الخارجية (Externism)

نشأة وتاريخ الخارجية

لم تظهر الخارجية كجزء من نظام فلسفي متكامل، بل كفكرة عرضية في سياق مسرحيات وأفلام سيمرمان. ابتكر سيمرمان هذه النظرية كجزء من شخصيته الفكاهية، والتي غالبًا ما كانت تتضمن محاكاة ساخرة للنظريات العلمية والفلسفية السائدة في عصره. لا يوجد تاريخ محدد لنشأة الخارجية، فهي ظهرت تدريجيًا من خلال أعمال سيمرمان المتنوعة.

مبادئ وأسس الخارجية

تعتمد الخارجية على فكرة “العالم الخارجي”، وهو عالم افتراضي أو تجريبي يقع خارج نطاق إدراكنا المباشر. يزعم سيمرمان أن هذا العالم الخارجي هو المصدر الحقيقي للمعرفة والحقيقة، وأن إدراكنا للعالم الداخلي أو الواقعي لا يمثل سوى انعكاس مشوه أو غير كامل للعالم الخارجي. تعتمد الخارجية على عدة مبادئ أساسية:

الواقعية الخارجية: تؤكد الخارجية على وجود واقع موضوعي مستقل عن وعينا، وأن هذا الواقع يقع في العالم الخارجي.
النسبية الإدراكية: ترى الخارجية أن إدراكنا للواقع نسبي، ويتأثر بالعوامل الداخلية والخارجية.
اللامركزية المعرفية: تقترح الخارجية أن المعرفة لا تكمن في عقولنا فقط، بل تتوزع في العالم الخارجي.
التجريبية الوهمية: تؤمن الخارجية بأهمية التجربة، لكنها ترى أن تجاربنا محدودة وغير قادرة على الوصول إلى الحقيقة المطلقة للعالم الخارجي.

تطبيقات ومفاهيم مرتبطة بالخارجية

على الرغم من طابعها الساخر، يمكن ربط الخارجية بمجموعة من المفاهيم والتطبيقات:

نقد الذات: تهدف الخارجية إلى انتقاد الفكر الفلسفي والعلمي، من خلال إبراز حدوده ونقاط ضعفه.
الشك المنهجي: تشجع الخارجية على التشكيك في كل شيء، بما في ذلك الحقائق التي تبدو بديهية.
المنظور النقدي: تقدم الخارجية منظورًا نقديًا للعلاقة بين الذات والعالم، وتدعو إلى إعادة تقييم تصوراتنا للواقع.
السخرية كأداة معرفية: تستخدم الخارجية السخرية كأداة لتفكيك الأفكار الجامدة، وفتح الباب أمام أساليب تفكير جديدة.

الخارجية وعلاقتها بالفلسفات الأخرى

يمكن مقارنة الخارجية ببعض الفلسفات الأخرى، على الرغم من اختلافها في الجوهر والهدف:

الواقعية: تشترك الخارجية مع الواقعية في الإيمان بوجود واقع موضوعي، لكنها تختلف في رؤيتها لكيفية إدراكنا لهذا الواقع.
الشكوكية: تتشابه الخارجية مع الشكوكية في التشكيك في إمكانية الوصول إلى الحقيقة المطلقة، لكنها تختلف في استخدامها للسخرية كوسيلة للتعبير عن هذا الشك.
الوجودية: يمكن اعتبار الخارجية نوعًا من الوجودية الساخرة، التي تسلط الضوء على عبثية الوجود الإنساني.

انتقادات وجهت للخارجية

نظرًا لطبيعتها الخيالية والسخرية، تعرضت الخارجية لانتقادات عديدة:

الافتقار إلى الجدية: يرى البعض أن الخارجية تفتقر إلى الجدية اللازمة لتقديم أي مساهمة فلسفية حقيقية.
الاعتماد على السخرية المفرطة: يرى البعض أن السخرية تطغى على أي أفكار فلسفية قيمة قد تكون موجودة في الخارجية.
عدم وضوح المفاهيم: تعتبر بعض المفاهيم في الخارجية غامضة وغير واضحة، مما يجعل من الصعب فهمها وتقييمها.
الغموض المنهجي: تفتقر الخارجية إلى منهجية واضحة، مما يجعل من الصعب تطبيقها أو اختبارها.

أهمية الخارجية في الفكر التشيكي

على الرغم من طبيعتها الخيالية، لعبت الخارجية دورًا مهمًا في الفكر التشيكي، وخاصة في مجال الفن والأدب والمسرح:

السخرية السياسية: استخدمت الخارجية للسخرية من الأنظمة السياسية والقيم الاجتماعية السائدة في تشيكوسلوفاكيا في الحقبة الشيوعية.
نقد الثقافة: قدمت الخارجية نقدًا لاذعًا للثقافة السائدة، وسلطت الضوء على تناقضاتها ومفارقاتها.
الوعي بالذات الوطنية: ساهمت الخارجية في تعزيز الوعي بالذات الوطنية، من خلال إبراز الهوية الثقافية التشيكية.
التعبير الفني: أتاحت الخارجية للفنانين والمفكرين التشيكيين التعبير عن أفكارهم بطرق إبداعية، غالبًا ما كانت ممنوعة أو مقيدة.

