نشأته وتعليمه
ولد فيكتور موردخاي غولدشميدت في عائلة يهودية ذات خلفية ثقافية وعلمية. تلقى تعليمه الأولي في ماينز، حيث أظهر نبوغًا مبكرًا في العلوم الطبيعية والرياضيات. بعد إتمام دراسته الثانوية، التحق بجامعة هايدلبرغ، حيث درس علم المعادن والكيمياء والفيزياء. كان من بين أساتذته البارزين روبرت فيلهلم بنسن، الكيميائي الشهير الذي اكتشف السيزيوم والروبيديوم.
حصل غولدشميدت على درجة الدكتوراه من جامعة هايدلبرغ في عام 1876، وكانت أطروحته تتناول دراسة المعادن النادرة الموجودة في منطقة الأودنوالد بألمانيا. بعد حصوله على الدكتوراه، عمل كباحث مساعد في الجامعة، حيث استمر في دراسة المعادن وتطوير أساليب جديدة لتحليلها وتصنيفها.
مسيرته المهنية
في عام 1880، انتقل غولدشميدت إلى جامعة برلين، حيث عمل كمحاضر في علم المعادن. وفي عام 1885، حصل على درجة الأستاذية في الجامعة. خلال فترة عمله في برلين، قام بتدريس العديد من الطلاب الذين أصبحوا فيما بعد علماء معادن بارزين. كما قام بنشر العديد من الأبحاث والمقالات العلمية التي ساهمت في تطوير علم المعادن.
في عام 1909، انتقل غولدشميدت إلى جامعة أوسلو في النرويج، حيث تم تعيينه أستاذًا لعلم المعادن وعلم البلورات. وقد قضى معظم حياته المهنية في أوسلو، حيث قام بتأسيس معهد أبحاث المعادن التابع للجامعة. وقد أصبح هذا المعهد مركزًا عالميًا لأبحاث المعادن والبلورات.
خلال فترة عمله في أوسلو، قام غولدشميدت بتطوير العديد من الأساليب الجديدة لتحليل المعادن، بما في ذلك استخدام الأشعة السينية لتحديد التركيب البلوري للمعادن. كما قام بتطوير نظام جديد لتصنيف المعادن يعتمد على تركيبها الكيميائي وبنيتها البلورية.
كان غولدشميدت عضوًا في العديد من الجمعيات العلمية، بما في ذلك الأكاديمية النرويجية للعلوم والآداب، والأكاديمية الألمانية للعلوم ليوبولدينا، والجمعية الجيولوجية الأمريكية. حصل على العديد من الجوائز والأوسمة تقديرًا لإسهاماته في علم المعادن.
إسهاماته العلمية
قدم فيكتور موردخاي غولدشميدت إسهامات كبيرة في علم المعادن وعلم البلورات، من بينها:
- تطوير أساليب جديدة لتحليل المعادن: قام غولدشميدت بتطوير العديد من الأساليب الجديدة لتحليل المعادن، بما في ذلك استخدام الأشعة السينية لتحديد التركيب البلوري للمعادن. وقد ساهمت هذه الأساليب في فهم خصائص المعادن بشكل أفضل.
- تطوير نظام جديد لتصنيف المعادن: قام غولدشميدت بتطوير نظام جديد لتصنيف المعادن يعتمد على تركيبها الكيميائي وبنيتها البلورية. وقد ساهم هذا النظام في تنظيم علم المعادن وتسهيل دراسة المعادن المختلفة.
- دراسة المعادن النادرة: قام غولدشميدت بدراسة العديد من المعادن النادرة، واكتشف العديد من المعادن الجديدة. وقد ساهمت هذه الدراسات في فهم تكوين القشرة الأرضية وتوزيع العناصر الكيميائية فيها.
- تطبيق علم المعادن في الصناعة: قام غولدشميدت بتطبيق علم المعادن في الصناعة، وساهم في تطوير العديد من العمليات الصناعية، مثل إنتاج الزجاج والسيراميك والإسمنت.
من بين أهم أعماله العلمية:
- “Atlas der Krystallformen” (أطلس أشكال البلورات): وهو عبارة عن موسوعة شاملة لأشكال البلورات المختلفة، وقد نشرت بين عامي 1913 و 1923.
- “Geochemische Verteilungsgesetze der Elemente” (القوانين الجيوكيميائية لتوزيع العناصر): وهي سلسلة من المقالات التي نشرت بين عامي 1922 و 1938، وتتناول توزيع العناصر الكيميائية في الطبيعة.
