الحكومة والسياسة
في عام 1929، كان الرئيس الأمريكي هو كالفن كوليدج، الجمهوري من ولاية ماساتشوستس. استمر كوليدج في منصبه حتى أوائل مارس من ذلك العام، ثم خلفه هربرت هوفر، الذي فاز في الانتخابات الرئاسية عام 1928. شهدت فترة حكم كوليدج سياسات محافظة في المقام الأول، مع التركيز على الحد من الإنفاق الحكومي والتدخل في الاقتصاد. كان هوفر يمثل رؤية مختلفة، حيث وعد باتخاذ إجراءات أكثر حيوية لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي بدأت تظهر في ذلك الوقت.
من بين القضايا السياسية البارزة في عام 1929 كانت المناقشات حول قانون التعريفات الجمركية، المعروف باسم قانون سموت- هاولي للتعريفات الجمركية. تم تصميم هذا القانون لزيادة التعريفات الجمركية على السلع المستوردة بهدف حماية الصناعات الأمريكية من المنافسة الأجنبية. ومع ذلك، فقد أثار القانون جدلاً واسعاً، حيث اعتبره البعض عاملاً مساهماً في تفاقم الأزمة الاقتصادية العالمية.
شهد عام 1929 أيضًا العديد من التغييرات في القيادة السياسية على مستوى الولايات والحكومات المحلية. أجريت انتخابات في مختلف الولايات، مما أدى إلى تغييرات في السلطة وتغيير في السياسات المحلية. كما شهدت الفترة أيضًا صراعات سياسية تتعلق بقضايا مثل الإصلاح الزراعي والتعليم وحقوق المرأة.
الاقتصاد والمالية
كان عام 1929 نقطة تحول حاسمة في الاقتصاد الأمريكي. خلال معظم العشرينيات، شهدت البلاد فترة ازدهار اقتصادي كبيرة، مع نمو في الصناعة والتجارة وارتفاع في أسعار الأسهم. ومع ذلك، بدأت علامات التحذير تظهر في وقت مبكر من عام 1929. انخفضت الإنتاجية في بعض الصناعات، وتزايدت الديون الشخصية، وتوقفت أسعار الأسهم عن الارتفاع بنفس الوتيرة السابقة.
في شهر أكتوبر من عام 1929، حدث انهيار سوق الأوراق المالية. بدأ سعر الأسهم في الانخفاض الحاد، مما أدى إلى خسائر فادحة للمستثمرين. أصبح هذا الانهيار يعرف باسم “انهيار وول ستريت” أو “الثلاثاء الأسود”. كان لهذا الانهيار تداعيات اقتصادية مدمرة، حيث أدى إلى فقدان الثروة وتراجع الاستثمار وإفلاس البنوك. كانت هذه بداية “الكساد الكبير”، الذي استمر طوال العقد التالي وأثر على ملايين الأمريكيين.
شهد الاقتصاد الأمريكي في عام 1929 أيضًا زيادة في البطالة. مع تراجع الأعمال التجارية وإفلاس الشركات، فقد العديد من الأمريكيين وظائفهم. ارتفعت معدلات الفقر وزادت المعاناة الاجتماعية. حاولت الحكومة الأمريكية اتخاذ بعض الإجراءات للتخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية، ولكن هذه الإجراءات لم تكن كافية لوقف التدهور السريع.
من بين العوامل التي ساهمت في الأزمة الاقتصادية في عام 1929 كانت المضاربة في سوق الأسهم. كان العديد من المستثمرين يشترون الأسهم على أمل تحقيق أرباح سريعة، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الأسهم بشكل مبالغ فيه. عندما بدأ سعر الأسهم في الانخفاض، هرع المستثمرون لبيع أسهمهم، مما أدى إلى تفاقم الانهيار. عامل آخر هو زيادة الديون الشخصية، حيث كان العديد من الأمريكيين يقترضون المال لشراء السلع والخدمات. عندما بدأت الأزمة الاقتصادية، أصبح من الصعب على الناس سداد ديونهم، مما أدى إلى تفاقم المشاكل المالية.
المجتمع والثقافة
شهد عام 1929 تغييرات كبيرة في المجتمع والثقافة الأمريكية. استمرت فترة “العشرينيات الصاخبة” في التأثير على الحياة الاجتماعية، مع انتشار موسيقى الجاز والرقصات الجديدة. ومع ذلك، بدأ التوجه العام يتغير مع اقتراب الكساد الكبير. بدأ الناس يشعرون بالقلق بشأن المستقبل وتغيرت قيمهم وأولوياتهم.
