لتقييم القيمة الاقتصادية للخدمات البيئية، مثل تنقية المياه وتلقيح المحاصيل. هذه الطرق مفيدة في اتخاذ القرارات المتعلقة بالحفاظ على البيئة وإدارتها.
- النماذج الاقتصادية البيئية: عمل هوتينغ على تطوير نماذج اقتصادية تأخذ في الاعتبار التفاعلات بين الاقتصاد والبيئة. تساعد هذه النماذج الاقتصاديين وصناع السياسات على فهم الآثار المترتبة على السياسات الاقتصادية المختلفة على البيئة.
- السياسات البيئية المستدامة: كان هوتينغ مدافعًا قويًا عن السياسات البيئية المستدامة. دعا إلى فرض ضرائب على الكربون للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. كما دعا إلى زيادة الاستثمار في الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة.
الجوائز والتكريمات
حصل هوتينغ على العديد من الجوائز والتكريمات لعمله في الاقتصاد البيئي. في عام 1990، حصل على جائزة هاينكن للعلوم البيئية من الأكاديمية الملكية الهولندية للفنون والعلوم. في عام 1996، حصل على جائزة ليونتيف للاقتصاد من جامعة تافتس. في عام 2005، تم تعيينه ضابطًا في وسام أورانج ناساو.
بالإضافة إلى هذه الجوائز، تم تكريم هوتينغ لعمله من قبل العديد من المنظمات الأخرى، بما في ذلك برنامج الأمم المتحدة للبيئة والصندوق العالمي للطبيعة.
وفاته
توفي روفيه هوتينغ في 24 يونيو 2023 عن عمر يناهز 93 عامًا.
إرثه
يُذكر روفيه هوتينغ لعمله الرائد في الاقتصاد البيئي. ساعد في رفع مستوى الوعي بالتأثيرات البيئية للنمو الاقتصادي وطور طرقًا لدمج التكاليف البيئية في الحسابات الاقتصادية الوطنية. ألهم عمله الاقتصاديين وصناع السياسات في جميع أنحاء العالم للنظر في الآثار البيئية لقراراتهم.
سيستمر إرث هوتينغ في إلهام الأجيال القادمة من الاقتصاديين وعلماء البيئة. سيظل عمله ذا صلة بشكل خاص في عالم يواجه فيه تغير المناخ والتدهور البيئي تحديات متزايدة.
خاتمة
كان روفيه هوتينغ شخصية بارزة في مجال الاقتصاد البيئي، حيث ساهم بشكل كبير في فهم العلاقة المعقدة بين النمو الاقتصادي والبيئة. من خلال تطوير مفهوم “الندرة البيئية” والدعوة إلى سياسات بيئية مستدامة، ترك هوتينغ بصمة لا تُمحى على هذا المجال. سيستمر عمله في إلهام الباحثين وصناع السياسات في سعيهم لتحقيق مستقبل مستدام.