فلسفته الطبيعية
بالإضافة إلى إسهاماته في علم المعادن، كان غولدشميدت مهتمًا بالفلسفة الطبيعية. كان يعتقد أن العلم والفلسفة يجب أن يكملا بعضهما البعض، وأن العلم يمكن أن يساعدنا في فهم العالم من حولنا، وأن الفلسفة يمكن أن تساعدنا في فهم مكاننا في هذا العالم.
كان غولدشميدت يعتقد أن العالم الطبيعي تحكمه قوانين ثابتة، وأن هذه القوانين يمكن اكتشافها من خلال البحث العلمي. كما كان يعتقد أن الإنسان لديه القدرة على فهم هذه القوانين واستخدامها لتحسين حياته.
كان غولدشميدت متفائلاً بشأن مستقبل البشرية. كان يعتقد أن العلم والتكنولوجيا يمكن أن يحلوا العديد من المشاكل التي تواجه البشرية، وأن الإنسان يمكن أن يخلق عالمًا أفضل لنفسه وللأجيال القادمة.
تلاميذه
كان لفيكتور موردخاي غولدشميدت تأثير كبير على علم المعادن وعلم البلورات، وقد تتلمذ على يديه العديد من العلماء البارزين الذين ساهموا في تطوير هذه المجالات. من بين أبرز تلاميذه:
- لينوس باولنغ: عالم الكيمياء الأمريكي الحائز على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1954 وجائزة نوبل للسلام عام 1962. درس باولنغ علم المعادن تحت إشراف غولدشميدت في جامعة أوسلو في أوائل العشرينات من القرن العشرين. وقد تأثر باولنغ بغولدشميدت بشكل كبير، حيث ألهمه لمتابعة دراسة التركيب البلوري للمواد.
- كارل فيلهلم كورنز: عالم المعادن الألماني الذي ساهم في تطوير علم المعادن البصري. درس كورنز علم المعادن تحت إشراف غولدشميدت في جامعة برلين في أواخر القرن التاسع عشر.
- بول رامدور: عالم المعادن الألماني الذي ساهم في دراسة رواسب المعادن. درس رامدور علم المعادن تحت إشراف غولدشميدت في جامعة برلين في أوائل القرن العشرين.
حياته الشخصية
كان فيكتور موردخاي غولدشميدت شخصًا مثقفًا ومحبًا للمعرفة. كان يتحدث العديد من اللغات، بما في ذلك الألمانية والإنجليزية والفرنسية والنرويجية. كان يحب القراءة والموسيقى والفن. كان أيضًا محبًا للطبيعة، وكان يستمتع بالمشي لمسافات طويلة في الجبال والغابات.
تزوج غولدشميدت من آنا يوهانسون في عام 1882، وأنجبا ثلاثة أطفال. كانت آنا امرأة ذكية وداعمة، وقد ساعدت غولدشميدت في حياته المهنية. توفيت آنا في عام 1920.
توفي فيكتور موردخاي غولدشميدت في الثامن من مايو عام 1933 في مدينة سالزبورغ بالنمسا عن عمر يناهز الثمانين عامًا.
إرثه
يعتبر فيكتور موردخاي غولدشميدت من الشخصيات المؤثرة في علم المعادن وعلم البلورات. وقد ساهمت أبحاثه واكتشافاته في تطوير هذه المجالات. كما كان له تأثير كبير على طلابه، الذين أصبحوا فيما بعد علماء معادن بارزين.
لا يزال إرث غولدشميدت حيًا حتى اليوم. تستخدم أساليبه وتقنياته في تحليل المعادن في جميع أنحاء العالم. كما أن نظامه لتصنيف المعادن لا يزال مستخدمًا على نطاق واسع.
خاتمة
فيكتور موردخاي غولدشميدت، عالم المعادن والفيلسوف الطبيعي الألماني، يعتبر من الرواد الذين ساهموا بشكل كبير في تطوير علم المعادن وعلم البلورات. من خلال تطوير أساليب جديدة لتحليل المعادن ونظام جديد لتصنيفها، بالإضافة إلى دراساته للمعادن النادرة وتطبيق علم المعادن في الصناعة، ترك غولدشميدت بصمة واضحة في هذا المجال. كما كان له تأثير كبير على طلابه، الذين أصبحوا فيما بعد علماء بارزين. يظل إرثه العلمي حيًا حتى اليوم، وتستمر أبحاثه وتقنياته في إلهام الباحثين والعلماء في جميع أنحاء العالم.