الخارجية في الأدب والفن والمسرح

ظهرت الخارجية في العديد من الأعمال الأدبية والفنية والمسرحية في جمهورية التشيك:

مسرحيات سيمرمان: تعتبر مسرحيات سيمرمان أشهر تجسيد للخارجية، وهي تجمع بين الفكاهة والسخرية والنقد الاجتماعي.
الأفلام الوثائقية: تم تناول الخارجية في بعض الأفلام الوثائقية، التي تهدف إلى تحليل أعمال سيمرمان وشخصيته.
الأعمال الفنية: استلهم بعض الفنانين التشيكيين من الخارجية، وقاموا بإنشاء أعمال فنية تعبر عن أفكارها ومفاهيمها.
الأعمال الأدبية: ظهرت الخارجية في بعض الروايات والقصص القصيرة التشيكية، كمصدر إلهام أو موضوع للسخرية.

الخارجية والعلوم

على الرغم من أن الخارجية ليست نظرية علمية، إلا أنها غالبًا ما تسخر من المفاهيم العلمية، وتسعى إلى إبراز حدودها. يمكن رؤية هذا في:

محاكاة النظريات العلمية: غالبًا ما تتضمن أعمال سيمرمان محاكاة ساخرة للنظريات العلمية، مثل نظرية النسبية أو نظرية التطور.
نقد العلموية: تنتقد الخارجية العلموية، وهي الاعتقاد بأن العلم هو المصدر الوحيد للمعرفة.
التأكيد على دور العقل البشري: تؤكد الخارجية على دور العقل البشري في تفسير العالم، وتنتقد محاولات اختزال الظواهر المعقدة إلى معادلات رياضية بسيطة.

الخارجية والمجتمع

يمكن للخارجية أن تلقي الضوء على العديد من القضايا الاجتماعية والسياسية:

نقد السلطة: غالبًا ما تستخدم الخارجية للسخرية من السلطة، سواء كانت سياسية أو دينية أو ثقافية.
الدعوة إلى التفكير النقدي: تشجع الخارجية على التفكير النقدي، وعدم قبول أي شيء على أنه حقيقة مطلقة.
إبراز التناقضات الاجتماعية: تسلط الخارجية الضوء على التناقضات الاجتماعية، وتدعو إلى المساواة والعدالة.
السخرية من التعصب: تسخر الخارجية من التعصب بجميع أشكاله، سواء كان دينيًا أو سياسيًا أو ثقافيًا.

الخارجية في سياق الفكر العالمي

يمكن مقارنة الخارجية ببعض الاتجاهات الفكرية العالمية:

العبثية: تتشابه الخارجية مع العبثية في رؤيتها للوجود الإنساني على أنه بلا معنى.
ما بعد الحداثة: تتشارك الخارجية مع ما بعد الحداثة في الشك في السرديات الكبرى، ونقد المؤسسات السلطوية.
السخرية السياسية: يمكن ربط الخارجية بالسخرية السياسية، التي تستخدم الفكاهة لإثارة القضايا السياسية.

الخارجية كظاهرة ثقافية

تعتبر الخارجية ظاهرة ثقافية فريدة من نوعها، تجسد روح الدعابة التشيكية وثقافتها:

التراث الثقافي: تمثل الخارجية جزءًا من التراث الثقافي التشيكي، وتعتبر مصدر فخر واعتزاز للمواطنين التشيكيين.
الهوية الوطنية: ساهمت الخارجية في تشكيل الهوية الوطنية التشيكية، من خلال إبراز الخصائص الثقافية المميزة.
السياحة الثقافية: تجذب الخارجية السياح من جميع أنحاء العالم، الذين يأتون للاستمتاع بمسرحيات وأفلام سيمرمان.

التأثيرات على الخارجية

تأثرت الخارجية بعدة عوامل:

الواقع الاجتماعي والسياسي: تأثرت الخارجية بالواقع الاجتماعي والسياسي في تشيكوسلوفاكيا، وخاصة في الحقبة الشيوعية.
الفكر الفلسفي: تأثرت الخارجية بالفكر الفلسفي، وخاصة الفلسفات التي تؤكد على الشك والعبثية.
الأدب والمسرح: تأثرت الخارجية بالأدب والمسرح، وخاصة أعمال الكتاب والمسرحيين الساخرين.

الخارجية والمستقبل

من غير المؤكد كيف ستتطور الخارجية في المستقبل. ومع ذلك، من المحتمل أن تستمر في التأثير على الفكر والثقافة التشيكية، وربما تنتشر إلى ثقافات أخرى:

التطور المستمر: من المرجح أن تتطور الخارجية باستمرار، مع ظهور أفكار ومفاهيم جديدة.
الانتشار العالمي: قد تنتشر الخارجية إلى ثقافات أخرى، من خلال الترجمة والتكيف مع سياقات مختلفة.
التأثير على الفن والإبداع: من المرجح أن تستمر الخارجية في التأثير على الفن والإبداع، من خلال إلهام الفنانين والمفكرين.

خاتمة

الخارجية، على الرغم من طابعها الخيالي، تقدم نظرة فريدة إلى الفكر الفلسفي والعلمي. من خلال السخرية والنقد الذاتي، تشجع الخارجية على التشكيك في الحقائق المفترضة، وإعادة تقييم علاقتنا بالعالم. على الرغم من الانتقادات التي وجهت إليها، إلا أن الخارجية تمثل جزءًا مهمًا من التراث الثقافي التشيكي، وتستمر في التأثير على الفكر والفن والإبداع في جمهورية التشيك وخارجها.

المراجع

“`