شهدت صناعة السينما في عام 1929 تطورات مهمة. تم إطلاق الأفلام الناطقة، مما أحدث ثورة في صناعة السينما. ظهرت العديد من الأفلام الناطقة الناجحة في ذلك العام، مما جذب الجماهير إلى دور السينما. أصبحت السينما وسيلة ترفيهية رئيسية في المجتمع الأمريكي، وأثرت على الموضة والموسيقى والأسلوب العام للحياة.
كما شهد عام 1929 تغييرات في الأدب والفن. ظهرت أعمال فنية جديدة عكست القلق والإحباط الذي شعر به الناس في ظل الأزمة الاقتصادية. كتب العديد من الكتاب عن معاناة الناس في فترة الكساد الكبير، مما ساهم في تغيير الوعي العام. تأثرت الفنون البصرية أيضًا بالأزمة، حيث عبر الفنانون عن مشاعرهم من خلال اللوحات والمنحوتات.
بالإضافة إلى ذلك، شهد عام 1929 تغييرات في الحياة اليومية. بدأ الناس في تبني أساليب حياة جديدة، بما في ذلك التمسك بالتقشف وتوفير المال. تغيرت الموضة، وتأثرت الحياة الاجتماعية بالتغيرات الاقتصادية. أثرت الأزمة الاقتصادية على جميع جوانب الحياة الأمريكية.
أحداث مهمة
- انهيار سوق الأسهم: في أكتوبر 1929، شهدت وول ستريت انهيارًا تاريخيًا في سوق الأسهم، مما أدى إلى بداية الكساد الكبير.
- تولي هربرت هوفر الرئاسة: في مارس 1929، خلف هربرت هوفر كالفن كوليدج في منصب الرئيس.
- قانون سموت- هاولي: أقر الكونغرس قانون سموت- هاولي للتعريفات الجمركية، مما أدى إلى زيادة التعريفات الجمركية على السلع المستوردة.
- ظهور الأفلام الناطقة: بدأت الأفلام الناطقة في الانتشار، مما أحدث ثورة في صناعة السينما.
- الجرائم المنظمة: استمرت الجرائم المنظمة في الازدياد، لا سيما في المدن الكبرى، بسبب حظر الكحول.
التأثيرات طويلة المدى
ترك عام 1929 تأثيرات دائمة على الولايات المتحدة. كان الانهيار الاقتصادي بمثابة صدمة كبيرة للاقتصاد الأمريكي، وأدى إلى تغييرات جذرية في السياسات الحكومية والتشريعات. أدت الأزمة إلى إقرار قوانين جديدة لحماية المستثمرين والسيطرة على البنوك. كما ساهمت في ظهور برامج الرعاية الاجتماعية، مثل الضمان الاجتماعي، لمساعدة الفقراء والعاطلين عن العمل.
أثر الكساد الكبير على الثقافة والمجتمع. تغيرت قيم الناس وأولوياتهم، وأصبحوا أكثر حذرًا بشأن الإنفاق والادخار. أثرت الأزمة على الأدب والفن، حيث عبر الفنانون والكتاب عن مشاعرهم من خلال أعمالهم. كما أثرت على السياسة، حيث أصبح الناس أكثر اهتمامًا بالعدالة الاجتماعية والمساواة.
بشكل عام، كان عام 1929 بمثابة نقطة تحول في التاريخ الأمريكي. كان هذا العام بداية فترة صعبة، لكنه أدى أيضًا إلى تغييرات إيجابية على المدى الطويل. ساهمت الدروس المستفادة من الكساد الكبير في تطوير سياسات اقتصادية واجتماعية أفضل، والتي ساعدت على بناء مجتمع أكثر عدالة ومرونة.
خاتمة
شكل عام 1929 منعطفًا حاسمًا في تاريخ الولايات المتحدة، حيث شهد نهاية فترة الازدهار وبداية الكساد الكبير. تضمن هذا العام انهيار سوق الأسهم، وتولي هوفر الرئاسة، وإقرار قانون التعريفات الجمركية، وظهور الأفلام الناطقة، إلى جانب العديد من التغييرات في المجتمع والثقافة. تركت هذه الأحداث تأثيرات عميقة وطويلة الأمد على الاقتصاد والسياسة والمجتمع الأمريكي، مما أدى إلى تغييرات جذرية في السياسات الحكومية وظهور برامج الرعاية الاجتماعية وتغيير قيم الناس.
المراجع
- انهيار سوق الأسهم (History.com)
- هربرت هوفر (مركز ميلر)
- الكساد الكبير (موسوعة بريتانيكا)
- الاقتصاد في فترة الكساد الكبير (مكتبة الكونغرس)
“`